رؤية السعودية 2030 هي خطة ما بعد النفط للمملكة العربية السعودية تم الإعلان عنها في 25 إبريل 2016، وتتزامن مع التاريخ المحدد لإعلان الانتهاء من تسليم 80 مشروعًا حكوميًا عملاقًا، تبلغ كلفة الواحد منها ما لا يقل عن 3.7 مليار ريال وتصل إلى 20 مليار ريال، كما في مشروع مترو الرياض.
وقد وضع الخُطَّة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان حيث عرضت على مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لاعتمادها، ويشترك في تحقيقها كلا من القطاع العام والخاص وغير الربحي.
وفي 2 رمضان 2016م وافق مجلس الوزراء السعودي على برنامج التحول الوطني أحد برامج "رؤية المملكة 2030".
وتضمنت الرؤية نهجا جديدا نحو المرأة السعودية من خلال تغيير وتعديلات التشريعات المتعلقة بها.
ويعتبر عام 2017 " عام تمكين المرأة السعودية " إلا أن عام 2018 قد زاد عليه بتمكينها في أمور مستجدة منها قيادة المركبة، وتبعها إقرار قانون التحرش الذي يؤكد حرص ومتابعة القيادة على المحافظة عليها كقيمة معيارية إنسانية، وقرار ممارسة الرياضة للفتيات بالمدارس والسماح للأسر بدخول مباريات كرة القدم، وكذلك السماح للسعوديات بالمشاركة في الألعاب الأولمبية، ومنح تراخيص قيادة الطائرات للمرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية، ثم زاد عام 2019 عليهما بأن تبوأت المرأة السعودية لأول مرة منصب (سفير) في صورة مشرقة لقدرات وكفاءة السعوديات في كل مجال، ونجد القاسم المشترك الأبرز في كل ذلك التطور الوثّاب الواثق في خطى النجاح والتميز ثمرة لقرارات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وثمرة مهندس الرؤية السعودية سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
ويتواصل سعي السعودية لتحقيق المزيد في طموح لا يتوقف ضمن رؤية 2030 التي تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بنسبة 30%، إضافةً إلى تبوئها مناصب سياسية، فضلًا عن مشاركتها الفعالة في مجلس الشورى والمجال الأمني، وتوليها المناصب العليا في قطاع التعليم، وترشيح نفسها لعضوية رئاسة البلدية، وهنا نجد أن تمكين المرأة السعودية ودعم قدراتها بالتأهيل وإتاحة الفرص جعلها شريكًا حقيقيًا فاعلًا في بناء الوطن والتنمية.
وبرزت المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية بكفاءة السعوديات قبل سنوات ماضية بتولي أول مبتعثة سعودية الدكتورة ثريا عبيد منصبًا قياديًا رفيعًا هو المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث أدارتها بكفاءة ونشاط كان محط ثناء المنظمة والعاملين فيه، واليوم نشهد كفاءة السعوديات في خدمة وطنهن بتعيين أول سفيرة للمملكة العربية السعودية هي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفيرة لدى الولايات المتحدة الأمريكية بمرتبة وزير، لتكون بذلك نموذجًا لثقة القيادة الرشيدة بإمكانات وقدرات عطاء المرأة السعودية في كل المحافل في ظل تمكين ابنة الوطن البارّة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا من القيام بأدوار عديدة منتظرة منها وفقًا لضوابط الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد العربية السعودية الأصيلة.
وقالت عضوة مجلس الشورى نورة الشعبان في حديثها لوكالة الانباء السعودية "واس" : إن بلادنا المملكة العربية السعودية شهدت سلسلة متكاملة من الإصلاحات والتطور والنهضة نحو مستقبل واعد يسير على خُطى المؤسس - رحمه الله- وصولًا إلى رؤية 2030 التي تضمنت مع برنامج التحول الوطني لعام 2020 تشجيع المشاركة الكاملة للمرأة في سوق العمل وتنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعها واقتصاد بلادها وركزت على إعطاء النساء نصيبًا كبيرًا من التمكين والإنصاف لتعزيز دورها في كافة الأصعدة. وأضافت: نحن نساء المملكة مازلنا في انتظار وترقب المزيد من الفرص والمناصب القيادية في القطاعين الحكومي والخاص للمساهمة في تجسيد دور المرأة في مسيرة التنمية نحو مجتمع متكامل وهذه الفرص آتية ولكن في الوقت المناسب.
