نفى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، اليوم الإثنين، أمام المحكمة في القدس الشرقية المحتلة تهم الفساد الموجهة إليه فيما ستشهد محاكمته جلسات مكثّفة على مدى ستة أسابيع قبيل الانتخابات الرابعة خلال عامين والتي يسعى للفوز فيها بولاية جديدة.
ويعتبر نتانياهو أول رئيس للحكومة توجه له اتهامات رسمية وهو في منصبه بقبول هدايا فاخرة وسعيه لمنح تسهيلات تنظيمية لجهات إعلامية نافذة مقابل حصوله على تغطية إعلامية إيجابية.
أمضى نتانياهو (71 عاما) الذي يعتبر الاتهامات "ملفقة وسخيفة" الإثنين، عشرين دقيقة فقط داخل المحكمة التي وصلها واضعا كمامة واقية باللون الأسود، إذ أنه أجبر على المثول أمام القضاة لتقديم رد رسمي على الاتهامات.
اقرأ أيضاً : محكمة الاحتلال تستأنف التحقيق مع نتنياهو في قضايا الفساد
واستهلت القاضية رفقة فيلدمان فريدمان آخر جلسة استماع تمهيدية قبيل المحاكمة، بقراءة التهم الموجهة لرئيس الوزراء.
وقال رئيس الوزراء، الذي يشغل منصبه دون انقطاع منذ العام 2009، قبل خروجه من قاعة المحكمة "أؤكد الإجابة المكتوبة التي قدمت باسمي".
وستركز الجلسات المقبلة على الإدلاء بالشهادات وتقديم الأدلة.
خلال جلسة الإثنين التي استمرت لعدة ساعات بعد مغادرة نتانياهو، اتهم محامي رئيس الوزراء بوعز بن تسور، المدعي العام أفيخاي ماندلبليت- الذي عينه نتانياهو- بسوء التعامل مع الملف.
وقال بن تسور إن عناصر التحقيق مع رئيس الوزراء فتحت دون الحصول على التصاريح المطلوبة.
وقد يجبر نتانياهو على المثول أمام المحكمة عدة مرات أسبوعيا، في وقت بدأ حملته لخوض رابع انتخابات تشهدها تل أبيب في أقل من عامين في 23 آذار المقبل.
وظهر نتانياهو على شاشات التلفزيون أثناء دخوله إلى قاعة المحكمة المركزية في القدس الشرقية المحتلة، قبل وقت قصير من موعد بدء الجلسة في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي (7,00 ت غ).
وطلب محاموه تأجيل الجلسات لعدة أشهر بزعم حاجتهم إلى مزيد من الوقت للاستعداد نظرا لصعوبة القضية لكن القضاة لم يبتوا في هذا الطلب قبل انتهاء الجلسة.
وتأتي محاكمة نتانياهو الإثنين غداة تخفيف القيود الصحية المفروضة في إطار مكافحة تفشي وباء كوفيد-19 وبعد إرجاء الجلسة التي كانت مقررة أولاً في كانون الثاني.
التدخل في الانتخابات
وسبق أن مثل نتانياهو أمام المحكمة قبل تسعة أشهر وكان حينها حقق انتصارا سياسيا إذ شكل حكومة ائتلافية مع منافسه بيني غانتس، بعد ثلاث انتخابات غير حاسمة.
لكن هذا الائتلاف لم يدم طويلا وانهار في كانون الأول، وجدد غانتس وصفه لنتانياهو بأنه غير أمين.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المحاكمة ستضر بفرص إعادة انتخابه الشهر المقبل.
ولطالما أصر رئيس الكنيست الموالي لنتانياهو ياريف ليفين على ضرورة "تأجيل" المحاكمة.
وقال ليفين بأن المضي قدما في المحاكمة "سيساهم في التدخل الفاضح في الانتخابات".
وشدد ليفين على أنه ليس من العدل أن تجري المحاكمة خلال الحملة الانتخابية، بينما من المقرر ألا يقدّم فريق الدفاع مرافعاته لتفنيد الاتهامات إلا بعد يوم الانتخابات.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن حزب الليكود اليميني بزعامة نتانياهو لا يزال الأقوى، لكن قدرته على تشكيل أغلبية من 61 مقعدا مع حلفائه المتشددين والمتدينين غير مؤكدة.
كما يواجه نتانياهو ولأول مرة في حياته السياسية تحديا من أحد المنشقين البارزين عن حزب الليكود الذي يترأسه، هو جدعون ساعر الذي انفصل ليشكل حزبه الجديد.
ثلاثة ملفات
يواجه نتانياهو ثلاث قضايا منفصلة، أخطرها القضية المعروفة برقم 4000 أو "بيزك" وهي أكبر مجموعة اتصالات في تل أبيب، والتي اتهم فيها بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
ويتركز الاتهام حول سعي نتانياهو للحصول على تغطية إعلامية إيجابية على موقع (والا) الإخباري الذي يملكه شاؤول ايلوفيتش رئيس مجموعة بيزيك مقابل خدمات وتسهيلات حكومية عادت على مجموعته بمئات ملايين الدولارات.
أما ملف 2000، فيتعلق بمحاولة نتانياهو التوصل الى اتفاق مع مالك صحيفة يديعوت احرونوت الناشر أرنون موزيس، توفر بموجبها الصحيفة، وهي من الأكثر انتشارا في تل أبيب، تغطية إيجابية عنه.
في حين تتعلق القضية رقم 1000، بتهمة حصول نتانياهو على منافع شخصية عبر تلقي هدايا بقيمة 700 ألف شيكل (213 ألف دولار)، من المنتج الهوليوودي أرنون ميلتشان، و250 ألف شيكل (72 ألف دولار) من الملياردير الاسترالي جيمس باكر.
وينفي نتانياهو جميع هذه الاتهامات.
في حال إدانته، سيضطر نتانياهو إلى الاستقالة بعد استنفاذ جميع الطعون، لكن من المرجح أن تستغرق هذه العملية عدة سنوات.
وحث رئيس الوزراء الأحد أنصاره على عدم التظاهر خارج المحكمة مشيرا إلى الخطر الناجم عن نسخ فيروس كورونا المتحوّرة.
وشهد محيط المحكمة في القدس الشرقية الإثنين تواجدا مكثفا للشرطة لتأمين موكب رئيس الوزراء، في حين احتشد عشرات المتظاهرين في الخارج، حاملين لافتات كتب على إحداها "وزير الجريمة" والعلم، بينما وضع أحدهم على وجهه قناعا يجسد شخصية رئيس الوزراء.
وقالت المتظاهرة كلوديا مانوكيان: "نحن هنا لنزيل كل الفساد والقذارة التي تسبب بها".