سؤال "بشو توحمتي" يواري مرضا نادرا في الأردن والعالم

هنا وهناك
نشر: 2019-11-11 12:00 آخر تحديث: 2019-11-11 12:00
بعض الحالات تصاب باضطرابات عصبية
بعض الحالات تصاب باضطرابات عصبية

  يعاني مصابو متلازمة الورم الوعائي الدماغي نادرة الحدوث في الأردن والعالم من ضعف المعرفة الطبية بحالة أطفالهم، وارتفاع تكاليف التشخيص سواء كان سليماً أم لا. 

تُسأل الأم لحظة الوضع إن كان ظهر على محيا وليدها او أي جزء من جسده الغض، مساحة كبيرة مغطاة ببقع حمراء قانية: "بشو توحمتي؟"، وهو ما يوصف علميا بـ "الوحمة الدموية" التي قد تحيل الى متلازمة نادرة العلاج والتشخيص هي "متلازمة الورم الوعائي الدماغي".، بحسب تقرير صحي لوكالة الأنباء الرسمية بترا.

فالصغيرة "سلمى" ابصرت النور منذ 9 أشهر في أحد المستشفيات الخاصة، وكان وجهها متشحا بلون أحمر، ما اطلق سيلا من أسئلة المحيط الاجتماعي التي تحيل الى النقص والشفقة، وفي مقدمتها "عشو توحّمت"؟. تقول دينا أبو لبدة والدة سلمى: لاحظت إضافة للوحمة الحمراء أن عين ابنتي اليسرى مائلة للون الأزرق ومنتفخة وغريبة بعض الشيء، وللأسف لم يعرف الأطباء في المستشفى طبيعة مرض ابنتي، وكلها كانت احتمالات مرهونة بحدوث مضاعفات تثبتها أو تنفيها".

وتضيف الأم دينا، "حتى عمر 8 أشهر بقي حال سلمى كما هو دون حدوث أية مضاعفات، إلا أنني طيلة هذه الفترة كنت أقرأ عن حالتها وبدأت أتعمق فيها يوماً بعد يوم حتى فهمتها بالكامل، وزرت العديد من الأطباء الذين اختلفت تشخيصاتهم، حتى حدث تشنج في الدماغ لدى سلمى بسبب ضغط العين المسمى طبياً بـ "الغلوكوما"، لافتة الى ان سلمى تعاني من ثلاثة أمراض؛ هي الوحمة الدموية التي غالباً ما ترافقها الغلوكوما في العين والتشنجات وهذه جميعها تشكل معاً متلازمة اسمها ستيرج ويبر "Sturge-Weber".

وأوضحت ان "علاج سلمى سيستمر مدى الحياة على نفقتنا الخاصة، ولكن هذا لا يعني أن العلاج غير مكلف، فهناك من هو غير قادر على تغطية تكاليفه، ومن هنا لمعت في ذهني "فكرة إنشاء مجموعة على "الفيسبوك" يتشارك فيها المرضى معاناتهم مع هذا المرض وأبرز التحديات وكيف تعاملوا معها".

أما ربى ذات السنتين ونصف السنة فقد ولدت في أحد المستشفيات الحكومية في إربد، ولم تكن أمها تعرف بحالتها خلال فترة الحمل، وعند الولادة تقول إنها ذهلت وتفاجأت من ان نصف وجهها وجسدها لونه أحمر قانٍ، وبعد الفحوصات الاعتيادية للأطفال عند الولادة تبين أن ربى سليمة وبكامل عافيتها، واللون الأحمر سببه وحمة دموية، وهو ما سبب لها ضغطاً في العين تعالجه بقطرات خاصة.

وأضافت، بدأنا نُخضع ربى لجلسات ليزر لوجهها وجسدها حين أصبح عمرها ثمانية أشهر، ونحن الآن نواظب على الجلسات كل شهرين أو ثلاثة، مشيرة الى أن "الوحمة خفت إلا أنها لم تختفِ نهائيا، لكن المشكلة أن تكلفة الجلسة الواحدة باهظة جداً، إذ تصل الى 500 دينار، ذلك أنها تُجرى في غرفة عمليات وبتخدير كامل كونها طفلة صغيرة".

وقالت، تأميننا حكومي، فزوجي معلم في وزارة التربية، ولكن حسبما أخبرنا جميع الأطباء فإنه لا يوجد أي تأمين مهما كان نوعه يغطي الليزر على اعتبار أنه علاج تجميلي مهما كانت الحالة".


