اكّدت دول الخليج الثلاثاء وحدتها وتماسكها في قمة استضافتها الرياض وتغيّب عنها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لكنّها حملت رغم ذلك مؤشرات إضافية الى احتمال حدوث انفراج في الأزمة بين الإمارة الثرية وجاراتها.
ولم يتطرّق خطاب ألقاه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والبيان الختامي للقمة الأربعين لمجلس التعاون، إلى الازمة مباشرة، لكن اللهجة كانت تصالحية تجاه الدولة الصغيرة بعد نحو عامين ونصف من قطع السعودية والبحرين والإمارات ومصر العلاقات معها.
وكانت الدول الأربع قطعت في حزيران/يونيو 2017 علاقاتها مع الدوحة وتقدّمت بلائحة من 13 مطلبا كشرط لإعادتها بعدما اتّهمت قطر بدعم تنظيمات متطرفة.
ورفضت قطر الاتهامات، كما أكّدت انها لن تنصاع لشروط الدول الأربع.
وأدى الانشقاق الإقليمي لتشتت العديد من الأسر وارتفاع تكلفة الأعمال التجارية بعدما فرضت السعودية والدول الحليفة لها مقاطعة اقتصادية على قطر ومنعت طائراتها من عبور أجوائها.
لكن بوادر انفراج ظهرت في الأسابيع الأخيرة.
وخلافا لزيارته الأخيرة إلى المملكة في أيار/مايو الماضي، حين شارك في أعمال قمم عربية واسلامية وخليجية، حظي رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني باستقبال حار لدى وصوله إلى الرياض لترؤس وفد بلاده.
واستقبله الملك سلمان وتبادل معه الأحاديث والابتسامات، بحسب ما ظهر في تسجيل مباشر للاستقبال نقل على التلفزيون السعودي الحكومي، بينما كان معلّق يقول "أهلا وسهلا بأهل قطر في بلدكم الثاني".
وفي الجلسة الافتتاحية في قصر الدرعية بالرياض، تحدّث الملك السعودي عن الحاجة إلى الوحدة في مواجهة "التحديات" وبينها التوتر مع إيران، إنّما من دون ذكر الأزمة مع قطر.
وقال "منطقتنا اليوم تمر بظروف وتحديات تستدعي تكاتف الجهود لمواجهتها حيث لا يزال النظام الايراني يمارس الأعمال العدائية (...) ويدعم الارهاب الأمر الذي يتطلب منا المحافظة على مكتسبات دولنا ومصالح شعوبنا".
وجدّد الملك التأكيد على موقف المملكة الداعي لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وعلى الحل السياسي للنزاع اليمني، قبل أن تتحول الجلسة إلى اجتماع مغلق.
واستمرت الجلسة لأقل من ساعة، قبل أن يخرج المجتمعون ببيان ختامي أكّدوا فيه الحفاظ على "قوة ومناعة وتماسك مجلس التعاون ووحدة الصف فيه"، وعلى أن "يظل هذا المجلس المبارك كيانا متكاملا متماسكا ومترابطا وقادرا على مواجهة كافة التحديات والمخاطر".
- الأمير يتغيّب -
وفي مؤتمر صحافي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود إنّ بلاده تدعم جهود إنهاء الازمة مع قطر، لكن "بعيدا عن الاعلام".
وكانت أكبر الآمال معلّقة على حضور أمير قطر للقمة في أعقاب مؤشرات الى احتمال حدوث انفراج.
لكن وكالة الأنباء القطرية قالت انّ الشيخ تميم كلّف رئيس الوزراء.
ومن بوادر الانفراج مؤخّرا، مشاركة السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج لكرة القدم في قطر هذا الشهر، قبل أن يعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن إحراز "بعض التقدم" خلال مباحثات مع السعودية.
من جهته، قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في كلمة خلال القمة نشرتها وكالة الانباء الكويتية "بالأمس التقى شبابنا في مھرجان ریاضي وفر لھم الأشقاء في دولة قطر كل أسباب النجاح لیسطّر ھؤلاء الشباب صور التلاحم".
وتابع "یأتي لقاؤنا المبارك الیوم تواصلا لتلك الصور لنعكس حرصنا جمیعا على وحدة الموقف".
وذكر الأمير الذي قادت بلاده وساطة بين الدول المتنازعة "إننا نشعر بارتیاح للخطوات الإیجابیة والبناءة التي تحققت في إطار جھودنا لطي صفحة الماضي ونتطلع بتفاؤل" للمستقبل.
وكان رئيس الوزراء القطري ترأّس وفد بلاده في سلسلة اجتماعات في مكة في أيار/مايو الماضي لبحث التوتر بين دول الخليج، في أول تمثيل قطري رفيع المستوى بين البلدين منذ المقاطعة التي قادتها الرياض ضد الدوحة.
لكن المسؤول القطري لم يحظ حينها بالاستقبال ذاته كما اليوم في الرياض. وقد غادر آنذاك الوفد القطري الجلسة الافتتاحية لقمّة دول منظمة التعاون الاسلامي بينما كانت تنقل مباشرة على الهواء، ما أثار ردود فعل مندّدة بالخطوة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب الباحث في جامعة أوكسفورد سامويل رماني، فإنّ التقارب بين قطر والدول الاخرى يبدو أنه يأتي "دون تنازلات كبرى من الدوحة" بعدما دفعتها مقاطعة جاراتها لها على خلفية اتهامها بدعم جماعات متشدّدة، إلى تعزيز اعتمادها على نفسها.
اقرأ أيضاً : استقبال حار من الملك سلمان لرئيس وزراء قطر في قمة مجلس التعاون - فيديو
ويرى محللون أن الأزمة أضرت بالدول المقاطعة لقطر أكثر مما أضرت بالدوحة.
ويبدو أنّ السعودية بدأت باعتماد مقاربة لنزع فتيل التصعيد بعد تبنيها ما يقول خبراء في السياسة الخارجية "سياسات متشددة" أخافت المستثمرين الأجانب.