حذّرت السُلطات الإيرانيّة من أنّها لن تسمح بـ"انفلات الأمن"، بعد يومين من تظاهرات عنيفة رافضة لرفع أسعار الوقود أسفرت عن قتيلين على الأقلّ ودفعت طهران إلى قطع الإنترنت.
ومنذ بدء الاحتجاجات مساء الجمعة، اعتُقل عشرات الأشخاص، بحسب معلومات أوردتها الصحافة الإيرانيّة.
وتحدّثت وكالة "إيسنا" عن عودة الحياة إلى طبيعتها في المدن التي شهدت تظاهرات، لكنّ تقييم الوضع مساء الأحد ظلّ بالغ الصعوبة.
وأعلن الرئيس حسن روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء أنّ الدولة "لن تسمح بانفلات الأمن في المجتمع"، وفق بيان رسمي نُشر مساء الأحد.
وبرّر روحاني مجدّدًا قرار رفع أسعار الوقود، موضحًا أمام الوزراء أنّه لم يكن لدى الدولة حلّ آخر لمساعدة "العائلات ذات الدخل المتوسّط والمحدود التي تُعاني جرّاء الوضع الاقتصادي الناتج من العقوبات" الأميركيّة المفروضة على طهران.
من جهته، دان البيت الأبيض الأحد استخدام إيران "القوّة الفتّاكة" ضدّ المتظاهرين.
اقرأ أيضاً : إضراب عام في العراق يعيد الزخم للاحتجاجات المناهضة للحكومة.. فيديو
وقالت ستيفاني غريشام مسؤولة الإعلام في البيت الأبيض إنّ "الولايات المتحدة تدعم الشعب الإيراني في احتجاجاته السلميّة ضدّ النظام الذي من المفترض أن يقودهم. كما ندين القوّة الفتّاكة والقيود الصارمة المفروضة على الاتّصالات". وشجبت تجاوزات نظام "تخلّى عن شعبه".
- انكماش -
يُعاني الاقتصاد الإيراني انكماشًا بالغًا جرّاء انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتّفاق الدولي المتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني الموقّع عام 2015 وإعادة فرضها عقوبات مشدّدة على طهران.
وتوقّع صندوق النقد الدولي تراجع إجمالي الناتج المحلّي في إيران بنسبة 9,5 في المئة هذا العام، بعد تراجعه بنسبة 4,8 في المئة عام 2018. وبلغت النسبة الرسميّة للتضخّم أربعين في المئة، خصوصًا مع انهيار قيمة الريال الإيراني مقابل العملات الأجنبيّة.
ويقضي القرار الحكومي برفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة، أي من 10 إلى 15 ألف ريال لأوّل 60 ليتراً من البنزين يتمّ شراؤها كلّ شهر، بينما سيبلغ سعر أيّ مشترياتٍ إضافيّة 30 ألف ريال للّتر.وسيستفيد ستّون مليون إيراني هم الأكثر حاجة، من عائدات هذا القرار.
وأيّد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي القرار، مندّدًا صباح الأحد بأعمال العنف التي يرتكبها المحتجّون ومبديًا أسفه لسقوط قتلى.
ونقلت وكالة "إيسنا" عن مصدر في وزارة الاتّصالات أنّه تمّ قطع الإنترنت في شكل كبير منذ مساء الجمعة و"للساعات الـ24 المقبلة".
- ردود فعل -
لاحظ مراسلو وكالة فرانس برس منذ مساء السبت أنّهم فقدوا الإنترنت على هواتفهم المحمولة. والأحد قرابة الساعة 20,00 (16,30 ت غ) لم يكُن ممكنًا استخدام سوى شبكة الإنترنت الإيرانيّة.
ونقلت وكالات الأنباء الإيرانيّة أنّ الاضطرابات سجّلت في 25 مدينة، بينها طهران ومشهد (شمال شرق) وأصفهان (وسط).
وذكرت وكالة "إرنا" الرسميّة أنّ ضابطًا في الشرطة قضى متأثّرًا بجروحه ليل السبت الأحد بعدما تعرّض لإطلاق نار خلال صدامات مع "مثيري شغب" مسلّحين على هامش تجمع في كرمنشاه (غرب).
والسبت، أشارت "إيسنا" إلى مقتل مدني وإصابة آخرين في سرجان (جنوب)، حيث حاول متظاهرون إحراق مستودعات وقود.
كذلك، اعتُقل أربعون شخصًا في يزد (وسط) بحسب "إيسنا".
واعتبر المرشد الأعلى أنّ بعض الجهات المعارضة للنظام "تستغلّ" الاضطرابات، مطالبًا بـ"عدم مساعدة هؤلاء المجرمين".
وتأتي التظاهرات في مرحلة دقيقة بالنسبة إلى السلطات، قبل بضعة أشهر من انتخابات تشريعيّة مقرّرة في شباط/فبراير المقبل.
وعمد بعض المتظاهرين السبت في طهران إلى قطع طريق، فيما تجمّع آخرون حول سيارة تحترق. ورصِدت مشاهد مماثلة في مدن أخرى مثل شيراز وأصفهان.
في كرمنشاه، هاجم متظاهرون مركزًا للشرطة كان يعمل فيه الشرطي القتيل وفق ما صرّح قائد قوات الأمن المحلّية علي أكبر جويدان لوكالة "إرنا". وميّز الأخير بين مثيري الاضطرابات والمتظاهرين "السلميّين الذين سيتمّ الإصغاء بالتأكيد إلى مطالبهم".
ونبّه المتحدّث باسم الشرطة أحمد نوريان إلى أنّ قوات الأمن لن تتردّد "في مواجهة من يعكّرون السلم والأمن".