أوضح الناطق الإعلامي للمجلس القضائي أن هناك عدة مواقع اخبارية متلفزة وإلكترونية قد نشرت خلال اليومين الماضيين بعض الاخبار والمقالات حول تعطل قطاع العدالة خلال فترة أزمة كورونا وأن المحاكم مغلقة، مما أدى إلى تأخر نظر الدعاوى وعطل مصالح وحقوق الأفراد والمؤسسات، ولما كان مضمون هذه الأخبار تعوزه الدقة فقد اقتضى توضيح سلسلة الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا السياق من قبل المجلس القضائي بالتنسيق مع كافة الشركاء في قطاع العدالة.
فاعتباراً من بداية الأزمة وتحديداً من تاريخ 15/3/2020 عمد المجلس القضائي إلى تنظيم اعمال المحاكم ووضع سياسات وإجراءات وقائية للتعامل مع الأزمة الصحية التي تمر بها المملكة وللحفاظ على السلامة العامة للمتقاضين ومراجعي المحاكم والدوائر التابعة لها، حيث تم تشكيل لجنة قضائية من قبل رئيس المجلس القضائي بالتنسيق مع وزير العدل لدراسة الاستعدادات التي يتوجب اتخاذها للحيلولة دون انتشار الفيروس وتحسباً لأي تطورات قد تؤثر على عمل المحاكم، وبناء على توصيات اللجنة قرر المجلس القضائي تأجيل النظر في كافة الدعاوى المنظورة لدى جميع المحاكم والمحددة جلساتها خلال الفترة الواقعة ما بين يوم الاثنين الموافق 16/3/2020 ويوم الاربعاء 15/4/2020 تلقائياً دون الحاجة لحضور الخصوم، وفق المواعيد (الأجندة) المُعدة لهذا الغرض والمُعلنة على موقع المجلس القضائي ونقابة المحامين، واعتبار هذه المدة جزء من العطلة القضائية لهذا العام، مع استمرار كافة المحاكم أعمالها بنظر بعض الدعاوى والطلبات التي تتطلب طبيعتها اتخاذ اجراءات مستعجلة لا تحتمل التأخير والقضايا الجزائية التي يوجد فيها موقوفين واستقبال الطعون القانونية وطلبات إخلاء السبيل.
ومع إعلان مجلس الوزراء للعطلة الرسمية اعتباراً من تاريخ 18/3/2020، قرر المجلس القضائي استمرار دوائر الادعاء العام بأعمالها خلال العطلة وبقاء جميع المحاكم مفتوحة وبالحد الأدنى لغايات تسيير الأعمال الطارئة، وتم انتداب عدد من السادة القضاة والمدعين العامين في جميع المحاكم الابتدائية في المملكة للعمل على نظر مخالفات أوامر الدفاع وجميع الطلبات المستعجلة سواء الجزائية أو الحقوقية وتمديد مدد التوقيف للموقوفين في مراكز الاصلاح والتأهيل، كما وتم انتداب هؤلاء القضاة والمدعين العامين لنظر قضايا الاحداث بالإضافة إلى أعمالهم، حيث استكملت دوائر الادعاء العام ومحاكم المملكة إجراءات التحقيق والمحاكمة فيما يزيد على عشرين ألف مخالفة لأمر دفاع منذ بداية الأزمة.
وفي ظل استمرار العطلة الرسمية، استأنفت محكمة التمييز واعتباراً من الاسبوع الثاني من الأزمة أعمالها باعتبار أن نظر الدعاوى أمامها تتم تدقيقاً دون حضور المحامون، وتم تنظيم عمل الهيئات القضائية وكوادرها بالتناوب على مدار الاسبوع الواحد مع مراعاة كافة تعليمات الصحة والسلامة المحددة من قبل وزارة الصحة، وبصورة تمكن السادة القضاة من دراسة ملفات القضايا المعروضة عليهم والمداولة فيها وإصدار الاحكام فيها، حيث أنجزت المحكمة ما نسبته (98%) من الدعاوى المعروضة عليها بواقع (1837) دعوى جزائية وحقوقية شاملة الغرفة الاقتصادية، واعيدت الى مصادرها وتبقى عدد محدود لا يزال في مرحلة الطباعة والتوقيع النهائي.