وبينت الشعبان أن اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل عام كان حدثًا خاصًا ومُلهمًا للمرأة السعودية لتعزيز مكانتها و دورها الفعّال في وطنها وفي العالم واستذكار بصماتها في تاريخ الوطن، وأصبح طموحها يبلغ "عنان السماء" وثقتها بقدراتها وبدعم قيادتها التي تُدرك بأنها صانعة للأجيال وللسلام وللتغيير ولبناء المستقبل، ولقد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على أن تعمل في بيئة آمنة لذا أصدر قانون لمكافحة التحرش، وقد أشادت هيئة حقوق الإنسان بإقرار هذا النظام وأهميته في صيانة خصوصية الفرد وكرامته التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة، مما شجع النساء على المشاركة بشكل أوسع وفتح لها مجالات لم تكن مفتوحة من قبل، وقد حقّقت المرأة السعودية تفوقًا ونجاحًا باهرًا في مجالات متعددة وقدمت الكثير من الاختراعات والإنجازات والأبحاث العلمية والخدمات الصحية والتعليم وأيضًا تمثيل وطنها في العالم ودورها الدبلوماسي والبرلماني الذي بدأ يَبرز في فعاليات حوارية مختلفة، ومشاركتها من خلال عملها ضمن الوفود في المؤتمرات والمحافل الإقليمية والدولية وفوزها في أكثر من 17 مقعدًا ما بين الوزارات ومجلس الشورى والمجالس البلدية والغرف التجارية والجامعات وبعض سفارات وقنصليات وبعثات المملكة.
وأكدت الشعبان أن خطوات المرأة السعودية في تسارع ونمو متواصل داخل الوطن وخارجه حيث أولت الحكومة السعودية اهتمامًا كبيرًا بالمبتعثات الخريجات بتخصص السياحة وتم تفعيل دورهن في مشاريع سياحية كان آخرها في محافظة العُلا مهرجان "شتاء طنطورة"، واستُحدثت أيضًا أقسام للنساء في السلك العسكري مثل: الجوازات والسجون وكذلك في الدفاع المدني وأخيرًا في المرور بالإضافة إلى دعمها الكبير للأندية الرياضية النسائية التي من خلالها تُمارس المرأة السعودية الرياضة وتتسلق الجبال وتغوص البحار، مبينة أن رحلة تمكين المرأة لم تنته بعد وأن 15% من الوظائف التقليدية ستزول وأن 65% من طالبات المرحلة الابتدائية سيمارسن بعد تخرجهن من الجامعات وظائف جديدة في مشاريع تتنامى كالقديّة ونيوم، وغيرها، جنبًا إلى جنب مع الرجل في التنمية ورفعة الوطن لتكمل بعدها الأجيال مسيرة العطاء.
وإذا أردنا أن نستعرض ما حققته النساء السعوديات من تفوق ونجاح باهر في مجالات متنوعة والتي لا يمكن حصرها في سطور كخطوة مهمة لمستقبل واعد كان أبرزها على سبيل المثال في المجال الصحي، وجود استشارية جراحة أورام القولون والمستقيم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتورة سمر الحمود حيث قلّدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود هذا العام وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) لعام 1440 هـ، كما اختارتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية للانضمام للجنة العالمية لتحكيم الأبحاث العلمية في مجال السرطان، وكذلك الدكتورة خولة الكريع كبيرة علماء أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي وتشغل حاليًا منصب رئيس مركز أبحاث الملك فهد لأورام الأطفال التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض. ومن الجانب العلمي حصول الباحثة فتون الصايغ التي صاغت نجاحها بحرًا على درجة الدكتوراه في تقنية الطحالب التطبيقية جامعة ليفربول ببريطانيا وفازت بالعضوية الفخرية للمنظمة الأوروبية، رئيسة وحدة المنتجات الطبيعية البحرية في مركز أبحاث الملك فهد ولها عضوية في الكثير من الجمعيات العلمية والعالمية في مجال البيئة والتقنية الحيوية، وكذلك الباحثة حياة سندي أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه في التقنية الحيوية من جامعة كامبردج ولها العديد من الاختراعات منها مجس للموجات الصوتية والمغناطيسية يمكنه تحديد الدواء المطلوب لجسم الإنسان كما يساعد رواد الفضاء على مراقبة معدلات السكر ومستوى ضغط الدم في أجسامهم، وكذلك مشاريع بحثية لحماية البيئة وقياس الغازات السامة.
وفي المجال العسكري والأمني مُنحت أوسمة لمنسوبات وزارة الدفاع اللوات ساهمن بفاعلية في عمليتي (عاصفة الحزم وإعادة الأمل) للطبيبة مي محمد أبو السعود، والطبيبة هند عبيد القثامي، والطبيبة نورة عبد الرحمن النويصر وسام الملك فهد من الدرجة الثالثة، وعلى الصعيد الفني والأدبي نجحت المرأة في وضع العديد من البصمات سواء المجال السينمائي ببروز أسماء كثيرة لمخرجات سعوديات تمكنّ من المنافسة في المهرجانات العالمية، مثل المخرجة هيفاء المنصور، والمخرجة هند الفهاد، وفي المجال التشكيلي كالفنانة ثناء القرعاوي ونبيلة أبو الجدائل، وكذلك برزت أسماء كثيرة في مجالات الرواية والقصة والشعر، ومنهن أميمة الخميس، وسارة الخثلان، إلى جانب ذلك في المجال الهندسي حيث تعمل المهندسة السعودية ريما بنت سلطان بن ربيعان في مشروع المترو وتمكنت من إثبات قدراتها العملية وانضمامها للمشروع الأضخم للمواصلات العامة في المملكة.
