قالت المستشارة الأكاديمية غدير الحطبة إننا ركزنا خلال الفترة الماضية على المتطلبات الأكاديمية والصحية لعودة الأطفال إلى رياضهم، والتلاميذ إلى مدارسهم، واهملنا البعد النفسي.
اقرأ أيضاً : حملة "فتح رياض الأطفال": نحتاج 4 سنوات للتعويض الأكاديمي عن فترة كورونا
وأضافت خلال مشاركتها في فقرة "أصل الحكاية" ببرنامج "دنيا يا دنيا" على قناة رؤيا أنه ينبغي وضع بروتوكول نفسي للعودة إلى المدارس ورياض الأطفال، لأن التأثيرات النفسية لانقطاع الأطفال عن الذهاب إلى مدارسهم متعددة، ومن شأن إهمالها إحداث تأثيرات عميقة على نفسية الأطفال، وحدوث تغييرات جذرية في شخصياتهم في المستقبل.
وأشارت إلى أن مراحل التعليم الأولى تُشكل شخصية الطفل، وتشهد النمو الفكري والنفسي له. وفي المدرسة يتواصل الطفل مع أقرانه، يتعلم منهم ويعلمهم، وتنمو لديه مفاهيم التعاون، وتنزاح مفاهيم الفردية.
لكن، ما جرى أن الطفل في المنزل خلال فترة العزل، ظل جامدًا أمام الشاشة، شاشة التلفزيون أو شاشة الكمبيوتر، وهذا زاد من عزلته، واتجاهه نحو الفردية.
خلال فترة كورونا، ومكوث الأطفال في البيوت، ارتفعت وتيرة الغضب عند الأطفال، خاصة في ظل أوامر الأسرة المتتابعة، وهذه الأوامر لا تراعي الاحتياجات النفسية للأطفال، ولا متطلبات التربية في مثل هذا العمر.
يزيد في الطين بلة، حينما تكون الأم عاملة، وتترك أطفالها لدى الخادمة، وهذه غير مؤهلة للتربية. أو تتركهم لدى أهلها أو أهل زوجها او لدى الجيران، وهؤلاء غالبًا ما يكونون من كبار السن، هم في الأساس يحتاجون رعاية، إضافة إلى أنه مضى على عهدهم بالتربية سنوات طوال.
خلال أشهر المكوث في المنازل، تراجعت فرص الأطفال في تعلم النطق السليم، والتركيز السمعي والبصري، والتعلم من الأقران، وضاقت مساحات التعبير عن الذات، بل اختفت في بعض الحالات، ناهيك عن أن الأسر لم تقدم تفسيرات مقنعة للأطفال لما يجري معهم، ولم تُجب عن السؤال المهم: لماذا لا يذهبون إلى المدارس ورياض الأطفال؟ وماذا يعني كورونا؟
وقالت إن العودة الآمنة إلى رياض الأطفال يحتاج بروتوكول نفسي، تتضافر فيه جهود المدرسة؛ إدارة ومعلمين وإرشاد نفسي؛ مع الأسر، خاصة أن الأطراف جميعًا نعيش مخاوف مشتركة، فالإدارة المدرسية تخشى وقوع إصابات بين الطلبة أو الهيئة الإدارية أو التعليمية، والمعلم يخشى وقوع إصابة في صفه، ويخشى على نفسه من الإصابة، والأم تخشى على طفلها من الإصابة. السؤال المهم هنا: كيف نبدد مخاوف كل هؤلاء؟
أولًا: ينبغي إعادة النظر في المحتوى التعليمي، بتعليم الطفل مهارات تؤهله لهذه العودة، عبر الأناشيد والألعاب.
ثانيًا: مفاهيم الحب والعطف اختلفت، ففي السابق كان الطفل يعبر عن حبه لزميله باقتسام ما يملك معه، لكن في ظل كورونا، اختلفت الأمور، فلا يجوز إعطاء هذا الطفل السندويشة لذاك، على سبيل المثال، ناهيك عن أن التعبير عن حب الطفل لزميله هو الاقتراب منه، ما ينبغي منا اقناعه بأن عدم الاقتراب هو حب أيضًا.
ثالثًا: في حال رفض الأهل إعادة أطفالهم إلى رياض الأطفال، أو المدرسة، ينبغي من الإدارة والمعلمين التواصل مع الأهل، ومناقشتهم، ومحاولة إقناعهم بأهمية العودة، وتبديد مخاوفهم.
رابعًا: تفعيل الإرشاد النفسي، وتعظيم دور المرشد النفسي.
خامسًا: ينبغي من طبيب الروضة أو المدرسة الجلوس إلى الطلبة والتحدث معهم، وشرح تفاصيل هذه المرض، ولماذا ينبغي أن نفعل هذا ولا نفعل ذاك.
هذه النقاط أساسية، ويوجد تفاصيل أخرى.
أما بخصوص تأهيل الأطفال لاحتمال إغلاق المدارس ورياض الأطفال من جديد، إذا ما تفاقم الوضع الوبائي "لا قدر الله". فينبغي من الأطراف المختلفة أن تبدأ منذ اليوم الأول لعودة الأطفال إلى مدارسهم ورياضهم أن يبدأوا بالتحدث للأطفال عن هذا الاحتمال، وتأهيلهم لوقوعه، وكيف يتصرفون إذا ما حدث ذلك؟