أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملخص سياسات يتناول مهنة التمريض في سوق العمل الأردني بعنوان "التمريض في الأردن: فجوة البيانات لا تجيب على سؤال النقص أو الفائض"، وتأتي هذه الدراسة كجزء من سلسلة دراسات يعكف منتدى الاستراتيجيات الأردني على إعدادها لتشخيص مدى وجود فجوات في سوق العمل وفي الاختصاصات المختلفة. وكان المنتدى قد أصدر اول ورقة من هذه السلسلة تحت عنوان "المهندسون في الأردن – نمو كبير وفرص محدودة".
وبحسب بيان للمنتدى وصل "رؤيا" نسخة منه، فقد ناقشت الورقة مهنة التمريض في سياق العرض والطلب في سوق العمل الأردني بهدف تحديد مدى توفر الممرضين في الأردن وتلبيتهم لحاجات القطاع الصحي الأردني ومعرفة إذا ما كان هنالك أي نقص أو فائض في هذا القطاع، حيث أن هنالك انطباع سائد بوجود نقص في كوادر مهنة التمريض في الأردن.
وخلصت الدراسة الى ضعف قاعدة البيانات الموحدة حول أعداد الكوادر التمريضية في الأردن، إذ لا يمكن الوصول إلى إجابة واضحة حول وجود نقص في أعداد الممرضين في الأردن من عدمه بالاعتماد على الأرقام الرسمية المتاحة. حيث تشير أرقام وزارة الصحة إلى وجود 30,093 عامل في المهن التمريضية، يعمل منهم 10,346 في القطاع الخاص، فيما تقول بيانات جمعية المستشفيات الخاصة الأردنية بأن هذ الرقم لا يتجاوز الــ5000 ممرض. بالمقابل، تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى توفر عدد كافٍ نسبياً من الممرضين في الأردن، حيث أن أحدث البيانات المتوفرة حول الأردن لدى المنظمة (2017) تشير إلى أن هنالك في الأردن 33.8 ممرض لكل 10,000 مواطن، وهو مستوى قريب من المعدل العالمي والذي يعادل نحو 37 ممرض لكل 10,000 مواطن.
وبحسب اخر بيانات متوفرة من وزارة العمل فإن "أنشطة الصحة البشرية والخدمة الاجتماعية" تشغل ما نسبته 3.8% من العاملين في الأردن، وقد بلغ عدد الفرص المستحدثة في المملكة في هذا القطاع 4148 فرصة في العام 2017، وتتوزع هذه الفرص على الأطباء والصيادلة ومهن المختبرات والمهن الصحية الأخرى بالإضافة إلى التمريض، مما يعني أن عدد الفرص المستحدثة في قطاع التمريض سيكون بالضرورة أقل من ذلك.
اقرأ أيضاً : "الاستراتيجيات الأردني: يُقيمُ إنجازات وتحديات الأردن خلال 20 سنة الماضية- صور
بالإضافة إلى ذلك، فيشير تقرير مؤشرات العرض والطلب لديوان الخدمة المهنية الصادر في العام 2017 إلى أن عدد طلبات التوظيف التراكمي لتخصص التمريض في نهاية العام 2016 قد وصل إلى 5162 طلب تم تشغيل 757 منهم في ذات العام، أي بنسبة 14%، إلا أن عدد الطلبات الموجودة في ديوان الخدمة المدنية لا يعطي دلالة حقيقية على اعداد الممرضين العاملين أو الباحثين عن عمل منهم، نظراً لوجود العديد من مقدمي الطلبات ممن حصلوا على وظائف في القطاع الخاص أو خارج الأردن وبقيت طلباتهم قائمة في ديوان الخدمة المدنية.
وبعد استخدام البيانات المتوفرة والاستعانة بالخبراء في القطاع الصحي الأردني والعاملين في القطاعين العام والخاص، خَلُصَ المنتدى في دراسته إلى وجود نقص نسبي في الممرضين في الأردن بحيث يتركز هذا النقص في الممرضات الاناث؛ بمعنى انه وعلى الرغم من وجود اعداد كافية من الممرضات الاناث في الأردن إلا ان هنالك أسباب اجتماعية وعائلية تحد من مشاركتهن في سوق العمل، مثل؛ أوقات العمل (المناوبة الثانية، والمناوبة الثالثة)، العمل في مستشفيات بعيدة عن مكان الإقامة، عدم الاستفادة من العطل الرسمية، وتفضيل العمل في المستشفيات الحكومية على العمل في المستشفيات الخاصة.
وأوضحت الدراسة بأن هنالك نقص في الاختصاصات التمريضية (ممرضين عناية حثيثة، ممرضين عمليات، ممرضين غسيل كلى، ممرضين إنعاش، .... الخ)؛ إذ لم يعد العالم يتجه إلى توفير الممرضين العامين وانما توفير ممرضين متخصصين في مجالات طبية وصحية فرعية. وفي هذا السياق، أشار المنتدى إلى أن القطاع الصحي الأردني يعاني من هجرة بعض حملة الاختصاصات التمريضية، حيث ان الممرضين ذوي الخبرة والكفاءة والحاصلين على اختصاصات فرعية في التمريض يذهبون للعمل في الخارج. يضاف إلى ذلك، حاجة القطاع الصحي الأردني في السنوات القادمة للمزيد من الممرضين نظراً للتحولات في أعمار السكان والتوسع في بناء المستشفيات الحكومية والخاصة في المملكة.
وبناءً على ما تقدم من نتائج، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بضرورة مراجعة سياسات تشغيل الاناث الممرضات في الأردن والحوافز المقدمة لهن والعمل على تجاوز العوائق قدر الإمكان لا سيما ان جل العوائق اجتماعية ولا تتعلق ببيئة العمل أو الأجور. وفيما يتعلق بنقص ممرضي الاختصاص، أوصى المنتدى بالعمل على تأهيل ممرضين في الاختصاصات الفرعية المختلفة، وأشار إلى أهمية العمل على توفير حوافز للعاملين في مهنة التمريض في الأردن للحد من هجرة أصحاب الكفاءات منهم. وأخيراً أكد المنتدى على ضرورة أن تعمل كافة الجهات المعنية في القطاع الصحي في الأردن (قطاع عام وخاص) بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة على توفير ارقام دقيقة ورسمية يمكن الاستناد إليها في الدراسات حول القطاع الصحي وأعداد الممرضين في الأردن، نظراً لافتقار الأردن وكافة المصادر الرسمية لأرقام موثوقة حول أعداد الممرضين في الأردن وفرص العمل في هذا المجال.