علق وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، على ورشة البحرين وصفقة القرن، بأنها اغرب خطة اقتصادية قرأها في حياته.
وقال في مقال له نشره على حسابه الخاص على الفيسبوك، "كتبت و كأن الفلسطينيين يعيشون في اوتوبيا سياسية و يملكون قرارهم السياسي المستقل. ما من خطة اقتصادية يمكن ان يكتب لها النجاح، مهما كانت أرقامها براقة، دون الاستقلال السياسي".
وأضاف أن الشعارات الرنانة و الصور الجميلة و البيانات التوضيحية التي تضمنتها الوثيقة في البحرين، لا يمكن ان تغلف حقيقة أساسية، و هي ان هذه الخطة لا يمكن ان يكتب لها النجاح تحت الاحتلال حتى لو افترضنا ان احدا سيقبل مقايضتها بالقدس و الدولة الفلسطينية و حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وتابع: "اما ان الخطة تفترض اننا جهلة أو اغبياء، أو ان من كتبها يفتقر إلى الحد الأدنى من فهم طبيعة المنطقة و الشعب الفلسطيني، بل أي شعب في العالم يتوق إلى الحرية، أو يقبل بمقايضة حريته بالمال. تضع الخطة كل ذلك جانبا، و تتجاهل الشق السياسي تماما، و كأن فصل السياسة عن الاقتصاد ممكن في أي بقعة من الأرض، فتتحدث عن مشاريع و ارقام في مناخ سوريالي لم يسبق لأي إدارة أمريكية سابقة، مهما كانت درجة انحيازها لإسرائيل، ان أظهرت مثله، أو مثل هذا التساذج و الفذلكة التي لا يجب ان تنطلي على احد".
واشار إلى أن الخطة ليست نتاج سذاجة سياسية، بل مواقف أيدولوجية ممن كتبوها (كوشنر، غرينبلات و فريدمان) في محاولة مكشوفة لمقايضة القضية الفلسطينية بإغراءات اقتصادية و كأن الموضوع بيع قطعة ارض.
اقرأ أيضاً : آل خليفة لقادة الاحتلال: دولتكم باقية تعالوا وتحدثوا معنا
وبين أن الخطة تتحدث عن فتح الضفة الغربية و غزة للاستثمارات و الأسواق الخارجية و لا تذكر مرة واحدة الاحتلال الاسرائيلي أو ال650 حاجزا امنيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. و تضع أهدافا طموحة للغاية مثل خلق مليون فرصة عمل و تخفيض معدل الفقر إلى النصف دون ان تشرح كيف يمكن تحقيق ذلك تحت الاحتلال. و تعد بخمسين مليارا نصفها من القروض، و ان تحدثت تقارير سابقة عن توقع الإدارة ان تدفع الدول الخليجية جل هذا المبلغ، و نعرف جميعا ان هذا ليس واقعيا. كما ان هذه الخمسين مليارا موزعة على عشرة سنوات و بحسب تقديرات الدكتور مصطفى البرغوثي لن تتجاوز حصة الفلسطينيين ثمانمائة مليون دولار سنويا، أي اقل مما كان الفلسطينيون يحصلون عليه من المجتمع الدولي قبل سنوات قليلة. أما حصة الأردن من منح و قروض، فستبلغ سبعة مليارات و نصف على مدى عشرة سنوات، أي سبعمائة و خمسين مليون دولار سنويا و هو نصف ما تقدمه الولايات المتحدة للأردن اليوم!
وأشار إلى أن الخطة تسرد نماذج لدول عدة تمكنت من تحقيق الرخاء الاقتصادي لشعوبها مثل كوريا الجنوبية و تايوان و اليابان و سنغافورة مغفلة تماما ان كل هذه كانت دول مستقلة صاحبة قرارها السياسي و الاقتصادي و ليست تحت الاحتلال.
ونوه في مقاله ، ان اخطر ما جاء في الخطة استخدامها لتعابير تدل على نية الإدارة الاميركية تصفية القضية الفلسطينية سياسيا، فتتكلم الخطة عن "المجتمع الفلسطيني" و تتجنب أي إشارة إلى دولة فلسطينية و عن "الطموح الفلسطيني" و ليس حق تقرير المصير أو السيادة الفلسطينية.
وختم مقاله: "سأتجاوز التعليق على القرار الأردني الذهاب إلى البحرين. أما و قد فعلنا، فإنني آمل ان نقف ضد الخطة بنفس الصلابة التي أظهرها جلالة الملك في الأشهر الماضية، و ان نرفضها جملة و تفصيلا، فمحاولة فصل الاقتصاد عن السياسة و تقديم خطة اقتصادية ظاهرها تحسين حياة الفلسطينيين و باطنها تصفية القضية الفلسطينية مكشوفة بامتياز، و لا يصح ان يتم إعطاء أي إشارة إيجابية نحو مثل هذه المحاولة البائسة".