قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" تقريرا لها، الثلاثاء، إن النساء الأردنيات أصبحن يتقلدن المناصب العليا في الدولة بوتيرة أسرع من السابق، خاصة بعد صدور نظام التعيين على الوظائف القيادية الذي رسخ مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين وعزز من مفاهيم الشفافية والنزاهة والحاكمية الرشيدة، وأتاح لهن فرص متساوية مع زملائهن الرجال للمنافسة في شغل هذه الوظائف بناءاً على الخبرة والكفاءة والقدرة، وبعيداً عن المحسوبية والواسطة. وقد أثبتت النساء على أنهن قادرات على تولي مواقع صنع القرار المختلفة حيث تمكّن وبجدارة من الحصول على وظيفتين قياديتين من بين ثلاث وظائف تم الإعلان عنها مؤخراً.
وكان قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها يوم أمس الإثنين، تعيين المهندسة جمانة عطيات مديرة عامة للمؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، كما قرر تعيين المهندسة وسام التهتموني أمينة عامة لوزارة النقل، وذلك إستناداً لنظام التعيين على الوظائف القيادية رقم (78) لعام 2019.
اقرأ أيضاً : مجلس الوزراء يقرّ عدداً من التعيينات على الوظائف القياديّة.. أسماء
وتنص الفقرة (أ) من المادة (5) من النظام على أنه :"يقوم أمين عام رئاسة الوزراء بعد التنسيق مع المرجع المختص بالإعلان عن الوظيفة القيادية الشاغرة خلال مدة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من تاريخ شغورها على الموقع الالكتروني لكل من رئاسة الوزراء والديوان والجهة المعنية بالوظيفة الشاغرة والسفارات الأردنية لمدة خمسة أيام عمل وفي صحيفتين يوميتين محليتين من الصحف الأوسع إنتشاراً ولمرة واحدة خلال أيام الدوام الرسمي على أن يتضمن الإعلان متطلبات إشغال الوظيفة وشروطها المحددة في بطاقة الوصف الوظيفي وتاريخ بدء تقديم الطلب وإنتهائه."
هذا وكانت قد صدرت في بداية شهر آب الحالي الإرادة الملكية السامية بتعيين رئيس وأعضاء المركز الوطني لحقوق الإنسان، حيث شملت التعيينات 8 نساء من العدد الإجمالي للأعضاء البالغ 20 عضواً وعضوة إضافة الى رئيس المجلس، وبنسبة بلغت 40% وهي ذات النسبة في المجلس السابق. كما تم تعيين الدكتورة عبير دبابنة منسقة عامة حكومية لحقوق الإنسان في الأردن.
وأشادت "تضامن" بالخطوات التي اتخذتها الحكومة نحو مزيد من الإنصاف للنساء الأردنيات في شغل المواقع القيادية وإدارة الشأن العام، حيث حافظت النساء على ذات النسبة في عضوية مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان (40% من أعضاء المجلس السابق نساء)، كما تم ولأول مرة تعيين امرأة كمنسقة عامة حكومية لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء.
وأعربت "تضامن" عن ثقتها بأن النساء وخاصة الشابات قادرات على الأداء المتميز وترك بصمات إيجابية إستناداً إلى مؤهلاتهن وخبراتهن، وإن إشراكهن بمواقع صنع القرار سيسهم في تمهيد الدرب أمام مزيد من النساء للوصول إلى المشاركة الفعالة في إدارة الشأن العام كمواطنات قادرات وعازمات على تحمل المسؤولية العامة، متمتعات بكامل الحقوق المكفولة لهن بموجب الدستور الأردني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
هذا وشهدت الشهور الماضية وتحديداً منذ بداية آيار 2019، تعيينات لنساء في مواقع قيادية هامة أخرى، ومن بينها وزيرة تطوير الآداء المؤسسي (ياسرة غوشة) ورئيسة ديوان التشريع والرأي (فداء الحمود)، وعضوتان في مجلس الأعيان (هند الأيوبي وضحى عبدالخالق)، وأمينة عامة لديوان الخدمة المدنية (بدرية البلبيسي)، وأمينة عامة لوزارة الخارجية (سجى المجالي).
