وضع الخبير الاقتصادي والمالي محمد البشير ملامح خطة للتعافي الاقتصادي لـ 5 سنوات مقبلات، تتمحور حول إعادة النظر في ملف ضريبة المبيعات بالتدريج، وإعادة قرار نسب هذه الضريبة على السلع والخدمات إلى مجلس النواب، فإعطاء هذا الحق للحكومة مخالف للدستور، والعودة إلى ضريبة الدخل التصاعدية، وفق ما جاء في المادة 11 من الدستور، وتخفيض نسبة الفائدة على القروض، وتخفيض نسبة الاقتطاع من الرواتب لتأمين الشيخوخة في "الضمان الاجتماعي".
وقال خلال مشاركته في فقرة "أصل الحكاية" ببرنامج "دنيا يا دنيا" على قناة رؤيا إن الأساس الموضوعي لما آلت إليه أوضاعنا الاقتصادية يعود إلى التشريعات، لذا فالحل يبدأ من مجلس النواب، الذي يُشرع القوانين، التي تؤثر على حياة الفرد المعيشية وعلى المؤسسات والهيئات كافة.
وأضاف أن تاريخ 31/12/1995 كان حاسمًا في التحولات الاقتصادية في الأردن، حينما ودع الاقتصاد الأردني التشريعات السابقة المتعلقة بضريبة الدخل، فقبل هذا التاريخ كان المُكلف يدفع بعد الإعفاءات على دخل 25 ألف دينارًا ضريبة دخل بقيمة 7420 دينارًا، وبعد ذلك يدفع 49.5% عن كل دينار من دخله فوق الـ 25 ألف دينار، والبنوك تدفع ضريبة دخل بنسبة 55%، والصناعة 38%.
أما بعد هذا التاريخ، فقد تغيرت الأحوال بالتدريج، فقد بدأت ضريبة المبيعات على السلع والخدمات، وهي ضريبة تُفرض على الجميع، الفقير والغني، الكبير والصغير، الأمر الذي زاد بالتدريج من تكاليف انتاج السلع والخدمات، لأن مدخلات الانتاج تدفع ضريبة المبيعات، والسلعة النهائية تدفع كذلك ضريبة مبيعات، والأخطر أن نسبة هذه الضريبة ارتفعت بالتدريج إلى أن وصلت 16%.
زاد في الطين بلة، وفق البشير، أن انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية، والانفتاح على الأسواق الخارجية استيرادًا وتصديرًا، سمح بتدفق السلع من دول قادرة على منافسة سلعنا داخل الأردن، وهو ما أضعف القطاعات الانتاجية، لأن تكاليف الإنتاج مرتفعة بسبب ضريبة المبيعات.
وقال إنه يضاف إلى ما سبق أن أثمان الطاقة مرتفعة جدًا، وهو ما يزيد أيضًا من تكاليف الانتاج، ويحد من قدرة المنتج الأردني على المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية، منبهًا أن الحكومة لم تقدم على مدى ثلاثين عامًا لمجلس النواب حسابًا ختاميًا لفاتورة الطاقة.
وأشار إلى ملف آخر في غاية الأهمية، ذي صلة مباشرة بملف ضريبة المبيعات، فقيمة ما يدفعه المواطنون على الاتصالات مليار دينار سنويًا، تذهب منها 500 مليون تقريبًا ضريبة مبيعات للحكومة.
كما أشار إلى ملف آخر يتعلق بالفوائد على القروض، فالفائدة تتراوح ما بين 9 إلى 11%، وهذه فائدة مرتفعة جدًا، ما يشكل عبئًا إضافيًا على المواطنين .. يشار أن قيمة القروض على الأفراد تصل إلى 11 مليار، وعلى القطاعات الاقتصادية المختلفة 18 مليار، وبذلك فإن مجموع القروض التي منحتها البنوك للأفراد والشركات تقترب من مديونية الحكومة.
إزاء ذلك قيمة موجودات البنوك 52 مليارًا، منها 5 مليار رؤوس أموال البنوك، و7 مليار احتياطات، والباقي ودائع، والسؤال هنا: من يحمي حقوق هؤلاء المودعين، يفترض أن تكون الحكومة عبر البنك المركزي، لكن الواقع غير ذلك، لذا آن الأوان أن يتدخل البنك المركزي في ضبط أسعار الفائدة، لتكون متسقة ما بين فائدة الودائع والقروض، إضافة إلى ضبط رواتب كبار الموظفين المهولة، حينذاك يمكن خلق توزان، وتوفير أموال لخرينة الدولة.
وقال إن كورونا حينما اجتاحت الأردن كانت الأوضاع الاقتصادية والمالية في وضع سيء، ما زاد من سوء الأحوال، ويدفع باتجاه العمل منذ الآن على تنفيذ تصورات حقيقة لإنقاذ الاقتصاد، وليس معالجات آنية، التي لا تحقق شيئًا على مستوى الاقتصاد الكلي.