على وقع الإعلان الصاخب للخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن)، لا تقف ارتدادات خطوة ترمب - نتنياهو عند حدود الرفض والتنديد، فالنخب السياسية في الأردن - كما في فلسطين - منشغلة منذ ما قبل "حفل" الإعلان عن الخطة "التصفوية" بقراءة وتحليل ملامج المرحلة المقبلة واستحقاقاتها.
تزامنا مع تحذيرات قديمة جديدة من حلول إقليمية تنفذ على حساب الأردن أرضا وشعبا، يخرج رجل الدولة المخضرم عبد الرؤوف الروابدة في لقاء تلفزيوني محذرا من مرحلة عصيبة على الأردن الاستعداد لها، فيتحدث عن حصار اقتصادي متوقع تبعا لمواقف الأردن الأخيرة، معيدا إلى الذاكرة "الثمن" الذي دفعته عمان جراء موقفها عقب أزمة "احتلال الكويت".
في الأثناء يتحدث مراقبون عن مرحلة "إعادة قراءة" في الموقف الإقليمي تفرض نفسها على المطبخ السياسي الأردني، لافتين بكثير من الاهتمام إلى تقارب أكثر وضوحا بين عمان والدوحة في الفترة الأخيرة، ظهرت آخر ملامحها بما نقلته مواقع إخبارية، نقلا عن مصادر لم تسمها، حول زيارة وشيكة لأمير قطر الشيخ تميم إلى العاصمة الأردنية.
وبالعودة إلى بنود "الصفقة"، تتضح صعوبة فك الاشتباك في الأضرار الفلسطينية الأردنية المشتركة تحت عناوين كبيرة في مقدمتها ملفات القدس واللاجئين وضم الأغوار، القضايا ذات المساس المباشر بالأردن، سيادةً ووصاية، وأثراً جغرافياً وديمغرافياً.
اقرأ أيضاً : تصريحات خطيرة لخالد مشعل رئيس حماس السابق
وفي حديث لرجل دولة مخضرم آخر، يشير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري إلى وقوف الأردن "وحيدا" لدعم الأشقاء الفلسطينيين، دون أن يقف معه أحد، محذرا من ظروف "صعبة ومصيرية جدا".
وفي توصيف لافت، كان الكاتب السياسي ماهر أبو طير قد تحدث عن "أردن جديد تم إنتاجه"، منتقدا عدم وجود نخب تعمل على وقف الانهيار في قطاعات كثيرة، والإصرار على إنتاج نخب ضعيفة لا تحظى بثقة الناس.
الحديث عن النخب حاضر في حديث المصري والروابدة وغيرهما ممن أشاروا بوضوح إلى ضرورة حتمية لتغييرات تفرضها المرحلة على مستوى الحكومة ومجلس النواب، باعتبارهما السلطتين المنوط بهما تحمل أعباء مرحلة ما بعد "الصفقة" التي بات ظاهرا أن الأردن يقع في عينها.