بمناسبة اليوم العالمي للتعليم، أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات حول مخرجات التعليم المدرسي في الأردن وسبل تطويرها، حيث تناولت الورقة تحصيل الطلبة الأردنيين في البرنامج الدولي لتقييم الطلبة "بيزا" الذي يختبر مهارات الطلبة في الرياضيات والعلوم والقراءة، والذي يعد من أحد أهم المؤشرات لتقييم جودة مخرجات التعليم والذي تنظمه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وأظهر التقرير تحسناً في تحصيل الطلبة الأردنيين خلال السنوات الماضية، حيث ارتفع تحصيل الأردنيين في القراءة من 399 نقطة في العام 2012 إلى 419 نقطة في العام 2018، تحسن أداءهم في الرياضيات من 386 نقطة في العام 2012 إلى 400 نقطة في العام 2018. كذلك، شهد أداء الطلبة الأردنيين تحسناً في حقل العلوم اذ ارتفعت من 409 نقاط في العام 2012 إلى 429 نقطة في العام 2018.
وأظهرت الدراسة بأن تحصيل طلبة المدارس الأردنية في سن الخامسة في حقل القراءة كان 419 نقطة وهو أقل من المتوسط العالمي والبالغ 453 نقطة. وشكل تحصيل الطلبة الأردنيين 75% من أعلى تحصيل طلبة الدولة الأفضل أداءُ وهي الصين والتي حصل طلبتها على 555 نقطة، وبحسب المنتدى فإن هذا يعني وجود فجوة تقدر بـ25% لتحسين أداء الطلبة الأردنيين وصولاً لأداء يقارب أفضل دول العالم أداءً في هذا الفرع من الامتحان.
وفي قسم الرياضيات لتقييم "بيزا"، كان أداء الطلبة الأردنيين دون المتوسط العالمي كما في القراءة، حيث حقق الأردن 400 نقطة مبتعداً عن المتوسط العالمي بمقدار 59 نقطة وعن أفضل دولة في العالم (الصين) بمقدار 191 نقطة. أما بالنسبة للعلوم، فكان أداء الطلبة الأردنيين فيه هو الأفضل من بين الحقول الثلاثة للامتحان وكانت الفجوة في أداء الطلبة الأردنيين مقارنة بالعالم هي الأقل في هذا المجال، حيث حصل الطلبة الأردنيون 429 مقارنة بالمتوسط العالمي 458.
كما أظهرت الورقة الصادرة عن منتدى الاستراتيجيات الأردني بأن الاناث الأردنيات قد تفوقن على الذكور في كافة جوانب "بيزا"، حيث حصل الاناث على 444 في العلوم مقارنة مع 414 للذكور، و444 في القراءة مقارنة مع 393 للذكور، فيما تفوقن بهامش بسيط على أقرانهن الذكور في الرياضيات حيث حصلن على 403 مقارنة مع 397 للذكور.
عربياً، تشير البيانات إلى أن نسبة "ضعيفو الأداء" في الدول العربية الست المشاركة مرتفعة، في حين أن نسبة "مرتفعين الأداء" منخفضة للغاية مما يعكس فجوة في نوعية التعليم وهو ما ينعكس لاحقاً على التأهيل الجامعي والتقني. وفي هذا السياق، تشير ورقة منتدى الاستراتيجيات الأردني إلى أن أكثر من نصف طلبة المغرب ولبنان والمملكة العربية السعودية صُنفوا كطلبة ضعيفو الأداء في الحقول الثلاثة لتقييم "بيزا". أما في الأردن، فكانت نسبة الطلبة ضعيفو الأداء تقدر بـ28.4%.
