بمناسبة اليوم الدولي للمرأة ونحن نحتفل بمساهمات نسائية لا غنى عنها في مختلف المجالات، نلقي الضوء على تجربة الضابطة هباهبة في جنوب السودان ورسالتها لمن يفكرن في الانضمام إلى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
منذ طفولتها أرادت أحلام محمد هباهبة أن تكون ضابطة شرطة، والدها ووالدتها شجعاها على أن تسعى لتحقيق أحلامها. وتقول في حوار أجراه القسم الإعلامي ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان "أنا سعيدة لأنهما علماني أن أفعل ما أحب. وبالفعل كان عملي في الشرطة أحد أفضل القرارات التي اتخذتها في حياتي".
اقرأ أيضاً : العالم يتحفل بيوم المرأة العالمي
جاء عملها في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام بمحض الصدفة. "كُلفت بالانضمام إلى فريق يعمل بمركز تدريب لعمليات حفظ السلام في الأردن. أعطاني ذلك فرصة لأن ألمس بشكل مباشر العمل المهم الذي يقوم به زملائي ممن يخدمون في بعثات حفظ السلام. كان هذا حافزا كبيرا لي لأتقدم للالتحاق بهذا العمل. وكانت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان أول البعثات التي أعمل بها".
التصدي للعنف ضد النساء
تسهم الضابطة أحلام هباهبة في بناء قدرات الشرطة الوطنية في جنوب السودان في مجال التعامل مع العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس والتصدي له.
وكما تقول "تأثرت النساء والفتيات بشكل غير متناسب بالعنف والاغتصاب الذي يُستخدم كثيرا كسلاح في الحرب في جنوب السودان. هدفنا هو تمكين الشرطة المحلية من دعم النساء ممن تعرضن للعنف الجنسي المرتبط بالصراع حتى لا يترددن في الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم بشكل رسمي وليتم تقديم الجناة إلى العدالة. إنه دور صعب ويتطلب قدرا كبيرا من تفهم الحساسية الثقافية، والمعرفة الشرطية، والقدرة على بناء العلاقات على أساس الاحترام والثقة المتبادلين".
تحديات فاقمتها الجائحة
واجهت ضابطة الشرطة الأردنية أحلام هباهبة تحديات في عملها وخاصة وأنها المرة الأولى التي تعمل فيها في مجال حفظ السلام، بالإضافة إلى عملها خارج بلدها الأردن في بيئة سياسية معقدة. وهنا تقول الضابطة هباهبة "فاقمت ذلك جائحة كـوفيد-19. إن علينا واجبا يحتم أن نحمي أنفسنا والمجتمعات المحلية من الفيروس، وفي نفس الوقت علينا مواصلة بناء علاقاتنا القوية مع الشرطة المحلية والتفاعل مع المجتمعات بأنحاء جنوب السودان، إلا أن هذا الأمر صعب في ظل الإغلاقات الناجمة عن الجائحة. ولكننا نبذل أقصى جهد في ظل الظروف الراهنة. هناك أيام أشعر فيها بأنني كان يمكن أن أفعل المزيد، ولكن عزائي أن العالم كله في نفس الظروف وعلينا جميعا التكيف الآن مع هذا الوضع الجديد الذي أصبح اعتياديا. ما زلت أنظم ورش العمل وأعمل في المواقع الميدانية في مختلف مناطق جنوب السودان عندما يكون ذلك ممكنا. ولكن كل التحديات قرّبتنا من بعضنا البعض كفريق، على الرغم من أننا نأتي من دول مختلفة. لقد أثرينا مهارات بعضنا البعض، وطورنا نهجا مبتكرة لإحداث فرق حقيقي في عملنا كل يوم".
المرأة وبعثات حفظ السلام: دور لا غنى عنه
في كل تعاملاتها مع نظرائها من الشرطة الوطنية، تلقت الضابطة هباهبة إشادة بخبرات الضابطات في شرطة الأمم المتحدة ومساهماتهن. وتضيف قائلة "والأهم أنني أرى فتيات صغيرات في جنوب السودان، وهي أحدث دولة في العالم، يتطلعن إلى ارتداء زي الشرطة والعمل في هذا المجال عندما يكبرن وأن يحدثن فرقا إيجابيا في حياة الآخرين. هدفنا نحن ضباط الشرطة يتمثل في حماية الناس وخدمتهم. وأعتقد أن ذلك يجد صدى إيجابيا لدى جميع من نقابلهم، ويُلهم الشباب الصغار".
وفي الختام تقول الضابطة أحلام هباهبة للفتيات والنساء اللاتي يفكرن في العمل في مجال حفظ السلام "لا تسمحن للتحيزات أو الصور النمطية بالتأثير على قراركن. الكثير من الناس، بما في ذلك الأسر، قد يحاول إثناءكن عن الخدمة في مجال حفظ السلام لشعورهم بالقلق من أن هذه الحياة صعبة على النساء. ورغم أن مجال العمل هذا قد يكون صعبا، ولكن العائد لا يُقدر بثمن. لا يوجد مجال عمل محصورا على جنس معين دون غيره، ما يستطيع شقيقك فعله، تستطيعين أنت أيضا أن تفعليه. بالنسبة لي شخصيا، فإن الخدمة تحت راية الأمم المتحدة تستحق كل تضحية قدمتها".