تحتفل دولة قطر، الاربعاء، بذكرى اليوم الوطني الموافق للثامن عشر من كانون الأول من كل عام، تحت شعار "حوى المجد والآداب في عشر سنّه .. ونال المعالي كلّها والمراجل"، والشعار الآخر الموازي "المعالي كايده".
وهذا البيت الشعري للشيخ المؤسس جاسم بن محمد بن ثاني طيب الله ثراه، يرثي فيه ابنه الشّهيد الشيخ جوعان، رحمهما اللّه تعالى، معدّداً مناقبه، فقد كان على حداثة سِنِّه متحلّياً بالأخلاق، وطالباً للعلم، وفارساً مقداماً في نيل المعالي، وتلك هي القيم التي تربّى عليها في بيئته القطريّة، فكانت له ولشباب مرحلة التأسيس خير مدرسة، فالشعار يعبّر عن إيمان الأجيال المتعاقبة من الشّباب القطري، بأنّ طريق المعالي شاقٌّ، يُدرك بسلاحي الأخلاق والعلم.
وفي مثل هذا اليوم الأغر من تاريخ قطر المجيد نستذكر السيرة العطرة للمؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الذي أرسى قبل قرابة مائة وأربعين عاماً عند تسلمه مقاليد الحكم في البلاد (يوم 18 كانون الأول 1878) دعائم الدولة الحديثة، وحافظ على سيادتها، وصان كرامة شعبها، وجعل من قطر الغالية دولة موحدة ومتماسكة ومستقلة وأسس لها القيم والمبادئ التي قامت عليها، ومضت بفضلها في دروب المجد والعز، تحقق الإنجازات وتصنع الأمجاد، وترعى الحقوق وتصون العهود وتغيث المحتاج وتنصر المظلوم وتنتصر للحق والعدل وتراعي حق الجوار وتتمسك بالقيم والأخلاق، وتقدم للعالم نموذجا مشرقا للدولة الآمنة والمستقرة القادرة على تحقيق أعلى معدلات التنمية، وتوفير أرقى سبل الحياة الكريمة لشعبها والمقيمين على أرضها.
ويأتي احتفال قطر بيومها الوطني هذا العام، وهي تفخر بأمجاد الماضي وتعتز بإنجازات الحاضر ويغمرها الأمل والتفاؤل والثقة بغد مشرق ومستقبل ملؤه العطاء والبناء والنهضة والتقدم في ظل قيادة سموّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحكومته الرشيدة.
ولعل أبرز ما يتقدم إنجازات الدولة هذا العام هو ما حققته علاقاتها الخارجية من نجاحات سياسية واقتصادية وعسكرية ودفاعية وتحالفات استراتيجية عبر انفتاحها على مختلف الدول والشعوب بدبلوماسية نشطة وهادئة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة .
وتميز العام الجاري 2019 بقيام سمو الأمير بجولات وزيارات خارجية شملت كلا من كوريا واليابان والصين والكويت والنمسا ورواندا ونيجيريا وباكستان والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وتأكيدا على الاحترام والتقدير الذي يكنه قادة الدول الشقيقة والصديقة لدولة قطر، زار الدوحة رؤساء كل من العراق والسودان والصومال وبلغاريا وبوتسوانا وفلسطين وأنغولا وغامبيا والبرازيل ورواندا وأرمينيا وتركيا وماليزيا، وكانت المصالح القطرية العليا والعلاقات الثنائية مع هذه الدول على رأس جداول أعمال المباحثات التي جرت خلال هذه الزيارات.
وفي إطار التفاعل الخارجي شارك سمو الأمير خلال عام 2019 في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت، والقمة العربية في تونس، كما شارك سموه في مؤتمر ميونخ للأمن، والقمة الخامسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا "سيكا" التي عقدت في قيرغيزيا، وفي اجتماعات الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الدولية التي عقدت بمدينة لوزان السويسرية.
وفي أيلول الماضي شارك سمو الأمير، في الجلسة الافتتاحية للمناقشة العامة للدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وألقى خطابا، تناول فيه أبرز القضايا الدولية المطروحة على جدول أعمال الدورة ومواقف دولة قطر منها ورؤيتها تجاه مختلف التحديات والأزمات الراهنة، وأشار سموه إلى أن دولة قطر أعلنت عن تقديم دعم للموارد الأساسية للأمم المتحدة بمبلغ 500 مليون دولار، يضاف إلى الدعم الذي سبق أن قدمته، بحيث أصبحت تعد اليوم ضمن قائمة أكبر الشركاء الداعمين للمنظمة الدولية في مختلف المجالات.
وشارك سمو الأمير في نيويورك أيضاً في جلسة التحالف المعني بتمويل الأنشطة المناخية وتسعير الكربون، وألقى كلمة، في الجلسة تناولت ظاهرة تغيُّر المناخ باعتبارها إحدى التحديات الخطيرة في عصرنا الحاضر، ومشكلة متفاقمة باستمرار، وأكد التزام قطر بمسؤوليتها كشريك فاعل في المجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة، معدداً ما قامت به من إجراءات وخطوات ومبادرات في هذا الشأن داخليا وخارجيا، ومنها التزام دولة قطر بصفتها دولة مستضيفة لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، بتنظيم بطولة صديقة للبيئة، وأول بطولة "محايدة الكربون" عبر استخدام الطاقة الشمسية في الملاعب، واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفِّرة للطاقة والمياه. كما أعلن سمو الأمير عن مساهمة دولة قطر بمبلغ 100 مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نمواً للتعامل مع تغير المناخ والمخاطر الطبيعية والتحديات البيئية، وبناء القدرة على مواجهة آثارها المدمِّرة.
وفي كانون الأول الحالي، وتفاعلا مع الاهتمامات الدولية، قام سمو أمير البلاد ورئيس جمهورية رواندا بول كاغامي بتسليم، جوائز النسخة الرابعة من "جائزة سموه الدولية للتميز في مكافحة الفساد"، وذلك في حفل أقيم بالعاصمة الرواندية كيغالي.
وقد استطاعت الدولة أن تحقق إنجازات ملموسة في زمن قياسي وذلك نتيجة للتخطيط السديد، واتباع استراتيجية محكمة تتكامل فيها جميع القطاعات المؤثرة في البلاد ، ونجحت بتجاوز آثار الحصار الجائر المفروض عليها للعام الثالث على التوالي وباتت بعده أكثر قوة ومنعة وتماسكا، وأكثر اعتمادا على الذات، محققة أعلى معدلات النمو الاقتصادي، فيما يجري استكمال المشاريع الكبرى والمشاريع المرتبطة بكأس العالم 2022 ، وتطوير البنية التحتية في المناطق الحرة والاقتصادية والصناعية واللوجستية، وشهد الاقتصاد الوطني انتعاشا كبيرا بافتتاح أكثر من 800 شركة قطرية في مجال التصنيع الغذائي والخدمات والصناعات التحويلية، فضلا عن توسعة عدة مدن صناعية لتوفير الأراضي للمزيد من المشاريع والفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات.
ويدعم العجلة الاقتصادية في البلاد أسطول الخطوط الجوية القطرية الذي يضم أكثر من 250 طائرة تصل قطر عبر مطار حمد الدولي بأكثر من 160 وجهة حول العالم، وكذلك ميناء حمد البحري الذي يعد من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط، والذي ساهم في ربط قطر بأكثر من 40 ميناء في قارات العالم.