نشرت صحيفة الانتبندنت البريطانية أكبر الأخطار التي يواجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعد اصابته بفيروس كورونا.
اقرأ أيضاً : طبيب ترمب: الرئيس لم يتجاوز بعد مرحلة الخطر
لأن الرجال الأكبر سناً هم الأكثر عُرضة للإصابة بأعراض قوية وربما مميتة لمرض كورونا الذي يُعد أحد سلالات فيروس كورونا الأربعة، ستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة في تحديد حالة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الصحية الذي تأكدت إصابته بالمرض مساء الجمعة ونقلته المروحية الرئاسية إلى مركز "والتر ريد" الطبي العسكري قرب واشنطن لتلقي العلاج على مدى عدة أيام. فهل كانت حالة ترمب خطيرة لدرجة استدعت نقله بسرعة إلى المستشفى؟ وما طبيعة الدواء التجريبي الذي يتناوله؟ وما هو المدى الزمني لتعافيه من المرض؟
حسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكناني فإن نقل الرئيس ترمب إلى مركز "والتر ريد" الطبي العسكري لتلقي العلاج تم بناءً على توصية من طبيبه وخبراء طبيين آخرين وأُجري بدافع الحذر الشديد، لكنها أوضحت أنه كانت لدى الرئيس أعراض خفيفة لم تحددها، وأنه في حالة معنوية جيدة وسيمارس مهمات منصبه من المستشفى.
سبب الانتقال إلى المستشفى
وبينما نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر في البيت الأبيض قولها إن الرئيس كان يعاني قبل نقله إلى المستشفى من حمى خفيفة وسعال واحتقان بالأنف، ومصاعب خفيفة في التنفس، فإن خبراء طبيين ومنهم هيلين باوتشر، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مركز تافتس الطبي في بوسطن، اعتبروا أن نقل ترمب إلى مركز "والتر ريد" يُظهر رغبة أطبائه في إبقائه تحت المراقبة الدقيقة في مركز طبي حيث يمكنهم توفير الأوكسجين والعلاجات الأخرى بسرعة إذا لزم الأمر لعلاج مرض كوفيد -19 الناجم عن فيروس كورونا.
ويوضح المتخصصون الطبيون أن الأدوية المعتادة يمكن أن تشمل الستيرويد ديكساميثازون، الذي ساعد مرضى عانوا من مشاكل خطيرة في التنفس، ومسيلات الدم لمنع التخثر، وريمديسفير وهو دواء مضاد للفيروسات أظهر فوائد محدودة لدى بعض المصابين بكورونا.
دواء تجريبي لترمب
غير أن البيت الأبيض أوضح أن ترمب يعالَج من مرض كوفيد-19 بخلطة (كوكتيل) من دواء تجريبي، حيث أصدر طبيب الرئيس، شون كونلي، مذكرةً أكد فيها أن الرئيس تلقى جرعة واحدة من 8 غرامات من كوكتيل أجسام مضادة تنتجه شركة "ريجينيرون" ومقرها نيويورك كإجراء احترازي.
وإلى جانب الدواء التجريبي، أشار كونلي إلى أن ترمب تناول أيضاً الزنك وفيتامين د والفاموتيدين وهو دواء يعالج حرقة المعدة أو ارتجاع الحمض، فضلاً عن تناوله الميلاتونين والأسبرين يومياً.
وكانت الشركة المنتجة للدواء التجريبي ذكرت في بيان صحافي قبل أيام أن الدواء لا يزال يخضع لتجربة إكلينيكية، وأن البيانات الأولى للتجارب التي أُجريت على 275 مريضاً كشفت أنه يقلل من قوة الفيروس ويخفض الوقت اللازم للتخفيف من أعراض مرض كوفيد-19، أكثر من علاجات العناية القياسية.
