تبدأ الاحتجاجات في الضفة الغربية المحتلة بتجهيز مكبرات الصوت التي تأخذ مكانها على المنصة ورفع العلم الفلسطيني والسماح للموظفين الحكوميين بالخروج قبل انتهاء دوام عملهم، لكن المشاركة الشعبية في رام الله للتعبير عن رفض مخطط الضم كانت خجولة.
اقرأ أيضاً : تل أبيب تستغل أزمة لبنان بسرقة "غازها الطبيعي" وبرلماني يتساءل: إعلان حرب؟
في تظاهرة 8 حزيران في مدينة رام الله، حضر حوالى 200 شخص على عكس المتوقع وجاءت المشاركة غير متوافقة مع تطلعات السلطة الفلسطينية التي دعت للتعبير عن الغضب في الشوارع ضد التحركات المحتملة لكيان الاحتلال.
ومن المتوقع أن تعلن تل أبيب عن جدول تنفيذ مخططها لضم مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية ابتداء من الأول من تموز.
وتتصاعد الإدانة الدولية تجاه مخطط الضم، الذي يعتبر جزءا من الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط والتي أعلن عنها أواخر كانون الثاني.
لكن الفلسطينيين رفضوا المخطط الأمريكي بشكل قاطع، وكذلك مخطط الضم.
وفي الشارع، لم تكن التعبئة ضد المخطط كما هو متوقع.
تقول المحللة السياسية نور عودة لوكالة فرانس برس "هناك إرهاق"، مضيفة "إرهاق من الوقوف في رام الله وانتظار الكاميرات لتظهر حجم غضبنا".
وتتساءل عودة "أنت تتحدث إلى نفسك، ماذا بعد؟".
وفي مدينة أريحا، نجحت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في تنظيم مسيرة حاشدة الإثنين الماضي.
اقرأ أيضاً : الفايز لرؤيا: لا يمكن لأمريكا أن تضحي بالأردن- فيديو وتفاصيل
ورفعت الحشود اللافتات الرافضة للضم، كتب على إحداها "فلسطين ليست للبيع" وأخرى تدين خطة ترامب.
ونقلت الحافلات التي استأجرها منظمو الحدث الآلاف إلى موقع الحدث، لكن غادر معظمهم قبل بدء الخطابات.
تقول عودة إن أحد أسباب مثل هكذا خلل يتمثل بشعور الإحباط من الزعماء الفلسطينيين الذين "وعدوا بإحلال السلام من خلال المفاوضات لكنهم فشلوا".
فجوة
احتل جيش الاحتلال الضفة الغربية في العام 1967. وفي العام 1993 تم التوقيع على اتفاقية أوسلو للسلام وتحديد نطاق الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.
لكن بعد نحو ثلاثة عقود، تزايدت الشكوك لدى بعض الفلسطينيين حول قدرة قادتهم على التفاوض مع تل أبيب على صفقة تكون مقبولة في الشارع الفلسطيني.
في غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية ما جعلها في مرمى الأهداف للاحتلال، يقول أحد المزارعين وقد فضل عدم الكشف عن اسمه، "السلطة الفلسطينية ضعيفة للغاية، ليس لديها سلطة".
ويرى الأكاديمي والمسؤول السابق في السلطة الفلسطينية غسان الخطيب، وجود "فجوة" آخذة في الاتساع بين الشعب الفلسطيني وقادته وهي تفسر علامات اللامبالاة فيما يتعلق بمخطط الضم.
ومن بين أسباب هذه الفجوة، عدم انعقاد الانتخابات منذ العام 2006.
وأظهر استطلاع للرأي نشر هذا الأسبوع من قبل مركز القدس للإعلام والاتصالات ومؤسسة فريديريش إيبرت-شتيفتونغ الألمانية، أن 83 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون انه من المهم إجراء الانتخابات.
من جهة ثانية، أبدى 13 في المئة فقط من المستطلعة أراءهم ثقتهم بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (85 عاما)، بينما وصف 76 في المئة منهم السلطة الفلسطينية التي يقودها بأنها فاسدة.
"الشارع سيقود"
ويشير الخطيب إلى أن التهديد بالضم يأتي في الوقت الذي يواجه فيه الفلسطينيون ظروفا اقتصادية صعبة للغاية بسبب جائحة كوفيد -19، إذ تشهد الضفة الغربية زيادة مطردة في أعداد الإصابات.
ويقول "يعاني الناس من مشاكل كثيرة في هذه الفترة".
وبحسب الأكاديمي، ينظر بعض الفلسطينيين إلى الضم باعتباره استمرارا لحملة طويلة الأمد "لتكريس الاحتلال" والتي تشمل البناء المنتظم والمتسارع للمزيد من المستوطنات.
ويتوقع الخطيب أنهم "ربما يعتقدون أن الضم ليس ذلك الإجراء الذي سيكون له تأثير كبير على حياتهم اليومية".
أما عودة فتحذر من اعتبار حجم المشاركة في المظاهرات الأخيرة "مقياسا" لرد الفعل الفلسطيني على خطوات الضم الإسرائيلية.
تقول عودة "الناس لا ينتظرون تعليمات من المسؤولين، الشارع سيقود".
وتشير عودة إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت أواخر العام 1978 قائلة "لم يتوقع أحد الانتفاضة الأولى".