كما وتم التعامل مع الدعاوى المعروضة على محاكم الاستئناف ومحاكم البداية بصفتها الاستئنافية والمنظورة تدقيقاً بالآلية ذاتها التي أُتبعت لدى محكمة التمييز، حيث تم توزيع جميع هذه الدعاوى على الهيئات الحاكمة وتم تنسيق تواجدها في مراكز اعمالها بالتناوب لغايات المداولة وإعداد الأحكام، ومع نهاية شهر نيسان تم انجاز ما نسبته (100%) منها، بحيث يتبقى لدى هذه المحاكم الدعاوى المنظورة مرافعة، والتي تم الإيعاز لرؤساء المحاكم لأعداد خطة لنظرها مباشرة بصورة متتالية بعد انتهاء فترة الحظر بالتنسيق مع نقابة المحامين، مع إعطاء الخيار للمحامين لعقد المحاكمات باستخدام تقنية الحاكمة (عن بعد) في حال أن توافق الأطراف على ذلك.
أما فيما يتعلق بالدعاوى المرفوعة للتدقيق أمام محاكم الدرجة الاولى ومحاكم الاستئناف فقد تم العمل على تأمين جميع هذه الدعاوى للسادة القضاة في أماكن سكنهم لغايات استكمال دراستها واعداد القرارات الإعدادية والنهائية فيها، بحيث تكون تلك القرارات والأحكام معدة للنطق بها في أول جلسة عند حضور أطراف الدعوى.
أما وعلى نطاق دوائر تنفيذ الأحكام المدنية، فقد استمرت بالعمل خلال الأزمة لغايات ضمان تحويل المبالغ المودعة على حساب الدعاوى التنفيذية إلى المحكوم لهم في المواعيد المحددة دون تأخير باستخدام خدمة التحويل البنكي الالكتروني.
وانسجاماً مع خطط الحكومة لمواجهة انتشار فيروس كورونا أعد المجلس القضائي ووزارة العدل خطة اجرائية للتعامل مع قضايا مخالفي أوامر الدفاع من خلال استخدام تقنية المحاكمة (عن بعد) للتخفيف على المواطنين ولتنظيم العمل لدى مديريات الشرطة ودوائر الادعاء العام والمحاكم ومنع وقوع اكتظاظ في أروقتها، حيث تم البدء بإجراء التحقيق والمحاكمة (عن بعد) دون الحاجة إلى نقل المشتكى عليهم من مديريات الشرطة إلى دائرة الادعاء العام أو المحاكم بحيث تصدر الأحكام وتستوفى الغرامات والرسوم من المشتكى عليهم مباشرة لدى المراكز الامنية. ومن جهة أخرى، فقد رُعيَ في إجراءات التحقيق والمحاكمة في مخالفات أوامر الدفاع أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية ومعايير المحاكمة العادلة، حيث تم تأجيل عدد من الدعاوى التي أنكر فيها المشتكى عليهم مخالفتهم لأوامر الدفاع لغايات الاستماع لبينة النيابة و/او توكيل محامي، بالإضافة إلى الحرص على ضمان حق المشتكى عليهم بالطعن بالأحكام الصادرة في مواجهتهم وفقاً لأحكام القانون.
وبتاريخ 13/4/2020 وعلى ضوء تمديد مجلس الوزراء مدة العطلة الرسمية حتى نهاية شهر نيسان وعدم امكانية تحديد نهاية العطلة، فقد شكل المجلس القضائي لجنة قضائية عليا بمشاركة وزارة العدل ونقابة المحامين لغايات إعداد خطة لمواصلة نظر الدعاوى الجزائية (الجنايات بأنواعها والجنح) والموقوف على ذمتها عدد من المشتكى عليهم في مراكز الاصلاح والتأهيل بالتنسيق مع إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، وذلك من خلال توظيف التكنولوجيا وتقنية المحاكمات (عن بعد) منعـاً من إطالة أمد التقاضي في تلك الدعاوى والتي قد تكون نتيجة الحكم فيها ببراءة أحد الموقوفين، وحفاظاً على حقهم الدستوري في محاكمة عادلة، الذي يقتضي أن تتم اجراءات التحقيق و/أو محاكمتهم في مدة معقولة أو أن يتم الافراج عنهم بأسرع وقت، حيث اوصت اللجنة بضرورة تمكين المحامين من الحصول على تصاريح لغايات القيام بمهامهم والوصول إلى مكاتبهم والتواصل مع موكليهم وحضور الجلسات باستخدام التقنية حفــاظاً على حق الدفاع للموقوفين المكرس بموجب أحكام الدستور الأردني والاتفاقيات والعهود الدولية والتشريعات الناظمة، وعليه وبتاريخ 19/4/2020 وجه عطوفة رئيس المجلس القضائــــــي خطاباً لدولة رئيس الوزراء لمنح المحامين التصاريح اللازمة لذلك. وتم البدء بتطبيق المحاكمات عن بعد في عدد من المحاكم في الدعاوى الجنائية حيث تم نظر ما يقارب (253) جلسة عن بعد بالتنسيق مع مراكز الاصلاح والتأهيل.
