اعادت مبادرة جلالة الملك عبداللة الثاني بمناسبة عيد الأم موضوع النساء الغارمات الى الواجهة، وهي مشكلة إجتماعية بدأت تتزايد خلال السنوات القليلة الماضية دون أن يكون هنالك حلاً جذرياً لها على الرغم من المقترحات العديدة التي تقدمت بها جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، وعلى وجه الخصوص خلال آخر عام حيث أصدرت ما لا يقل عن 10 بيانات صحفية دعت فيها جميع الجهات ذات العلاقة الى تحمل مسؤولياتهم وإنهاء معاناة العديد من النساء الغارمات.
مبادرات تعالج الآثار ولا تحل المشكلة من جذورها مما يؤدي الى إستمرارها
وفي الوقت الذي تشيد فيه "تضامن" بمبادرة جلالة الملك عبدالله الثاني والتي لاقت تجاوباً ملفتاً من قبل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد، الى جانب مبادرات سابقة من قبل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لسداد قروض مئات الغارمات، وصندوق الزكاة الذي خصص مبالغ مالية لسداد قروض النساء الغارمات واخرج أعداد منهن من مراكز الإصلاح والتأهيل، إلا أنها تؤكد على دعوة جلالة الملك للحكومة والبنك المركزي الأردني ومؤسسات الإقراض للتنسيق فيما بينها لوضع حد لموضوع الغارمات، كون سداد ديونهن يصب في إطار معالجة الآثار المترتبة على تطبيق نص المادة (22) من قانون التنفيذ، ولا تعالج المشكلة من جذورها والمتمثلة في إلغاء المادة (22) لعدم جواز حبس المدين ذكراً أم أنثى لمجرد عدم قدرته على سداد الدين.
النساء يشكلن 72.5% من مجموع المقترضين من مؤسسات التمويل الأصغر وبعدد 325 ألف إمرأة
أكد تقرير شبكة مؤسسات التمويل الأصغر في الأردن "تنمية" للربع الثاني من عام 2018، على أن عدد العملاء النشيطين بلغ 448.5 ألف عميل وعميلة، وبلغ عدد القروض النشطة 436.6 ألف قرض، فيما وصلت قيمة القروض الإجمالية الى 256.3 مليون دينار بمتوسط قيمة القرض بحدود 587 ديناراً.
وقد إرتفعت القيمة الإجمالية للقروض بنسبة 163.5% خلال 8 سنوات، حيث كان حجم المحفظة الإقراضية عام 2012 بحدود 97.1 مليون دينار الى أن وصلت الى 256.3 مليون دينار عام 2018. كما وإرتفع عدد العملاء النشيطين بنسبة 88% خلال 8 سنوات أيضاً، حيث كان عددهم عام 2012 بحدود 230.1 ألف عميل وعملية وأصبح 432.6 ألف عميل وعملية عام 2018.
وتشمل شبكة "تنمية" 9 مؤسسات تمويل أصغر وهي فيتاس الأردن، شركة صندوق المرأة للتمويل الأصغر، الشركة الأردنية لتمويل المشاريع الصغيرة (تمويلكم)، البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة، الشركة الأهلية للتمويل الأصغر، فينكا للتمويل الأصغر، دائرة الإقراض الصغير في الأونروا، إثمار للتمويل الأصغر الإسلامي والأمين للتمويل الأصغر.
وتعطي هذه المؤسسات أولوية أكبر للمحافظات والمناطق الريفية وجيوب الفقر داخل العاصمة وخارجها بهدف توسيع نطاق التنمية في مختلف المحافظات، حيث أظهرت الإحصائيات بأن 68% من إجمالي عمليات قطاع التمويل الأصغر متواجدة خارج محافظة العاصمة، علماً بأن عدد فروع هذه المؤسسات حتى عام 2018 بلغ 195 فرعاً منها 132 فرغاً خارج محافظة العاصمة.
وتضيف "تضامن" بأن عدد النساء المقترضات من مؤسسات التمويل الأصغر بلغ خلال عام 2018 حوالي 325.5 ألف إمرأة، ويشكلن ما نسبته 72.5% من مجموع المقترضين البالغ عددهم 448.5 ألف مقرض ومقترضة.