تعزيز الاستجابة المناعية
وأكدت شركة ريجينيرون أنها قدمت كوكتيل الأجسام المضادة التجريبية الذي أطلقت عليه اسم REGN-COV2 إلى البيت الأبيض بناءً على "طلب الاستخدام الرحيم"، الذي يسمح للمريض الذي يعاني من أعراض تهدد حياته أو مرض خطير بالحصول على منتج طبي تجريبي عندما لا تتوفر خيارات علاجية بديلة مشابهة أو مقبولة، بحسب محددات هيئة الغذاء والدواء الأميركية.
وقال جورج يانكوبولوس، رئيس شركة ريجينيرون وكبير المسؤولين العلميين، إن أعظم فائدة علاجية كانت لدى المرضى الذين لم تكوّن أجسادهم استجابةً مناعية فعالة، ما يشير إلى أن REGN-COV2 يمكن أن يكون بديلاً علاجياً للاستجابة المناعية التي تحدث بشكل طبيعي، مشيراً إلى أن "هؤلاء المرضى يكونوا أقل قدرةً على التخلص من الفيروس بمفردهم، وأكثر عُرضة لخطر المعاناة من الأعراض لفترات طويلة".
وبينما قالت الشركة إن 64 في المئة من المشاركين في البرنامج التجريبي، كان لديهم واحدة أو أكثر من المخاطر التي تؤدي إلى الأعراض الشديدة بما في ذلك السمنة، اعتبر عدد من الأطباء مثل الدكتور جون لابوك أن كوكتيل الأجسام المضادة يستند إلى منطق علمي، لكن لم يُثبَت حتى الآن أنه آمن وفعال، بخاصة في التعامل مع فيروس كورونا.
سباق ضد الفيروس
لكن ليونارد شلايفر، الرئيس التنفيذي لشركة ريجينيرون قال إن "النظام المناعي للرئيس ترمب في سباق ضد الفيروس، وإذا انتصر الفيروس، يمكن أن يكون لذلك عواقب وخيمة، ولهذا السبب فإن العلاج بالأجسام المضادة مُصمَم لجعلها معركة أكثر عدلاً، عبر منح جهاز المناعة لدى الرئيس دفعةً كافية لتحقيق الشفاء التام".
وقد يكون لسن ترمب المتقدم (74 سنة)، واستجابة جهاز المناعة لديه تأثير كبير على مسار مرضه الذي قد يتضح خلال الأيام العشرة المقبلة أو ربما لفترة أطول، في حال كان قد استنشق كمية كبيرة من الفيروس في عمق رئتيه.
حالة الرئيس الصحية
ووفقاً للمعلومات الصادرة عن البيت الأبيض بعد فحص ترمب البدني في شهر يونيو (حزيران) الماضي، فإن الرئيس يزن 244 رطلاً (110.6 كيلوغرامات)، مما يجعله بديناً إلى حد ما قياساً إلى طوله وهو 6 أقدام و 3 بوصات (190.5 سنتيمتراً) ، ولهذا يتناول ترمب عقار ستاتين لخفض ارتفاع الكوليسترول، كما أن ضغط دمه مرتفع أيضاً إلى حد ما.
وتصبح أجهزة المناعة البشرية التي تحارب الفيروس، أقل فعالية مع تقدم الإنسان في العمر. وعلى الرغم من انخفاض معدل إجمالي الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة خلال الأشهر الثماني لانتشار الوباء، فإن ما يقرب من 80 في المئة من الوفيات وقعت بين الأشخاص الذين يتجاوزون 65 سنةً، كما يموت الرجال الأكبر سناً أكثر من النساء الأكبر سناً.
معدلات إصابة كبار السن
ووفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يواجه الأشخاص في الفئة العمرية من 65 سنة إلى 74 سنة، خطراً أكبر بخمس مرات للعلاج بالمستشفيات و90 ضعفاً لخطر الوفاة من وباء كورونا مقارنةً بالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة.