وقد وضعت اللجنة المشار إليها آنفاً استراتيجية شاملة لإدارة قطاع العدالة في الظروف الاستثنائية والتي تضمنت التوصيات والخطط التشغيلية اللازمة لتنفيذها وإجراءات العمل المقترحة، بما في ذلك إعداد أدلة إجرائية تفصيلية للمحاكمات (عن بعد)، ومصفوفة لإجراءات استئناف المحاكمات في المحاكم بعد صدور قرار برفع الحظر وخطة تنفيذية لإدارة قطاع العدالة بعد انتهاء الأزمة. وقد جاءت الإجراءات التي تضمنتها مصفوفة استئناف المحاكمات متسقة والسياسات العامة في الدولة من حيث التأكيد على مراعاة تعليمات الصحة والسلامة العامة والتباعد الاجتماعي، وقد رُعيَ فيها:
إلغاء أجندة مواعيد الجلسات التي أقرت بموجب قرار المجلس رقم (67) لسنة 2020 الصادر بتاريخ 15/3/2020، على أن يتم تنظيم أجندة خاصة من قبل كل رئيس محكمة تباشر أعمالها بالتنسيق مع ممثل نقابة المحامين في كل محافظة.
تولي رئيس المحكمة التي تباشر اعمالها اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان السلامة العامة لكل من السادة القضاة والكوادر الإدارية ومراجعي المحكمة بالتنسيق مع وزارة العدل وضمان التباعد الاجتماعي، واتخاذ المقتضى القانوني في مواجهة من يخالف هذه التعليمات. وكذلك استخدام وسائل التبليغ الإلكترونية المعتمدة من قبل وزير العدل وهي البريد الالكتروني والرسائل النصية.
وضع جدول زمني للجلسات لدى الهيئات الحاكمة والتعميم على المحامين بالالتزام بالجدول الزمني والحضور في الموعد المحدد له من قبل الهيئة بهدف منع وقوع اكتظاظ داخل قاعات المحاكمة. بحيث لا يسمح لغير المتقاضين والوكلاء بالتواجد في قاعات المحاكمات.
استخدام وسائل التقنية الحديثة في المحاكمات، بحيث تسهل على المحامين والاطراف الدعوى الاجراءات وتمكنهم من اجراء ما يلزم عن بعد.
وقد باشرت محكمة العقبة الابتدائية وكذلك باقي محاكم اقليم الجنوب بما فيها محكمة استئناف معان على التوالي بناء على قرارات رفع الحظر باستئناف اعمالها واستقبال المراجعين سواء لنظر الدعاوى أو إجراء المعاملات اليومية بما فيها تسجيل الدعاوى الحقوقية والجزائية والإنذارات العدلية والطلبات الاجرائية التنفيذية مع مراعاة تعليمات الصحة والسلامة العامة، كما وباشرت محاكم اقليم الشمال بأعمالها على ضوء رفع الحظر عن محافظات الإقليم، وتم تركيب عدد من أجهزة التعقيم على مداخل عدد من المحاكم في إقليم الوسط والجنوب، ويجري العمل على تركيب عدد آخر في باقي المحاكم.
أما على نطاق المحاكم في محافظة العاصمة والزرقاء والسلط والرصيفة فقد بقيت مفتوحة واستمرت في اعمالها بناء على قرار المجلس القضائي باستثناء السادة القضاة والمدعين العامين من قرار الحظر بما فيها المحكمة الإدارية ومحكمة استئناف عمان، وباشرت أعمالها المعتادة وبالحد الأدنى من كوادرها اتساقاً مع القرارات والسياسات الحكومية للتعامل مع الأزمة وبصوة تحافظ على تعليمات الصحة والسلامة.
