عندما شهدت إثيوبيا انتخابات تعددية للمرة الأخيرة العام 2005، ألقي القبض على المحامي دانييل بيكيلي خلال احتجاجات نددت بعمليات تزوير شابتها وأنتهى به الأمر سجينا لأكثر من عامين.
لكن فيما يستعد هذا البلد البلاد لإجراء انتخابات مهمة جدا العام المقبل، يجد دانييل نفسه في موقع مختلف تمامًا. فهو بات رئيسا للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المكلفة ضمان القضاء على التكتيكات الاستبدادية نفسها التي ألقت به سابقا في السجن.
مع هذا الهدف، بدأت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التي يرئسها دانييل تبرز على الساحة العامة، بإدانتها الانتهاكات الأخيرة بما في ذلك استخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن ضد متظاهرين عزل.
لكن بياناتها أثارت انتقادات من نواب ومسؤولين في منطقة أوروميا المضطربة في إثيوبيا، ما سلط الضوء على التحديات التي تواجه هدف رئيس الوزراء أبيي أحمد المعلن المتمثل في تمكين المؤسسات.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال دانييل الذي عين العام الماضي في هذا المنصب ، إن إثيوبيا تواجه "أزمة حقوق إنسان عميقة للغاية" لا بوادر على انحسارها.
وأضاف "للأسف، الأزمة السياسية بعيدة كل البعد عن الحل، من حيث الاستقطاب السياسي في البلاد وكيف يتكشف هذا الاستقطاب على أسس عرقية وعلى أسس دينية ويغذي صراعا عنيفا".
وتابع " يبدو لي أن إثيوبيا تمر بآلام الانتقال من الحكم القمعي إلى الحكم الديموقراطي".
وتولى دانييل لجنة لم تكن تتمتع بصدقة تذكر في صفوف النشطاء الدوليين.هيدي قصة الحجر دابحتنا كلنا
قالت ليتيسيا بدر، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في القرن الإفريقي، إنه رغم الوصول غير المسبوق للسجناء السياسيين، إلا أن الهيئة لم تفعل إلا القليل على مدى سنوات لزيادة الوعي بظروف الاحتجاز التعسفية، ناهيك عن تحسينها.
وقالت "كان من الواضح أنه لا توجد مصلحة سياسية في منحهم مساحة للعمل في مواضيع حساسة أو مثيرة للجدل".
استمر هذا النمط من خلال احتجاجات التي جاءت بأبيي إلى السلطة في 2018.
في تقرير صدر العام 2019 ، اتهمت منظمة العفو الدولية اللجنة بارتكاب "تحيز فاضح ضد الضحايا".
بعدما عينه أبيي لقيادة اللجنة، بدأ دانييل في إصلاح طاقمها والبحث عن تمويل خارجي للاستكمال موازنتها السنوية "الضئيلة للغاية" البالغة 85 مليون بير إثيوبي (حوالى 2,3 مليون دولار).
وهي تضع حاليًا اللمسات الأخيرة على تحقيقها الرئيسي الأول تحت إشراف دانييل الذي يتناول الاضطرابات التي خلفت أكثر من 160 قتيلاً في أعقاب مقتل نجم البوب هاشالو هونديسا المنتمي لمجموعة أورومو العرقية في حزيران/يونيو الفائت.
قال دانييل، الذي عمل سابقًا مع كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إن هذا النوع من التحقيق "يحتاج إلى قيادة ويجب أن يدعمه الإثيوبيون أنفسهم".
وتابع "عندما تتوافر مؤسسة وطنية ومجموعات محلية تتولى زمام المبادرة في هذا الأمر، فهذا يعني أن العمل يتم بواسطة أشخاص يعرفون السياق ويعرفون الثقافة ويعرفون اللغة".
ويتزامن ذلك مع مخاوف بشأن تراجع محتمل في سجل حقوق الإنسان في عهد أبيي، الحائز جائزة نوبل للسلام العام الماضي.
ودافع دانييل عن تصرفات الحكومة في بعض الحالات.
فبعدما نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً في أيار/مايو يتهم قوات الأمن بارتكاب 39 عملية إعدام خارج نطاق القضاء في أوروميا، قال دانييل لإذاعة إقليمية إنه بينما كانت عمليات القتل المسجلة "مروعة" ، فإن الباحثين الدوليين "فشلوا في إعطاء سياق مناسب".
وخلال المقابلة مع وكالة فرانس برس، رفض دانييل تأكيد تحذيرات جماعات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من العودة إلى ممارسات قمعية.
وأوقف أكثر من تسعة آلاف شخص في أعقاب مقتل هاشالو، ووجهت التهم إلى نحو 5728 في إطار أعمال العنف التي حصلت.
وردا على سؤال حول هذه التوقيفات، قال دانييل إنّ "عددا كبيرا من الأشخاص اوقفوا، لكن من المهم أيضًا أن نتذكر النطاق الواسع للعنف"، مضيفًا أن الإجراءات القضائية حتى الآن "عادلة بشكل معقول".
ومن بين المشتبه فيهم سياسيون معارضون يصرون على أن القضايا المرفوعة ضدهم لها دوافع سياسية.
قال دانييل "من المبكر إصدار حكم على هذا"، وتابع "ليس من المستغرب أن يعتبر المعارضون السياسيون أن أي تحرك ضدهم له دوافع سياسية".
اقرأ أيضاً : تل أبيب توافق على هجرة ألفي إثيوبي يهودي إلى أراضيها
وفيما يتعلق بالانتخابات المقبلة، التي لم يتم تحديد موعدها بعد، قال دانيال إنه سيعمل على إبقاء قضايا حقوق الإنسان "في الصدارة" قبل الاقتراع وخلاله وبعده.
وقال "ما لم تكن هذه الانتخابات ذات صدقية وحرة ونزيهة، فستكون انتكاسة كبيرة لمحاولة إثيوبيا إحداث تحول ديموقراطي".