اقرأ أيضاً : ‫الغدة الدرقية قد تمنع حدوث الحمل


مدير إدارة التأمين في وزارة الصناعة والتجارة وائل محادين قال لـ "بترا"، إن اعتبار الليزر علاجا تجميليا وليس علاجياً أمر مصنّف طبياً، وبالنسبة لقطاع التأمين الخاص فالأمر مختلف بحسب العقد بين الشركة وطالب التأمين، إذ كلما دفعْتَ كلما حصلتَ على منفعة، وبعض الشركات تعتبره مع ذلك علاجاً تجميلياً ولا يغطى إلا باستثناءات الأطباء وبحسب الحالة وتصنيفها وضرورتها، أما التأمين الحكومي فهو أمر من اختصاص وزارة الصحة.

لكن رئيس اختصاص الجلدية في وزارة الصحة الدكتور أمين المعايطة يقول من جهته، ان التأمين الصحي الحكومي يشمل علاجات الليزر الوظيفية، وبالتالي يشمل كل الوحمات الدموية، وبرغم أن الجهاز الموجود في مستشفى البشير قديم بعض الشيء إلا أنه يؤدي الغرض، ولكن أفضل الأجهزة هي تلك الموجودة في مستشفى الملك عبدالله الجامعي في إربد وكذلك في مدينة الحسين الطبية، موضحا أن العلاج فيهما يحتاج لتحويل من مستشفيات وزارة الصحة وهو ما وصفه بالأمر السهل.

وجهاز "PDL (pulse dye laser" أو ما يعرف بجهاز الليزر الصبغي النابض هو من أحدث أجهزة الليزر المتخصصة في علاج الوحمات الدموية والشعيرات وبعض الأمراض الجلدية والندب وتشققات الجلد.

استشاري أعصاب ودماغ الأطفال الدكتور صالح العجلوني قال، إن متلازمة "ستيرج ويبر" مرض خلقي عصبي نادر وعادة ما يسمى ورما وعائيا دماغيا أو ثلاثي التوائم، ويحدث عادة بلا سبب وراثي أو سواه، فالمرض خلقي بحت يصيب في الغالب الأطفال.

العجلوني يضيف، ان هذه المتلازمة نادراً ما تؤثر على أعضاء الجسم ولكن يمكن أن تؤثر على جزء منه فتسبب ضعفاً في جهة منه، فإن كانت الجهة اليمنى مصابة بالمتلازمة فيكون الضعف في الجهة اليسرى والعكس صحيح.

ولفت الى ان "المتلازمة تؤثر على العينين والجلد بصورة واضحة، فعلى الجلد تنتشر الشامات الحمراء أو الوحمات الدموية الحمراء في الجزء العلوي من فروة الرأس حول توزيع العصب الخامس المسؤول عن الإحساس في الوجه، إضافة لوجود تشوهات في داخل وخارج الدماغ بسبب تجمع الأوعية الدموية في سحايا قشرة الدماغ على جانب واحد منه".

وبين العجلوني أن الأعراض تكون وحمة خمرية اللون على الجبين والجفن العلوي من جانب واحد من الوجه، وهي مختلفة في درجة لونها، اذ تتراوح بين الوردي الفاتح والأرجواني الغامق، وتتشكل أساسا بسبب فرط تجمع الشعيرات الدموية في جميع أنحاء فرع العيون من العصب الثلاثي.

وأشار إلى أن بعض الحالات تصاب باضطرابات عصبية جلدية أخرى تحدث بشكل متقطع، وتشكل ورماً وعائياً دماغياً، وبالتالي تشوهاً في الأوعية الدموية الدماغية ما يسبب تكلساً في الأنسجة وفقدانا للخلايا العصبية في القشرة الدماغية، وهو ما قد يحدث ضعفاً وظيفياً في أجزاء من الجسد والعضلات، وقد يتفاقم الأمر ليصل إلى نوبات صرع، وارتفاع ضغط العين، وبعض الحالات تصاب بتأخر النمو والتخلف العقلي.

ومن حيث مدى تهديد هذه المتلازمة للحياة، يقول العجلوني، إنها لا تؤثر على استمرارية الحياة غالبا، ذلك أن علاجها يرتبط بالأعراض التي تظهر على المريض، فللتشنجات الدماغية أدوية مضادة، ولضغط العين قطرات تقلل من ارتفاعه، أما الليزر فيعالج البقع الحمراء، والعلاج الطبيعي للضعف العام في الجسد والعضلات، وفي بعض الحالات قد يتم اللجوء للعمليات الجراحية للدماغ في حال عدم تجاوبه مع الأدوية والعلاجات المختصة بصعوبات النطق.

أخبار ذات صلة

newsletter