وخلال الفترة الواقعة ما بين رفع الحظر عن عدد محافظات المملكة وتاريخ هذه البيان فقد سجل لدى محاكم صلح الجزاء ما مجموعه (871) شكوى جديدة و(36) دعوى جنائية وتم اجراء ما مجموعه (307) معاملة لدى كتاب العدل وتم تسجيل ما مجموعه (1612) طلب إجرائي لدى دوائر تنفيذ الأحكام المدنية، وتم اجراء عدد من التحويلات المالية في دوائر التنفيذ.
ومن جهة أخرى، فقد حرص المجلس القضائي وفي جميع ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات للتعامل مع الأزمة على التنسيق المستمر والمباشر مع جميع شركائه سواء وزارة العدل أو نقابة المحامين أو الأجهزة الأمنية لضمان تعظيم الجهود المبذولة وتوحيدها لإدامة قطاع العدالة والحفاظ على حقوق المواطنين وحرياتهم والمصالح التجارية والاقتصادية للمؤسسات. كما وتم اشراك جميع الجهات المعنية بمخرجات الاستراتيجية الشاملة التي تم وضعها للتعامل قطاع العدالة مع الأزمة للتنسيق والبناء على ما تم انجازه خلال هذه الفترة، كما عمل المجلس القضائي وبهدف إعلام المعنيين بإجراءات التقاضي من الجمهور سواء المحامين والمواطنين بالقرارات والإجراءات المتخذة من قبله، بنشر عدة بيانات صحفية عبر وسائل الإعلام المرئية والالكترونية والتي اكدت بصورة مستمرة أن المحاكم مفتوحة ووضحت آلية عمل المحاكم خلال هذه الفترة.
وبالرغم من الخطط التي تم إقرارها وتطبيقها من قبل المجلس القضائي وبالتنسيق مع شركائه من وزارة عدل ونقابة المحامين والأجهزة الأمنية، إلا أنه ولعدم التزام المحامين بالحضور أمام هذه المحاكم وفق الجدول الزمني المعلن للجلسات والمعد بالتنسيق مع ممثل نقابة المحامين في المحافظات التي رفع عنها الحظر واستثناء جميع المحامين من قرار الحظر في المحافظات الأخرى، لم تستأنف الجلسات في الدعاوى كالمعتاد، والتي لا يمكن السير في اجراءات المحاكمة فيها إلا بحضور المحامين الوكلاء، على الرغم من الجهود المبذولة من قبل وزارة العدل وبالتنسيق مع المجلس القضائي لاستخدام الوسائل الالكترونية في التبليغات والتي تسهم في تبليغ المحامين والمتقاضين بموعد الجلسات الجديدة. وكذلك طرح امكانية عقد المحاكمـــــــــــات في الدعاوى الحقوقيـــــــــــة (عن بعد) بناء على اتفاق الوكلاء المحامون في الدعاوى سواء في محاكم الدرجة الاولى أو محاكم الاستئناف والمحكمة الادارية إلا أن هناك عزوف من قبل المحامين عن استخدام هذه الوسائل الالكترونية في أعمالهم بما فيها تسجيل الدعاوى ودفع الرسوم الكترونياً.
وقد تم مؤخراً تشكيل لجنة قضائية أخرى أُنيطَ بها مراجعة جميع الخدمات الإلكترونية المعدة من قبل وزارة العدل لغايات أتمتة اجراءات التقاضي وعددها (43) خدمة، وذلك لمعالجة أي قصور فيها أو اشكاليات وتطويرها بصورة تواءم متطلبات المرحلة الجديدة، وتسهم في استمرار قطاع العدالة في أعماله تحت أي ظرف من الظروف، ومن المتوقع أن تنجز اللجنة أعمالها قبل نهاية شهر رمضان المبارك ليتم اطلاق عدد من الخدمات الالكترونية الجديدة التي تعمل وزارة العدل حالياً على إعدادها.
في الختام نؤكد على أن كافة محاكم إقليم الشمال وإقليم الجنوب مفتوحة وبعد رفع الحظر باشرت اعمالها كالمعتاد وبإمكان من يرغب من المحامين المثول أمام الهيئات الحاكمة فيها ومتابعة دعواه. أما محاكم قصر العدل في العاصمة عمان ومحافظات الوسط فهي تعمل حاليا في الحد الأدنى ومن المتوقع ان تعود لمواصلة عملها المعتاد بعد عطلة عيد الفطر وبعد ان يتم التنسيق مع مركز ادارة الأزمات بهذا الخصوص نظرا للأعداد الكبيرة من المحامين والمواطنين التي تتواجد فيها يوميا ولتجنب ما امكن حدوث اكتظاظ فيها.