واجه مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في مدريد خطر الفشل السبت بعدما أدت المفاوضات التي استمرت طوال الليل لمزيد من الانقسامات بين المشاركين بشأن سبل مواجهة الاحتباس الحراري.
واعترض مندوبو الدول الغنية والدول الناشئة وأفقر دول العالم على مشروع نص نهائي كشفته تشيلي في محاولة فاشلة لإيجاد أرضية مشتركة.
وفي أعقاب عام شهد كوارث مرتبطة بالمناخ مثل العواصف القاتلة والفيضانات وحرائق الغابات بالإضافة لإضرابات اسبوعية لملايين الشبان، كان على المفاوضات في مدريد أن ترسل إشارة واضحة الى رغبة الحكومات في معالجة الأزمة.
وتهدف قمة "كوب 25" أيضا لوضع اللمسات الأخيرة على قواعد اتفاق باريس للمناخ المبرم في العام 2015 والذي يدخل حيز التنفيذ العام المقبل.
لكن المندوبين اعربوا السبت عن استيائهم مما وصفوه بالخطوات المتخلفة بشأن القضية الرئيسية، اي مدى رغبة كل دولة بالمساعدة في تجنب كارثة التغير المناخي.
وقال كارلوس فولر، كبير المفاوضين في "تحالف الدول الجزرية الصغيرة" التي تتأثر أكثر من سواها بالتقلبات المناخية في الجلسة العامة لصوغ النص النهائي "كل الإشارات إلى العلم باتت أضعف وكل الإشارات إلى تعزيز (الطموح) انتهت. يبدو أننا نفضّل أن ننظر إلى الوراء بدلا من التطلع إلى الأمام".
وحتى بعد المحادثات الماراثونية بين الوزراء، أفاد مراقبون ومندوبون وكالة فرانس برس أنه لا تزال هناك انقسامات كبيرة حيال عدد من القضايا.
وخلال المؤتمر، عادت إلى الواجهة الانقسامات القديمة بين الدول الغنية الملوثة للبيئة والدول النامية بشأن الجهة التي عليها خفض انبعاثات غازات الدفيئة ومقدار ذلك وكيفية دفع المبالغ الطائلة التي تحتاج اليها البشرية للتكيف مع التغير المناخيّ.
وكان يفترض أن يختتم المؤتمر الذي بدأ في الثاني من كانون الأول، مساء الجمعة.
وقالت مبعوثة جزر مارشال تينا ستيغ "يبدو أن قضية الطموح تشهد تراجعا في وقت يتعين علينا الدعوة إلى قفزة نوعية في الاتجاه الآخر".
وأضافت "أنا بحاجة إلى العودة إلى المنزل ولقاء أولادي والقول إننا حصلنا على نتيجة ستضمن مستقبلهم ومستقبل جميع أطفالنا".
- سخط غير مسبوق -
وقال ألدن ماير مدير السياسات في اتحاد العلماء المهتمين والمراقب المخضرم في محادثات الأمم المتحدة "لم أر قط مثل هذا الانفصال بين ما يتطلبه العلم وما تطلبه شعوب العالم مقابل ما تحققه مفاوضات المناخ".
وتابع أن "أحدث نسخة من نص اتفاق باريس الذي قدمته الرئاسة التشيلية غير مقبولة على الإطلاق".
ومن أجل تحقيق الهدف المثالي لاتفاق باريس الذي يحد الارتفاع في درجات الحرارة ب1,5 درجة فقط، يجب خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 7,6 بالمئة سنويا اعتبارا من العام المقبل وحتى 2030، ما يتطلب تحولا غير مسبوق في الاقتصاد العالمي. لكن في المقابل، ما زالت انبعاثات هذه الغازات ترتفع.
وحتى الآن التزمت حوالى ثمانين دولة زيادة التزاماتها المناخية في 2020، لكن هذه البلدان لا تمثل سوى حوالى عشرة بالمئة من الانبعاثات العالمية.
وقال محمد أدو مدير القمة الشبابية "باور شيفت افريقيا" إنّ "الشيء الوحيد الذي أعطانا الأمل في (اتفاق) باريس هو أن الاتفاق سيتم تعزيزه مع مرور الوقت" . تابع "إذا لم يتحقق ذلك فستفشل (قمة) مدريد".
وتقود عملية تعزيز خطط خفض الكربون الطوعية الدول الجزرية الصغيرة والأقل نموا إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
والنبأ السار الوحيد جاء من بروكسل حيث "أقر" قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم هدف الحياد المناخي في التكتل بحلول 2050. لكن القرار لا يشمل بولندا التي تعتمد إلى حد كبير على الفحم، بينما لن يعلن الأوروبيون أي زيادة في التزاماتهم ل2030، قبل الصيف المقبل.
وأكّدت الدول العملاقة الناشئة مثل الصين والهند، وهما الدولتان الأولى والرابعة في ترتيب الانبعاثات في العالم، أن لا حاجة لتحسين خططهم الحالية لخفض الانبعاثات والمستمرة حتى العام 2030.
- عملية "ذات قيمة" -
واتُهمت الولايات المتحدة، التي ستنسحب من اتفاق باريس العام المقبل، بانها تفسد عددا من القضايا الحيوية بالنسبة للدول المعرضة للكوارث المناخية، بما في ذلك ما يسمى تمويل "الخسارة والضرر".
وقال هارجيت سينغ، الناشط المعني بالمناخ في مؤسسة "أكشن إيد" الخيرية إنّ "الولايات المتحدة لم تحضر إلى هنا بحسن نية".
وتابع "إنهم يواصلون عرقلة جهود العالم لمساعدة الأشخاص الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب بسبب تغير المناخ".
والسبت، تمسكت عدد من الدول بخطوطها الحمراء في المفاوضات، ما زاد من إمكان تعرض المحادثات لخطر الفشل.
وقال وفد كولومبيا خلال الاجتماعات "حان الوقت لتثبت هذه العملية أنها ذات قيمة".