قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية إن آخر تقرير للبنك الدولي بين أن نسبة الفقر المدقع في الأردن وصلت بعد جائحة كورونا 27%، وهو ما يعني أن 27% من السكان في الأردن ينفقون أقل من 1.4 دينارًا لكل فرد منهم في اليوم.
وأضاف خلال مشاركته في فقرة "أصل الحكاية" ببرنامج "دنيا يا دنيا" على قناة رؤيا أن أسبابًا واضحة أدت إلى اتساع معدلات الفقر، أبرزها فقدان كثير من المواطنين أعمالهم.
وأشار إلى أن معدلات الفقر كانت قبل كورونا مرتفعة، ولا سيما أن شريحة واسعة من العمال يتقاضون أجورًا، أقل من احتياجاتهم، لذا فهم يصنفون فقراء، حتى وهم يعملون.
لكن الأخطر، ان الحكومة تحجم عن تقديم بيانات إحصائية عن الفقر بشكل دوري، كما تفعل مع معدلات البطالة، وحتى حينما تجري دراسات مسحية عن الفقر، فإنها لا تفرج عن كل التفاصيل، كما حدث مع آخر دراسة أنجزتها، التي ظلت تتحفظ مدة طويلة على نتائجها.
وحول حادثة رمي إمرأة ابنيها قبل أيام في حاوية نفايات بمنطقة الجبل الأخضر، أوضح عوض قائلًا: إن هذه الحوادث قليلة، وربطها بفقر العائلة أمر غير مستحب، والأفضل أن تحليل البيئة الحاضنة التي انتجت مثل هذه السلوكيات، لكن السؤال المهم: لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟
وفسر قوله بأن مجتمعات لا تعاني الفقر، كما هو حالنا، تشهد حوادث مشابهة لحادثة حي نزال.
وربط عوض بين الحال التي وصلنا إليها وسياسة الخصخصة التي انتهجتها الدولة الأردنية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فالخصخصة، وفقه، أضعف نظم الحماية الاجتماعية، وضيقت خيارات الناس في فرص العمل والتعليم والطبابة.
وقال إن الحكومات منذ تسعينات القرن الماضي اتبعت سياسات تقشفية في إطار برامج الإصلاح الاقتصادية و/ أو إعادة الهيكلة، التي نفذتها مع صندوق النقد الدولي، فقلصت الإنفاق العام، وتوسعت في التعليم الخاص، والرعاية الصحية في القطاع الخاص، وضغطت على الأجور في القطاع العام، ما انعكس أيضًا على الأجور في القطاع الخاص.
أدت هذه السياسات الحكومية إلى زيادة أعداد الفقراء، وأضعفت فرص التعليم والطبابة لدى الفقراء، ما شكل لدى الفرد إحساسًا أن حقه مهضوم، وبالتالي تلاشت الطبقة الوسطى، التي تعد أهم عامل لاستقرار المجتمعات.
وتساءل عوض: هل الفقر قدر؟ ويجيب هو بقوله: كلا، الفقر هو نتاج سياسات تتبعها الحكومات، وليس قدرًا.
من جانبه اعتبر عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة د. حسين محادين، الذي شارك في الفقرة نفسها عبر "سكايب"، أنه ينبغي دراسة وقياس كل حالة من الحالات الشاذة التي يشهدها المجتمع، كحادثة حي نزال، على حدة.
وقال إن غياب التكافؤ والزواج بالإكراه يُنتج سلوكيات غير مألوفة في المجتمع، مؤكدًا أن من حق الإنسان أن يعيش، بغض النظر عن طريقة مجيئه إلى الحياة، وأن نحاول ابعاد الوصمة الاجتماعية عمن يعيش ظروفًا استثنائية.
وقال إن الخصخصة غيبت الاقتصاد الاجتماعي، وجعلت كل خدمة لها ثمن، من دون أن يكافيء ذلك وجود دخل إضافي، لذلك فهو يعتبر الخصخصة متطلبًا سابقًا لحدوث الممارسات غير المألوفة، كحادثة حي نزال.
وأشار إلى أن الخصخصة عمقت الفجوة بين شرائح المجتمع، وخلقت ضغوط هائلة على الأفراد، أدت إلى تفكك أسري، وتراجع المنظومة القيمية، وتبرير الفقر، عند إطلاق تعبير المناطق "الأقل حظًا" على مناطق الفقراء، كأن الفقر مجرد حظ سيء، يصيب صاحبه.