تولى شينزو آبي منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ اليابان وقاد إصلاحات اقتصادية طموحة وتصدى لفضائح، لكن يبدو أن مشاكله الصحية قد تمكنت منه مجددا.
اقرأ أيضاً : رئيس الوزراء الياباني يعتزم الاستقالة لأسباب صحية
أعلن آبي الجمعة عزمه على الاستقالة بسبب المرض، في قرار مفاجئ يذكر بالمشكلة الصحية التي أجبرته على اختصار ولايته الأولى في 2007، بعد عام فقط على توليه المنصب.
وكان من المقرر أن يبقى في المنصب حتى أيلول 2021، موعد انتهاء فترة رئاسته للحزب، ما يسمح له بحضور مناسبة مهمة في ولايته التاريخية هي أولمبياد طوكيو 2020 الذي تم إرجاؤه.
وكان في فترة ما أصغر رئيس وزراء في تاريخ اليابان، واعتبر رمزا للتغيير والشباب عندما تولى مهام الحكومة في 2006.
لكنه كان أيضا من الجيل الثالث لعائلة سياسية محافظة من النخبة.
ولايته الأولى كانت مضطربة، شهدت فضائح وخلافات وانتهت باستقالة مفاجئة.
وبعد أن قال في البدء إنه يتنحى لأسباب سياسية، أقر لاحقا بأنه يعاني من مرض تم تشخصيه فيما بعد بالتهاب القولون التقرحي، وهو مرض يصيب الأمعاء.
وخضع للعلاج لأشهر. ولدى عودته للسلطة في 2012 قال إنه تغلب على المرض بمساعدة دواء جديد.
وولايته الثانية التي بات فيها رئيس الوزراء الذي بقي في المنصب أطول مدة في تاريخ اليابان، هيمنت عليها في الداخل استراتيجيته الاقتصادية التي أطلق عليها "آبينوميكس"، وتجمع بين زيادة الميزانيات والليونة النقدية والاصلاحات الهيكلية.
لكن اقتصاد اليابان بدأ بالتراجع حتى قبل أزمة فيروس كورونا المستجد التي قضت على المكاسب المتبقية.
واعتبرت طريقة تعاطيه مع الأزمة بطيئة ومربكة، ما أدى إلى تراجع نسبة التأييد له إلى أدنى المستويات خلال فترة حكمه.
- سجل متضارب -
على المسرح الدولي اتخذ موقفا حازما من كوريا الشمالية، لكنه سعى ليكون صانع سلام بين الولايات المتحدة وإيران.
وجعل من أولوياته بناء علاقة شخصية وثيقة مع دونالد ترامب، سعيا للحفاظ على أهم تحالفات اليابان، رغم شعار "أميركا أولا" الذي يرفعه الرئيس الأمريكي، وحاول إصلاح العلاقات مع روسيا والصين.
لكن هنا أيضا لا يخلو الأمر من تضارب. فترامب بحسب تقارير، لا يزال متحمسا لإجبار اليابان على دفع مبلغ أكبر للقوات الأميركية المنتشرة على أراضيها. وأخفقت طوكيو في تحقيق تقدم في حل قضية الجزر الشمالية المتنازع عليها مع روسيا، فيما فشلت خطة لدعوة شي جينبيغ لزيارة رسمية، وسط تصاعد مشاعر الاستياء الداخلي تجاه بكين.
وخلال ولايته تصدى لفضائح سياسة ومن بينها اتهامات بالمحسوبية أدت إلى تراجع نسبة التأييد له، لكن لم تتمكن من المسّ بسلطته، لأسباب منها ضعف المعارضة السياسية في اليابان.
وفيما لم يقم آبي بتكرار زيارة مثيرة للجدل عام 2013 إلى نصب لضحايا الحرب أثارت استياء إقليميا واسعا بل حتى توبيخا من الولايات المتحدة، تمسك بنهج متشدد تجاه كوريا الجنوبية بشأن خلافات مستمرة من فترة الحرب، وواصل الدفع بخطط لتعديل الدستور الياباني الذي يحرّم الحرب.
دخل آبي معترك السياسة بعدما عمل لعامين لدى مجموعة كوبي للفولاذ عقب تخرجه.
وتمكن آبي من الوصول إلى رأس السلطة عام 2006 عندما كان في الثانية والخمسين من عمره، وبات رئيس الوزراء الياباني الأصغر سناً. إلا أنه ما لبث أن استقال بعد عام واحد لأسباب صحية.
وبعد فترة بقي فيها بمنأى عن السياسة عاد إلى الحكم ليكون أشبه بمنقذ في كانون الأول/ديسمبر 2012، بعد الحكم الكارثي لليسار بين 2009 و2012، وهي سنوات طبعها زلزال وتسونامي في آذار/مارس 2011 أديا إلى الكارثة النووية في فوكوشيما.
وأعطى آبي أولوية للنهوض الاقتصادي معلنا عن الاستراتيجية الاقتصادية "آبينوميكس".
وسعى أيضا إلى زيادة معدل الولادات بجعل أماكن العمل أكثر مراعاة للآباء وخصوصا للأمهات. كما سعى لفرض ضريبة استهلاك مثيرة للجدل في 2019 تهدف للمساعدة في تمويل أماكن في دور الحضانة، للأطفال بعمر الثلاث سنوات وما دون، وكذلك للمساهمة في نظام الضمان الاجتماعي الذي تجاوز طاقته.