دراما رمضانية خليجية تثير اتهامات بتشجيع التطبيع مع الاحتلال

هنا وهناك
نشر: 2020-05-21 09:58 آخر تحديث: 2020-05-21 09:58
الصورة أرشيفية
الصورة أرشيفية

أثار مسلسلان تلفزيونيان عرضتهما قناة "أم بي سي" المملوكة لرجل أعمال سعودي في شهر رمضان، جدلا في الخليج بعدما تطّرق أحدهما إلى العلاقات مع كيان الاحتلال وتناول الآخر قصة عائلة يهودية في الخليج.


اقرأ أيضاً : الفنانة الكويتية حياة الفهد: لست نادمة على مسلسل أم هارون


ولا تقيم المملكة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، لكن خبراء في شؤون الشرق الاوسط يتوقفون عند ما يعتبرونه مؤشرات منذ فترة على إمكانية حدوث تقارب بينهما، خصوصا في ظل عدائهما المشترك لإيران.

وتسبّب المسلسلان خلال الشهر الذي يتابع فيه الصائمون أعمالا درامية وكوميدية بشكل مكثّف على شاشات التلفزيون، وفي مقدمها "أم بي سي"، بسجال على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما رأى فيهما البعض تشجيعا على التطبيع.

في إحدى حلقات مسلسل "مخرج 7" الذي يروي قصة أب يحاول التأقلم مع التغيرات في المجتمع السعودي، يقيم شاب صداقة مع فتى من كيان الاحتلال عبر لعبة إلكترونية على الانترنت، ما يثير استغراب الأب الذي يلعب دوره الممثل السعودي الشهير ناصر القصبي.

وفي مشهد آخر في الحلقة ذاتها، يدافع شخص عن رغبته بإقامة علاقات تجارية مع كيان الاحتلال.

ويسأله القصبي "تريد ان تقيم أعمالا مع إسرائيليين؟"، فيرد عليه "ولم لا؟ ما الخطأ في ذلك؟"، ثم يجيب القصبي "نريد أن نظهر للولد (حفيده) أن الاسرائيليين أعداء فتأتي لتقيم معهم علاقات تجارية؟".

وكان رد الممثل الآخر "العدو هو الذي لا يقدّر وقفتك معه، ويكيل لك الشتائم ليل نهار أكثر من الإسرائيليين"، مضيفا "كل تضحياتنا من أجل فلسطين، دخلنا حروبا من أجل فلسطين، قطعنا النفط من أجل فلسطين (...) وما أن تحسن الفرصة حتى يهاجموا السعودية".

وقال القصبي "الفلسطينيون بشر"، موضحا "هناك فلسطينيون تعرّضوا لمذابح، وفلسطينيون باعوا أراضيهم لليهود (...) لكن تل أبيب هي التي تغذّي العداوة بينهم وبين باقي العرب".

أما مسلسل "أم هارون"، فيروي قصة طبيبة يهودية تعيش تحديات يومية في قريتها الكويتية خلال أربعينات القرن الماضي.

 بين التطبيع وحوار الأديان 

وشبكة "أم بي سي" التي عرضت المسلسلين مملوكة من الشيخ وليد آل ابراهيم، وهو يرئس مجلس إدارتها وكان بين عشرات رجال الأعمال والأمراء والسياسيين الذين اعتقلوا في خضم حملة "مكافحة فساد" في 2017. 

وأشارت تقارير إلى أن إطلاق سراح الشيخ وليد تمّ في إطار صفقة سمحت للسلطات السعودية بتوسيع نفوذها داخل الشبكة التلفزيونية الخاصة.

ويتناقض المسلسلان مع "النهاية"، وهو عمل دارمي مصري تناول "زوال" الكيان ما دفع بمسؤولين إسرائيليين الى مهاجمته.

وقال أحد مستخدمي تويتر "رسائل مسلسل مخرج 7 التطبيع مع الاحتلال"، بينما كتب آخر عن مسلسل أم هارون "المنتج المنفذ: إسرائيل".

لكنّ "أم بي سي" شددت على أنّ برامجها كانت بين الأكثر شعبية خلال شهر رمضان، وحصلت على أعلى التصنيفات، في حين قلّلت من شأن الانتقادات التي وجّهت لها بأنها تشجّع على التطبيع مع إسرائيل.

وقال المتحدث الرسمي باسمها مازن حايك لوكالة فرانس برس "يُنظر الى الشرق الأوسط منذ عقود على أنّه منطقة خوف وسفك دماء وكراهية وتطرف".

وأضاف "سعت البرامج إلى إظهار صورة أخرى للمنطقة تجسّد الأمل والتسامح والحوار بين الأديان. اتهام +التطبيع+ أصبح قديما بعض الشيء في زمن العولمة والتواصل السريع".

 فهم ردود الفعل 

ويرى مراقبون أنّ الأحداث في المسلسلين تسعى إلى "تطبيع" النقاش حول المسألة.

ويقول عزيز الغشيان، الأستاذ في جامعة "إسيكس" المتخصص في السياسة الخارجية للمملكة تجاه الكيان، "هذه البرامج مفيدة للدولة السعودية لفهم موقف الناس من الكيان وفلسطين". وتابع "إنها كأداة قياس لتحسّس ردود فعل الناس".

وهذه ليست المحاولة الأولى من نوعها.

ففي وقت سابق من العام الحالي، أعلنت المملكة عرض فيلم عن المحرقة لأول مرة في مهرجان سينمائي، قبل أن يتم إلغاء المهرجان بسبب فيروس كورونا المستجد.

ورفض كتّاب وإعلاميون سعوديون كثر الجدل الدائر حول عروض "أم بي سي"، مؤكّدين على موقف المملكة الرسمي بأنّ تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي شرط مسبق لتطبيع العلاقات.

لكن سجلت مؤشّرات عدة على تقارب محتمل، بغض النظر عن الموقف الرسمي.

فقد رحّبت الرياض بخطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط والتي يرى فيها الفلسطينيون انحيازا واضحا لصالح الكيان.

وفتحت المملكة المجال الجوي في 2018 للمرة الأولى لطائرة ركاب متجهة إلى إسرائيل.

وتتبنى دولا خليجية أخرى نهجًا مشابهًا. فقد استضافت سلطنة عُمان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في 2018، وسيّرت الإمارات هذا الأسبوع أول رحلة طيران معلنة إلى تل أبيب تحمل مساعدات للفلسطينيين لمواجهة فيروس كورونا.

ورفضت السلطات السعودية الرد على أسئلة لوكالة فرانس برس حول الموضوع.

واستضافت السعودية في شباط/فبراير حاخامًا من القدس في الرياض للمرة الأولى في التاريخ الحديث.

ونشرت وسائل الإعلام العبرية صورة للحاخام ديفيد روزن مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووصفتها بأنها "لحظة ثورية".

غير أنّ وكالة الأنباء السعودية الرسمية حذفت اسم روزين واقتطعت الحاخام من الصورة المنشورة على موقعها على الإنترنت.

أخبار ذات صلة

newsletter