وقال غراهام سنايدر، المدير الطبي للوقاية من العدوى وعلم الأوبئة في مستشفى جامعة بيتسبرغ، إن "شخصاً في الفئة العمرية التي ينتمي إليها ترمب يواجه كذلك خمسة أضعاف خطر دخول المستشفى مقارنةً بمَن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، كما أن خطر الموت أيضاً أكبر، وتزداد أيضاً احتمالية ظهور أعراض على الرئيس ترمب، وترتفع شدة تلك الأعراض مع تقدم العمر".
هل ترمب في خطر؟
ومن غير المعروف بعد ما إذا كان ترمب يعاني من حالات طبية أخرى يمكن أن تضعه في فئة عالية الخطورة، فوفق آخر فحص بدني له، لم يظهر أي دليل على إصابته بالسرطان أو أمراض الكلى أو السكري أو أي حالات أخرى تعرّض الناس لخطر أكبر.
وكان روني جاكسون طبيب ترمب السابق أوضح في عام 2018 أن الرئيس خضع لفحص أشعة مقطعية للشريان التاجي والأوعية الدموية كجزء من الفحص البدني الروتيني وكانت نتيجته 133، في حين أن ما يزيد عن 100 يشير إلى انسداد جزئي بطبقة البلاك في الأوعية الدموية ما يشير إلى الإصابة بمرض قلبي معتدل.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، زار ترمب مركز "والتر ريد" الطبي العسكري بشكل مفاجئ، ووصف البيت الأبيض الزيارة حينها بأنها فحص روتيني، ولكن مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" مايكل شميدت قال في كتاب أصدره عن ترمب إن نائب الرئيس مايك بنس وُضع على أهبة الاستعداد لتولي سلطات الرئيس إذا احتاج ترمب إلى إجراء طبي يتطلب تخديره، وهو ما علّق عليه بنس قائلاً إنه لا يتذكر شيئاً من هذا القبيل.
متابعة دقيقة
أما الآن وبعد إصابة الرئيس بالفيروس، فسيراقب الأطباء عن كثب استجابة جهاز المناعة لديه، بخاصة أن كثيرين يعانون من رد فعل مفرط من الجهاز المناعي، يمكن أن يدمر الأوعية الدموية الحساسة ويؤدي إلى تراكم السوائل والالتهاب الرئوي حيث يحتاج العديد من هؤلاء المرضى إلى أجهزة للتنفس الاصطناعي.
وخلال فترة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أيام من إصابة ترمب سيتابع الأطباء عن قرب حالته وما إذا كان هناك مضاعفات مثل الالتهاب الرئوي والجلطات الدموية والالتهابات البكتيرية التي جعلت كورونا مميتاً، على الرغم من أن بعض المضاعفات قد تحدث لاحقاً.
وقد تعتمد شدة مرض ترمب بشكل جزئي، على كيفية إصابته بالفيروس، حيث يعتقد باحثون أن الفيروس ينتقل عبر الهواء ويمكنه أن يطفو لمسافات على جزيئات زفير أصغر من قطرات الهواء داخل الجهاز التنفسي، فإذا حدث ذلك فقد يؤدي إلى إصابة أعماق الرئتين ويُحدِث نتائج أكثر خطورة، وفقاً لما يقوله عالم الأوبئة في جامعة كولومبيا جيفري شامان.
وأشار ألبرت كو، وهو عالم أوبئة الأمراض المعدية في جامعة يال، إن "كمية الفيروس التي تنتقل إلى المريض والتي تُسمَى الحمل الفيروسي، هي عامل مهم في تطور المرض، ففي أمراض معدية عدة، كلما زادت جرعة الحمل الفيروسي المعدية لديك، زادت مخاطر إصابتك بالعدوى، وزادت مخاطر إصابتك بمرض، فتحدث مضاعفات خطيرة قد تسبب الوفاة".
وينصح خبراء "هيئة الغذاء والدواء" أطباء البيت الأبيض باستخدام عقار ريمديسفير، فعلى الرغم من أن العقار قد تم ترخيصه من قبل "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" للحالات الخطيرة فقط، إلا أنه أظهر بعض الأمل في الحالات الأقل خطورة.