أمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجمعة بتحويل كنيسة أرثوذكسية قديمة أخرى أصبحت مسجدا ثم متحفا شهيرا في اسطنبول، إلى مكان عبادة للمسلمين.
ويأتي قرار تحويل متحف كاريه إلى مسجد، بعد شهر على قرار مماثل مثير للجدل يتعلق بموقع آيا صوفيا المدرج على قوائم التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو).
اقرأ أيضاً : أردوغان يزف بشارة لشعبه بإعلان أكبر اكتشاف نفطي في تاريخ تركيا
وأثار هذا الإعلان مخاوف على الفسيسفاء والجداريات داخل الكنيسة.
ورأت زينب ترك يلماظ وهي مؤرخة متخصصة في الامبراطورية العثمانية، انه من المستحيل ان يتم اخفاؤها موقتا خلال ساعات الصلاة كما يحصل في كاتدرائية آيا صوفيا السابقة لأنها تزين المبنى بأكمله.
وقالت "هذا يوازي التدمير لانه من المستحيل تحويل هذه الهندسة المعمارية الداخلية والحفاظ عليها في آن واحد".
- غضب أثينا -
يرى مراقبون أن عملية تحويل كنائس بيزنطية قديمة في الآونة الأخيرة ترمي إلى تحفيز قاعدة اردوغان الانتخابية المحافظة والقومية وسط أجواء من الصعوبات الاقتصادية فاقمها الوباء.
كما يلعب التوتر مع اليونان دورا بحسب ترك يلماظ "هناك إرادة لمحو آثار الحضارة اليونانية والمسيحية". وأضافت المؤرخة "بوضع اليد على موقع تابع للحضارة اليونانية يسعون إلى تذكير اليونان بأنها كانت جزءا سابقا من الامبراطورية التي كان الأتراك يسيطرون عليها".
ودانت اليونان الجمعة بشدة هذه الخطوة الجديدة ورأت فيها "استفزازا آخر بحق المؤمنين والمجتمع الدولي".
اقرأ أيضاً : إردوغان: تركيا لن تتراجع في شرق المتوسط أمام "العقوبات والتهديدات"
وانتقد غارو بايلان النائب المعارض في حزب الشعوب الديموقراطي (الموالي للأكراد) الخطوة بالقول "تمت التضحية برمز آخر في تاريخ بلادنا المتعددة الثقافة".
وقالت مراسلة لوكالة فرانس برس زارت الموقع بعد وقت قصير على نشر مرسوم إردوغان، إن المتحف كان لا يزال مفتوحا أمام الزوار، بعكس موقع آيا صوفيا الذي أغلق فور القرار في شأنه.
من جهتها قالت آنا نوموفا وهي سائحة روسية في ال25 من العمر "يقال انه سيتم تغطية قسم من الجداريات لأنها غير اسلامية. وقد تطرح هذه المسألة مشكلة للأشخاص الذين يحبون هذه الأمور وبالتالي لن يثير هذا الموقع اهتمامهم بعد اليوم".
وتاريخ هذا الصرح التاريخي المبني قبل ألف عام، يعكس تاريخ آيا صوفيا المجاورة له على الضفة الغربية من "القرن الذهبي" في الجانب الأوروبي من اسطنبول. وكنيسة "المخلص المقدس في خورا" كانت كنيسة بيزنطية من القرون الوسطى تحتوي على لوحات جدارية تمثل "الدينونة" لا يزال يثمنها العالم المسيحي.
وتم تحويل الكنيسة إلى مسجد كاريه بعد نصف قرن على سقوط القسطنطينية عام 1453 على أيدي العثمانيين.
ثم أصبحت متحف كاريه بعد الحرب العالمية الثانية في إطار جهود تركيا لإقامة جمهورية جديدة أكثر علمانية على أطلال الامبراطورية العثمانية.
وبعدها ساهمت مجموعة من مؤرخي الفنون الأميركيين في ترميم الفسيفساء الأصلية للكنيسة، وافتتحت للعامة في 1958.
لكن إردوغان في السنوات القليلة الماضية يركز أكثر على المعارك التي أدت إلى هزيمة بيزنطية على أيدي العثمانيين.
ووافقت أعلى محكمة إدارية في تشرين الثاني/نوفمبر على تحويل المتحف إلى مسجد.