الزواج مضفور في نسيج المجتمع على مرِّ التاريخ. وكانت الفكرة تقول: ابحث عن «توأم روحك»، وتزوج هذا الشخص، وسوف تكون سعيداً إلى الأبد.
ومجَّدت دراسات كثيرة في القرن العشرين وأوائل القرن الحادى والعشرين الزواج، وصوَّرته بوصفه نافعاً وخيراً للجميع، ووصمت العزوبية.
وتبعاً لذلك، أصدرت حكومة الولايات المتحدة سياسات مثل التخفيضات الضريبية والخدمات الصحية للتشجيع على الزواج.
ومع ذلك، فإنَّ الدراسات الحديثة تُثبت أنَّ المتزوجين ليسوا أسعد ولا أكثر صحة كما كان يُعتقد سابقاً.
إذ كشفت دراسة حائزة على إحدى الجوائز أُجريت على أكثر من 24 ألفاً من البالغين الألمان، أنَّ المتزوجين كانوا يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة قليلاً في عام الزفاف، لكنَّ سعادتهم كانت تعود في النهاية إلى حيث كانت في السابق قبل الزواج.
ويسمِّي معدو هذه الدراسة هذه الظاهرة فترة «شهر العسل». وقالوا إنه «في المتوسط يتكيف الناس بسرعة، وكُلياً مع الزواج».
ووجدت دراسة أخرى استندت إلى بيانات من عينة جرى قياس عدة ظواهر لديها على خمس مراحل على مدى 17 عاماً انخفاضاً في معدلات السعادة في جميع مدد الزواج، من دون أي دليل على تحسُّن في مستويات السعادة الزوجية في السنوات اللاحقة.
ومِن المدهش أن نرى لهذا الاكتشاف أساساً بيولوجياً في مادة الفينيثيلامين (PEA) الكيميائية في المخ، وهي مادة مرتبطة بمشاعر السعادة.
ويقول الباحثون في الدراسة الثانية، إنَّ هذا الانخفاض في السعادة (ومعدل النشاط الجنسي) ربما يحدث لاعتياد الخلايا العصبية على آثار الفينيثيلامين، أو بسبب انخفاض معدلات الفينيثيلامين بمرور الوقت.
وثمة دراسة أخرى لبيانات بين عامي 1984-2004 للجنة الاجتماعية الاقتصادية في ألمانيا تدعم نتائج الدراستين السابقتين.
إذ لم يجد الباحثون في هذه الدراسة أيضاً أي دليل على أنَّ الأطفال يؤثرون على الرضا الحياتي.
وقال معدو الدراسة إنَّ التفسير المعتاد لفوائد الزواج يتمثل في «الدعم الاجتماعي»، الذي يستمده الناس من شركائهم.
وثمة أثر إيجابي للرفقة والدعم العاطفي والحميمية الجنسية المستمرة.
ومع ذلك، فإنَّ هذه الفوائد تتناقص بمرور الوقت، إذ يتكيف الناس مع وجودها، وربما الأمر الأكثر أهمية أنهم يقطعون الروابط مع بعض من أصدقائهم الآخرين.
وحتى الدراسات الأخرى التي تظهر ميزة سعادة طفيفة ثابتة مستمَدة من الزواج، تعترف بأنَّ هذه الزيادة الطفيفة ترجع جزئياً إلى تأثير الاختيار؛ إذ يميل الأشخاص الأكثر سعادة للزواج، لا أنَّ الزواج يجلب السعادة للأشخاص الذين كانوا أقل سعادة في المقام الأول.
لذا فمن الممكن أن يكون الزواج في الماضي قد أدى إلى زيادة مستويات السعادة والتحسن في الصحة، لكنَّ الأبحاث الحديثة المعقدة تثبت عكس ذلك.
وينبغي للمجتمعات أن تلحق بالركب وتبدأ في فكِّ المفاهيم الخاطئة المنتشرة منذ أجيال عن الزواج، بوصفه النموذج الاجتماعي المثالي. يمكن للأشخاص العازبين أن يعيشوا حياة سعيدة، وهم يعيشون حياة سعيدة بالفعل.
وإذا كنتَ تتطلع إلى أن تعيش حياةً مُرضية وسعيدة، فإنَّ التفكير على المدى الطويل يُظهر أنَّ الزواج لا ينبغي أن يكون العامل الأكثر أهمية.