أما في المجال الفضائي استطاعت الأميرة الدكتورة مشاعل بنت محمد آل سعود أن تضع لها بصمة تاريخية كأول سعودية تعمل في معهد بحوث الفضاء والاستشعار عن بعد التابع لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، ومشاعل الشميمري كأول فتاة سعودية تعمل في مجال تصميم الصواريخ النووية وتلتحق بوكالة ناسا الأمريكية لدراسات الفضاء، وتعمل على تطوير أبحاث خاصة في هذا المجال.
وفي خطوات دافعة وقوية للاقتصاد السعودي لضخ دماء جديدة تتعامل مع لغة الأرقام بذكاء مالي ومهني حظي بتعيين أسماء متميزة لتولي مناصب قيادية فيه، كتعيين الدكتورة إيمان بنت هباس المطيري مساعدةً لوزير التجارة والاستثمار بالمرتبة الممتازة، وخلود الدخيل رئيسة للجنة الإحصاء بمجلس الغرف السعودية، وتعيين سارة السحيمي كأول امرأة سعودية ترأس مجلس "تداول" ومختصة بالمجال المالي والاستثماري لرئاسة مجلس أقوى هيئة تنظيمية للسوق المالي في السعودية وخارجها، و رانيا نشار رئيسة تنفيذية لمجموعة سامبا المالية لما لديها من خبرة واسعة في الأعمال المصرفية تمتد لقرابة الـ 20 عامًا.
وفي مجال الأعمال الخيرية والتطوعية، ظهرت جهود نسائية تطوعية بصورة منظمة من خلال جمعيات نسائية تطوعية تهتم بمسؤولياتها في رعاية المرأة، وتعليمها، وتثقيفها، والاهتمام بمشكلاتها، ولقد توالى إنشاء الجمعيات الخيرية النسائية في المملكة، بعضها جمعيات مستقلة، وبعضها فروع كلجان نسائية تابعة لمكاتب الإشراف النسائي التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكان أبرزها ملتقى حاضنة نورة للعطاء للعمل التطوعي السنوي الثالث التابع لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن تحت شعار "جودة وإحسان" الذي كشف أن التطوع لدى النساء السعوديات أعلى من الرجال بنسبة 30% واستطاعت الحاضرات خلال الملتقى تحقيق أكبر تجمع للمتطوعات في العالم وإطلاق الرقم القياسي لدخول المملكة موسوعة جينيس بـ"4995" متطوعة، وكان قد سبقه الملتقى الأول "ثبات ونماء" والثاني "نبراس نورة العطاء" الذي خرّج آلاف الطالبات الحاصلات على رخصة تطوع معتمدة.
وأخيرًا في المجال الإعلامي فقد شاركت الصحفيات السعوديات في الكثير من المحافل المحلية والدولية على سبيل الحصر المشاركة في مؤتمر الإعلاميات العربيات الخامس عشر في الأردن، والندوة الثانية للصحفيات العاملات بوكالات الأنباء العربية في جمهورية تونس، إلى جانب ترأسها الصحف الإلكترونية واللجان الإعلامية لأكبر المؤتمرات العلمية والثقافية وحصول بعضهن على جوائز لتثبت للعالم علو مكانة المرأة عند القيادة وقدرتها على تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها بما يتناسب مع تطلعات القيادة الحكيمة.
وتقدم حكومة المملكة خدمات دعم الإسكان لكلا الجنسين مع تمكين المرأة من خلال تقديم تسهيلات لذوات الأولوية القصوى كالمطلقات والأرامل والمرأة المعيلة لأسرتها من خلال منحهن نقاط إضافية تزيد من أولويتهن في الحصول على دعم الإسكان، وأيضا شكّل نظام الحماية من الإيذاء ونظام مكافحة التحرش في المملكة سياجًا قانونيًا لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف، كما تم إنشاء "سجل وطني" لتسجيل ورصد حالات العنف ضد الأطفال والنساء في المملكة بالقطاع الصحي بهدف الخروج بإحصائيات سنوية تسهم في إعداد رؤية متكاملة لصانعي استراتيجيات الحماية في المملكة، ولضمان تطبيق آليات الحماية في جميع القطاعات المعنية، وإنشاء لجنة تعنى بالحماية الأسرية لمراقبة أداء الجهات والتنسيق بينهما للتأكد من الالتزام بالأنظمة والقوانين وجودة التطبيق وتطوير حملات إعلامية في هذا الشأن وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية.
وحظيت المرأة السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بالكثير من القرارات الملكية منها ما كان متصلًا بشكل مباشر بدعم دور المرأة ومنها ما كان ضمن منظومة المؤسسات الحكومية والأهلية حتى كانت رؤية 2030 بمثابة "مشروع طموح للمرأة السعودية"، لتنوع المكاسب التي حصلت عليها التي تعكس صورة أكثر إشراقًا وما تملكه من إمكانات، بإتاحة فرص العمل في العديد من الجهات في كل جوانب التخطيط والتنفيذ لتتكامل الصورة للمرأة السعودية مع ما يقدمن من رأي وتنظيمات في عضوات مجلس الشورى من أجل المشاركة في تنمية مجتمعها، واقتصاد بلدها، وتقليل نظرة تهميش المرأة في المجتمع السعودي.