وتشكل النساء المقترضات من مؤسسات التمويل الأصغر حسب المحافظات، 70% من مقترضي محافظة العاصمة (99383 إمرأة)، و 78% من مقترضي محافظة البلقاء (29830 إمرأة)، و 72% من مقترضي محافظة الزرقاء (47226 إمرأة)، و 73% من مقترضي محافظة مادبا (16315 إمرأة)، و 68% من مقترضي محافظة إربد (51281 إمرأة)، و 72% من مقترضي محافظة المفرق (16698 إمرأة)، و 85% من مقترضي محافظة عجلون (8664 إمرأة)، و 64% من مقترضي محافظة جرش (9791 إمرأة)، و 84% من مقترضي محافظة الكرك (26738 إمرأة)، و 76% من مقترضي محافظة الطفيلة (6556 إمرأة)، و 86% من مقترضي محافظة معان (5378 إمرأة)، و 80% من مقترضي محافظة العقبة (7690 إمرأة).
إدارة مخاطر الإقراض لشركات التمويل الأصغر في أدنى صورها وتضر بالنساء المقترضات وتهدد إستقرار المجتمع
وتضيف "تضامن" بأن شروط منح القروض الشخصية من قبل البنوك التجارية متشددة الى حد كبير، فلا يمكن منح القرض دون وجود راتب شهري أو دخل ثابت، وفي كثير من الحالات يتم رهن أموال غير منقولة ضماناً للقرض، وطلب كفلاء مليئين، وتقديم كشف حساب بنكي وغيرها الكثير، كما لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز قيمة القسط الشهري 40% من دخل المقترض أو المقترضة.
إلا أن شروط منح النساء قروض صغيرة من مؤسسات التمويل الأصغر تختلف كثيراً، فغالبية النساء لا يعملن أو ليس لديهن دخل آخر، وضمانات الإقراض إن طلبت منهن تكون في إطار متساهل، مما يجعل من إدارة مخاطر إقراض النساء في أدنى صورها، ويعرضهن بشكل مباشر الى مواجهة عدم القدرة على السداد مما يضطرهن الى جدولة قروضهن أو يعرضهن للملاحقة القانونية.
وتدعو "تضامن" كافة الجهات المعنية الى إعادة النظر بالأسس التي يتم بناءاً عليها الموافقة على إقراض النساء، والتركيز على تدريب النساء مهنياً وبناء قدراتهن وتوفير ضمانات للقروض تكفل السداد المريح بدون تكاليف إضافية مبالغ فيها، تتناسب مع أوضاع الفقيرات من النساء، والبعد عن اللجوء الى الحبس كوسيلة إكراه وضغط في حالة العجز عن الوفاء بالدين، لتكون بذلك هذه المؤسسات داعمة للنساء في إطار تمكينهن الاقتصادي، وإنتشالهن من دائرة الفقر والبطالة.
إن تمكين المرأة إقتصادياً يتطلب سياسات إقراض وتحصيل ومتابعة تراعي إحتياجات النوع الاجتماعي وتمكن النساء في كل الظروف.
تجاوب نيابي مرحب به لتعديل المادة 22 من قانون التنفيذ القضائي التي تجيز حبس المدين/المدينة
ورحبت "تضامن" بتجاوب أعضاء وعضوات من مجلس النواب مع المقترحات التي تقدمت بها، حيث رفع عدد من أعضاء وعضوات مجلس النواب بتاريخ 13/1/2019 مذكرة الى رئيس مجلس النواب يطالبون فيه تعديل المادة 22 من قانون التنفيذ بشطب الفقرة (ج) و (د) والإستعاضة عنهما بالفقرة التالية "(ج): لا يجوز حبس المدين لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي او مالي وفي الحالات الأخرى التي يجوز فيها الحبس الواردة في الفقرة (ب) لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس 90 يوماً في السنة الواحدة ومهما تعددت الديون بحق المدين".
وبتاريخ 11/2/2019 تقدم 47 نائباً ونائبة بمذكرة الى رئيس مجلس النواب يقترحون فيها تعديل المادة 22 من قانون التنفيذ وإضافة الزام المحكوم عليه القيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع للمدة التي يحددها رئيس التنفيذ وحسب ما هو وارد في هذا القانون، وتحديد مدة الحبس بـ 90 يوماً في السنة الواحدة مهما تعددت الأقساط أو تعدد الدائنون، بحيث يجوز للمدين أو الكفيل التقدم بإستبدال عقوبة الحبس بالخدمة المجتمعية إذا كان جميع أبنائه لم يتجاوزا سن 18 أو كان إمرأة أو كان الدين لصالح صندوق دعم الطالب في الجامعات الأردنية الرسمية.