وأشارت ورقة المنتدى إلى أن أداء الطلبة يتأثر بعوامل عدة أبرزها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة للبنية التحتية المدرسية وكفاءة المعلمين وكفاءة الإدارة المدرسية. وتشير النتائج إلى أن أداء الطلبة يتأثر بظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث أن نسبة الطلبة ذوي الأداء الضعيف كانت مرتفعة (55.4%) في الربع الأدنى من مؤشر الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ ويقيس هذا المؤشر مجموعة من المتغيرات المرتبطة بخلفيات أسر الطلبة والتي تتضمن المستوى التعليمي للوالدين ومهنتيهما وحيازة الأسرة للمسكن (كمؤشر على حجم الثروة) وعدد الكتب والموارد التعليمية المتوفرة في المنزل. وتنخفض نسبة الطلبة ذوي الأداء الضعيف إلى 25.8% في الأسر الواقعة في الربع الأعلى من مؤشر الحالة الاقتصادية والاجتماعية.
وتشير الورقة إلى أن 45.9% من الطلبة قد تأثروا سلباً بعدم كفاية المواد التعليمية. وقد تأثر 57.1% من الطلبة بضعف أو عدم كفاية البنية التحتية المدرسية، وتصل هذه النسبة في المدارس الحكومية إلى 62.2% بينما تصل في المدارس الخاصة إلى 37.6%.
كما تشير النتائج إلى نسبة تأثير ضعف كفاءة المعلمين على جودة العملية التعليمية في الأردن مرتفعة إذ تأثر بذلك نحو 40.3% من الطلاب، وهذه النسبة أكثر ارتفاعاً في المدارس الحكومية أو في المدارس التي تنتمي للربع الأدنى في مؤشر الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وبناءً على النتائج المذكورة أعلاه، خرج منتدى الاستراتيجيات الأردني بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحسين مخرجات التعليم المدرسي في الأردن وجعلها أكثر مواكبة لحاجات الأردن ومتطلبات العصر من خلال إصلاح العناصر المختلفة للعملية التعليمية. إذ أكد المنتدى على ضرورة التحول في الأساليب التعليمية من أساليب التلقين التقليدية إلى الأساليب التي تعزز التفكير الناقد ومهارات البحث العلمي لدى الطلبة، وتعديل المناهج لجعلها أكثر مواكبةً للتطورات العلمية العالمية.
كما أوصى المنتدى بضرورة ضمان استمرارية برامج تأهيل واعداد المعلمين والعمل على انخراط المزيد من المعلمين في وتنويع هذه البرامج وزيادة حجمها. وفي ذات السياق، قال المنتدى بأنه من الضروري العمل على تطوير أساليب لتقييم أداء مدراء المدارس الخاصة والحكومية لرفع الكفاءة الإدارية للمدارس لا سيما في ظل ارتفاع نسب غياب المعلمين.
وبالنسبة للتعليم الحكومي، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بالعمل على تعزيز السبل والآليات الرامية إلى تعظيم كفاءة الانفاق الحكومي على قطاع التعليم بهدف تحسين البنية التحتية المدرسية. كما ذكرت ورقة المنتدى بأن الحكومة يجب أن تعمل على الارتقاء بجودة التعليم الحكومي بما يستهدف المزيد من الطلبة في المدارس الحكومية وتقليل الفجوة التعليمية بين الطلبة المنتمين للطبقات الاجتماعية الأقل حظاً وأولئك الذين ينتمون لطبقات اجتماعية أكثر دخلاً.
ونظراً لحاجة الأردن لتزويد النشء الجديد بالمهارات الرقمية اللازمة لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، أكدت الورقة على الحاجة لزيادة استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية وتدريب الطلبة على توظيف التطبيقات الالكترونية المختلفة بهدف التعلم؛ إذ ما يزال استخدام التكنولوجيا في عملية التعليم متدنياً في الأردن حيث تشير دراسة صادرة عن مؤسسة الملكة رانيا للتعليم بأن استخدام معلمي الرياضيات والعلوم الذكور للتكنولوجيا في التدريس تتراوح بين 2%-4%، فيما تتراوح نسب استخدام المعلمات الاناث للتكنولوجيا في العرفة الصفية بين 8%-16%.