لم يجد بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، حلاً يحمل زعماء جنوب السودان على احترام هدنة وقعوا عليها والتعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية الشهر المقبل، إلا بأن يتوجه إليهم توسلا، فقال لهم بمساعدة مترجم: "أطالبكم كأخ، بأن تحافظوا على السلم. أسألكم ذلك من قلبي، لنمضي ونتقدم. دعونا ننجح بحل المشاكل"، ثم فاجأهم بما لم يكونوا يتوقعون: ركع على الأرض وراح يقبّل أقدامهم واحدا واحدا، فأصابهم بدهشة بدوا معها في حالة صمت وذهول.
حدث ذلك بعد خلوة روحية جمعهم إليها الفاتيكان أمس الخميس، وفيها استمعوا بمقر إقامة البابا إلى وعظ كنسي، لرأب الصدع والانقسامات قبل التشكيل المقرر لحكومة وحدة، ولد التعهد بها نتيجة اتفاق ووقعوا في سبتمبر الماضي لتقاسم السلطة، ويدعو فصائلهم الرئيسية المتناحرة إلى تجميع وتدريب قوات كل منهم لتشكيل جيش وطني قبل ولادة حكومة الوحدة الشهر المقبل.
وكان نجما الخلوة الروحية من القادة المدعوين، رئيس جنوب السودان سيلفا كير، وزعيم المعارضة ريك مشار، ممن نرى البابا البالغ 82 سنة، في فيديو تعرضه "العربية.نت" الآن، ينحني بمساعدة اثنين من مساعديه، ويقبل أقدامهما.
كما قبّل أقدام 3 نواب آخرين، على مرأى من حاضرين، أهمهم مقترح الخلوة نفسها، وهو جاستن ويلبي المعروف بكبير أساقفة كانتربري، والزعيم الروحي لأتباع الكنيسة الإنجيلية بمعظم العالم. كما كان بين الحضور أعضاء مجلس كنائس جنوب السودان وغيرهم من قادة الكنيسة الكاثوليكية في إفريقيا.
وكان البابا وصف شعب السودان قبل الخلوة بأنه منهك بسبب صراع استمر عقودا مع الجنوب، قبل أن ينال الجنوب في 2011 استقلاله، لكن لم يمر عامان على الاستقلال، إلا وأقال سيلفا كير وهو من قبيلة "الدينكا" نائبه ريك مشار، وهو من جماعة "النوير" العرقية، فباضت دجاجة الأزمات حربا أهلية، قضى فيها 400 ألف، ونزح أكثر من ثلث السكان البالغين 12 مليوناً، وولدت في إفريقيا أسوأ أزمة لاجئين منذ الإبادة الجماعية في 1994 برواندا.