وتجد "تضامن" بأنه لا بد من إلغاء عقوبة الحبس على الذكور والإناث في حال كان الدين ناتج عن التزام تعاقدي، ويمكن فرض العقوبة مع إمكانية إستبدالها بالخدمة المجتمعية في حال كان الدين بسبب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني كجريمة الإحتيال أو سوء الأمانة أو الشيك بدون رصيد.
إن مبادرات إخلاء سبيل الغارمات من خلال سداد المبالغ المالية المترتبة عليهن، تصب جميعها في إطار معالجة الآثار المترتبة على عجزهن عن الوفاء بالإلتزامات المالية نتيجة حصولهن على قروض خاصة من شركات التمويل الأصغر دون وجود ضمانات كافية. ولا بد من العمل على حل المشكلة من جذورها وعلى عدة مستويات من بينها إلغاء المادة 22 من قانون التنفيذ والتي تجيز حبس المدين / المدينة.
وتشير "تضامن" الى أن التعديلات على قانون معدل لقانون التنفيذ لعام 2017 لم تضع حلاً جذرياً لموضوع حبس المدين لعجزه عن سداد الدين خاصة مع تزايد أعداد النساء المدينات الموقوفات في مراكز الإصلاح والتأهيل والمطلوبات لدائرة التنفيذ القضائي، ولم تلغ نص المادة (22) من قانون التنفيذ لعام 2007 والتي تتعارض مع أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن ونشرها في الجريدة الرسمية. وإن التزاماتنا الدولية المتمثلة في المصادقة على هذا العهد توجب علينا إعادة النظر في النصوص القانونية التي تجيز حبس المدين.
نص المادة (22) من قانون التنفيذ رقم 25 لعام 2007
تنص المادة (22) من قانون التنفيذ رقم 25 لعام 2007 في الفقرة (أ) على أنه :"يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدة الإخطار على أن لا تقل الدفعة الأولى بموجب التسوية عن 25% من المبلغ المحكوم به فإذا لم يوافق المحكوم له على هذه التسوية فللرئيس أن يأمر بدعوة الطرفين لسماع أقوالهما ويقوم بالتحقيق مع المدين حول إقتداره على دفع المبلغ، وله سماع أقوال الدائن وبيناته على إقتدار المحكوم عليه وإصدار القرار المناسب".
وتنص الفقرة (ج) من ذات المادة على أنه :"لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس تسعين يوماً في السنة الواحدة عن دين واحد ولا يحول ذلك دون طلب الحبس مرة أخرى بعد إنقضاء السنة". فيما نصت الفقرة (د) على أنه :"يمكن إستمرار الحبس بعد إنقضاء مدته من أجل دين آخر وذلك بناءاً على طلب الدائن نفسه أو دائن آخر".
حبس المدين بين القانون الأردني والإتفاقيات الدولية
وتجد "تضامن" بأن حبس المرأة المدينة لعدم سداد الدين يخالف نص المادة (11) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن عام 2006 وتم نشره في الجريدة الرسمية، وبالتالي فإنه يسمو في قوته على التشريعات الوطنية وهو الأولى في التطبيق، ووفق ما إستقر عليه إجتهاد محكمة التمييز الأردنية.
حيث تنص المادة (11) من العهد على أنه ": لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي".
هذا وقد صدرت عدة أحكام قضائية أردنية رفضت إجابة طلب الدائن حبس المدين، وإستندت إلى أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة تسمو على القوانين المحلية.
176 ألف مقترضة من البنوك العاملة في الأردن عام 2017 وبزيادة بلغت 15%
من جهة اخرى ذات علاقة، ووفقاً للتقرير السنوي لجمعية البنوك الأردنية لعام 2017 فقد وصل عدد المقترضين الأفراد من البنوك العاملة في الأردن الى 871753 مقترضاً/مقترضة مقارنة مع 788951 مقترضاً/مقترضة عام 2016 وبإرتفاع نسبته 10.5%، منهم 176100 مقترضه (20.2% من مجموع المقترضين في حين كان عدد المقترضين الذكور 695653 مقترضاً وبنسبة 79.8%) كما وإرتفعت نسبة المقترضات بحدود 14.9% مقارنة مع عام 2016 حيث كان عددهن 153270 مقترضة .
وقد بلغت القيم الإجمالية لقروض الأفراد 9.61 مليار دينار، منها 7.94 مليار دينار للمقترضين الذكور وبنسبة 82.6%، و 1.67 مليار دينار للمقترضات الإناث وبنسبة 17.4% بإرتفاع وصل الى 171 مليون دينار عن عام 2016 (كانت عام 2016 حوالي 1.499 مليار دينار).