تبدأ الهند السبت حملة تلقيح بواسطة لقاح مصنّع محليا على الرغم من عدم استكمال تجاربه السريرية، إلا أن الحكومة تؤكد أنه آمن وفاعل.
وسلّطت منظمة "أول إنديا دراغ آكشن نتورك" المستقلة، الضوء على مخاوف أبداها خبراء، معربة عن "صدمتها" و"استغرابها" إزاء المصادقة الطارئة على لقاح كوفاكسين.
والهند متضررة بشدة جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، وهي تسجّل ثاني أعلى حصيلة إصابات في العالم بلغت أكثر من 10.5 ملايين إصابة، وأكثر من 150 ألف وفاة، خلف الولايات المتحدة والبرازيل.
اقرأ أيضاً : وفيات كورونا عالميا تتجاوز المليونين
وفي أوائل كانون الثاني، أعطت الهند الضوء الأخضر للقاح كوفيشيلد، وهو نسخة من لقاحي أسترازينيكا/أكسفورد طوّرها المعهد الهندي للأمصال، أكبر مصنّع للقاحات في العالم.
لكن الهند أعطت ايضا "مصادقة طارئة" أجازت من خلالها استخدام لقاح كوفاكسين المحلي الذي طوّرته شركة "بهارات بايوتك" والمجلس الهندي للأبحاث الطبية، على الرغم من أن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لم تستكمل بعد.
وأعلنت السلطات أن لقاح كوفاكسين قد يكون أكثر فاعلية ضد السلالات الجديدة من كوفيد-19 مقارنة بلقاحات أخرى تستخدم تقنيات مختلفة، من دون نشر أي بيانات تدعم هذه الفرضية.
واعتبر برابير تشاترجي اخصائي الطب المجتمعي في غرب البنغال، أن عدم نشر بيانات نتائج اللقاح يثير "قلقا بالغا لدى الأطباء وكبار الاخصائيين والعلماء".
وصرّح: "أعتقد أن لقاح بهارات بايوتك، بعد تقييمه، قد يكون الأفضل، الأبخس والأكثر عملية للدول النامية. لكن (...) لا أعتقد أنه يجب الإسراع في إطلاق عملية (التلقيح) بواسطته قبل التثبّت" من نتائجه.
واتّهم حزب المؤتمر الهندي أبرز أحزاب المعارضة، الحكومة بتعريض أرواح الناس للخطر. وقال وزير الصحة في ولاية تشاتيسغار إن لقاح بهارات "غير آمن".
ويشتبه معارضون لخطوة إطلاق حملة التلقيح قبل استكمال التجارب بأن المصادقة السريعة مردّها دفع رئيس الوزراء ناريندرا مودي باتّجاه "الاكتفاء الذاتي" وتوفير المال.
وردّت الحكومة على الانتقادات بالقول إن اللقاح "آمن بنسبة 110 بالمئة".
"كيرشنا وسوتشيترا إيلا"
تُعدّ شركة بهارات بايوتك التي أسسها الزوجان كريشنا وسوتشيترا إيلا في 1996، لاعبا أساسيا في مجال تصنيع اللقاحات.
وقد أنتجت أكثر من ثلاثة مليارات جرعة لقاح لأمراض عالمية على غرار فيروس زيكا والتهاب الدماغ الياباني، كما صنّعت جرعة مضادة لالتهاب الكبد الوبائي، باخسة الثمن.
وتعتزم الشركة إنتاج جرعات من لقاح كوفاكسين لدول أخرى مثل البرازيل.
لكن نشطاء اتّهموا الشركة بحرق المراحل وانتهاك القواعد في ما يتعلّق بإجراء التجارب في الهند.
وفي مدينة بوبال في وسط البلاد، دفعت مستشفى "الكلية الشعبية للعلوم الطبية والبحوث"، الشريك المحلي لبهارات، مبلغا قدره 750 روبية (ثماني دولارات) لكل من المتطوعين للمشاركة في التجارب السريرية والبالغ عددهم 1722 شخصا.
وقال نائب رئيس المستشفى راجيش كابور، إن مؤسسته تقيّدت بكل البروتوكولات وبقواعد الممارسات الأخلاقية، بما في ذلك تقديم المشورة للمتطوعين ومراقبتهم والحرص على نيل موافقة مستنيرة (أي اطّلاعهم بالشكل المناسب على ما يوافقون عليه)، وتأمين الرعاية في حال حصول مضاعفات صحية.
لكن عشرة مشاركين في التجارب، بعضهم أميون، قالوا لوكالة فرانس برس إنهم لم يطّلعوا بالشكل المناسب على ما وافقوا عليه.
وقال بعضهم إنهم لم يتلقوا أي وثائق أو أي إحاطة، فيما أكد آخرون أنهم تبلّغوا بأنهم يتلقون لقاحا سيصبح قريبا إلزاميا في البلاد.
وأصبح التبلّغ بالمخاطر وتوقيع وثائق الموافقة المستنيرة إلزاميا منذ تشديد الحكومة قواعد اختبار الأدوية التي تعد قطاعا مزدهرا في الهند، بعد بروز عدة فضائح.
وقال مانسينغ باريهار، وهو عامل مياوم أمي يبلغ من العمر 70 عاما، إنه أُحضر مع أربعة أشخاص آخرين إلى المستشفى في 21 كانون الأول وتلقى الحقنة. وصرّح لفرانس برس "لم يقولوا أي شيء (بالنسبة إلى أن اللقاح تجريبي). تلقيت الحقنة والمال وطلبوا مني المغادرة".
وأدلى مشاركون آخرون في التجارب بتصريحات مماثلة لنشطاء وخلال مقابلات أجرتها معهم وسائل إعلام هندية.
اقرأ أيضاً : بؤرة كورونا الأولى تسجل 144 إصابة جديدة
وقالت الناشطة راتشنا دينغرا "لم تؤخذ أي موافقة مستنيرة، ولم تسجّل أي عوارض جانبية، ولم تجر أي مراقبة أو ملاحقة".
وازدادت المخاوف الشعبية بعد صدور تقرير تم تداوله على نطاق واسع حول موت أحد المشاركين في التجارب بعد تسعة ايام من تلقيه الحقنة.
وخلص تشريح الجثة إلى الاشتباه بأن الوفاة ناجمة عن تسمم، فيما أعلنت بهارات أن الوفاة "غير مرتبطة" بجرعة اللقاح التجريبي.
ولم تتلق وكالة فرانس برس من بهارات أي رد على استبيان مفصّل أرسلته بالبريد الإلكتروني.
وعزّزت الحوادث المثيرة للجدل في بوبال الانتقادات للتجارب التي تجرى في الهند على لقاحات ولصوابية المسارعة لإطلاق حملة التلقيح في البلاد.
وقال خبير أخلاقيات علم الأحياء والسياسات الصحية أنانت بهان "يبدو أن أخطاء واضحة شابت طريقة إجراء هذه التجارب".