إن الإرادة السياسية لتمكين النساء حاضرة وبقوة، وتم التعبير عنها بوسائل عدة منها سلسلة الأوراق النقاشية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني بهدف تحفيز الحوار الوطني حول الإصلاحات السياسية والتحولات الديمقراطية التي يشهدها الأردن، وتبرز أهمية الأوراق النقاشية جميعها في تشديدها على دور النساء الأردنيات في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، وإعتبارهن جزءاً لا يتجزأ من عمليات الإصلاح والتطوير والتغيير نحو مستقبل أفضل ، وأن عليهن واجبات ولهن حقوق تفرضها المواطنة الفاعلة وتدعمها الرؤية الملكية الثاقبة والحكيمة.
الذاكرة التاريخية للحركة النسائية في الأردن حافلة بالمحطات المهمة التي تبين مدى تقدم النساء في مختلف المجالات، منذ عقد أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي بإعتبارة نواة لمطالبات الحركة النسائية المستمرة حتى وقتنا الحالي. وقادت رابطة اليقظة النسائية (عام 1952) نضال النساء الأردنيات للمطالبة بحقوقهن السياسية إلا أن قرار حكومي قام بحلها بعد وقت قصير من إنشائها. وفي عام (1954) وبإصرار عدد من الأردنيات على المطالبة بحقوق النساء خاصة السياسية منها، تم إنشاء إتحاد المرأة العربية في الأردن الذي تقدم بالعديد من المذكرات إلى مجلس الوزراء والأعيان والنواب مطالباً فيها بمنح المرأة حقوقها السياسية ، وإتسعت المطالبات فيما بعد لتشمل النواحي الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والصحية.
وشهد عام 1969 تعيين أول امرأة كسفيرة، وحصلت النساء على حقوقهن السياسية بالإنتخاب والترشح عام (1974)، وعينت عام 1979 أول وزيرة أردنية، وشهد عام 1993 فوز أول امرأة أردنية لعضوية مجلس النواب، وعام 1996 تم تعيين أول قاضية. وبدأت بعد ذلك النساء بأخذ أدوارهن في مواقع صنع القرار وإن كان دون الطموح وبإجراءت التدابير المؤقتة في بعض الأحيان (التمييز الإيجابي/ الكوتا).
وعلى المستوى المؤسسي، فقد أنشئت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة عام 1992، وأسست العديد من مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق النساء كجمعية معهد تضامن النساء الأردني، وإتحاد المرأة الأردنية، وتجمع لجان المرأة، والإتحاد النسائي الأردني العام، وجمعية النساء العربيات، وملتقى البرلمانيات الأردنيات، والملتقى الإنساني لحقوق المرأة، بالإضافة الى العديد من المؤسسات خاصة في المجتمعات المحلية. وتبنت هذه المؤسسات مجموعة من المطالب يتم تحديثها بإستمرار، وتتشارك في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية (2013-2017). إضافة الى إعتماد الإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف (2016)، والإستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة (2014-2017)، والإستراتيجية الإعلامية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي (2015)، وخطة النوع الاجتماعي والتغير المناخي (2011)، وإنشاء وحدة مكافحة الإتجار بالبشر (2012).
وأحرز الأردن تقدماً في مجال الإصلاح التشريعي لتعزيز حماية النساء وحقوقهن، كقانون الضمان الاجتماعي (2014)، ونظام تسليف النفقة (2015)، ونظام الخدمة المدنية (2013)، والقانون الجديد للحماية من العنف الأسري (2017)، ونظام دور إيواء النساء المعرضات للخطر (2016)، ونظام العمل المرن (2017) في القطاعين العام والخاص، وخطة تحفيز النمو الاقتصادي (2018-2022)، وتعديل قانون العقوبات (2017) الذي ألغى المادة التي تتيح للمغتصب الزواج من ضحيته والإفلات من العقاب (المادة 308)، ومنع إستخدام العذر المخفف بحق مرتكبي الجرائم بذريعة "الشرف" (المادة 98)، وعزز الحماية الجزائية لذوات الإعاقة.
ومع التأكيد على أن النساء يتأثرن ويؤثرن في جميع أهداف التنمية المستدامة 2030 وليس الهدف الخامس فقط، فإن الأردن وخلال السنوات القادمة مدعو لإجراء إصلاحات تشريعية إضافية من شأنها تعزيز المساواة بين الجنسين وتمنع التمييز من خلال موائمة التشريعات مع الإتفاقيات الدولية الموقع عليها كإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإتفاقية حقوق الطفل.