حول مدى أهمية فحص توافق الخصال بين المخطوبين قبل الزواج، كتب بروفيسور ريتشارد ماتسون، المتخصص في علم النفس بجامعة "بينغهامتون" الأميركية، إجابة لسؤال حول ما إذا كان هناك فعلياً أي أساس علمي لاختبارات التشابه والتوافق في العلاقات بين الأزوج وفقاً لجينات محددة، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، يقول فيها: "أظهرت الدراسات أن التوائم المتماثلة وراثياً، والتي يتم تربيتهم بشكل منفصل، يتبعون نفس الخطوات في تقييم اختياراتهم لشركاء الحياة، مما يشير إلى بعض المساهمة الجينية الدائمة في الحياة الزوجية".
ولكن تبقى الجينات ذات الصلة بنجاح علاقات الزواج لغزاً، حيث أن التوقعات بالتوافق في علاقات الزواج على أساس توليفات محددة من الملامح الجينية تستند إلى قاعدة علمية ضعيفة.
فقد بدأ الباحثون مؤخراً بإجراء أبحاث من أجل تحديد الجينات، التي قد ترتبط بالسعادة الزوجية وما هي الخطوات الواجب اتباعها لتحقيق اختيارات ناجحة لشركاء الحياة.
هرمون الحب
ويقول بروفيسور ماتسون إنه بصفته باحثاً وعالماً نفسانياً سريرياً، فإن لديه اهتمام طويل الأمد بتحديد العوامل التي تساهم في تحقيق الزواج السعيد، ومنها كيفية إدارة الأزواج للخلافات، وأنه بات يولي اهتماماً متزايداً في الآونة الأخيرة لاستكشاف المحددات الجينية.
يُذكر أن الجينات هي أجزاء من الحمض النووي تقوم بتشفير سمات معينة.
وعلى الرغم من أن الجينات تكمن وراء الاختلافات الفردية في مجموعة واسعة من الخصائص التي يعتقد أنها ذات صلة بالزواج، يقول بروفيسور ماتسون إنه مهتم على وجه التحديد بالجين OXTR وهو الجين المُستَقِبْل لهرمون أوكسيتوسين، الذي يشار إليه باسم "هرمون الحب"، والذي يلعب دوراً مهماً في الارتباط العاطفي. ويستشهد بروفيسور ماتسون على هذا الدور العاطفي لهرمون أوكسيتوسين بأنه يغمر الأمهات عند ولادة أطفالهن.
الزيجات الناجحة والارتباط العاطفي
ويقول بروفيسور ماتسون إنه يقوم بدراسة الجين OXTR، الذي ينظم إفرازات هرمون الأوكسيتوسين، في سياق كيفية قياسه لتحديد الزيجات الناجحة، والارتباط العاطفي بالمحيطين بكل فرد.
ويستطرد بروفيسور ماتسون شارحاً أن جين OXTR يرتبط أيضاً بمجموعة من الظواهر المرتبطة بالسلوك الاجتماعي للإنسان، مثل الشعور بالثقة والمساواة الاجتماعية.
ويضيف أنه لاختبار هذه الفرضية، جمع فريقاً متعدد التخصصات من العلماء بما في ذلك علماء النفس مع خبرة إضافية في مجال البحث في العلاقات الزوجية، وعلم الوراثة وأخصائي الغدد الصماء المتخصص في هرمون الأوكسيتوسين. وقام الفريق البحثي بدراسة حالات 79 من الأزواج من مختلف الجنسيات.
التباين الوراثي والجودة الزوجية
وبعد عدد من التجارب والتحاليل، أظهرت نتائج الفحوصات أن هناك ارتباط بين الدعم الاجتماعي العالي الجودة وبين تحقيق السعادة الزوجية في العلاقات التي يسودها التعاطف والتفاهم والود.
كما أشارت النتائج إلى أن هناك صلة بين هذا النمط الوراثي نفسه وبين حالات العجز الاجتماعي المعرفي وكذلك التوحد.
اقرأ أيضاً : علماء النفس يخبرونك: البقاء عازبًا أفضل من أن تكون متزوجًا
الجينات وحدها لا تكفي
ولكن لا ينصح بروفيسور ماتسون باستخدام نتائج الدراسة في الوقت الحالي كمؤشر على إمكانية اختبار وفحص المقبلين على الزواج لمجموعات محددة من الجينات التي تبدو ضارة بالزواج.
ويفسر بروفيسور ماتسون نصيحته قائلاً: "إن الجينات يمكن أن تؤثر على مجموعة واسعة من الخصائص، والتي ربما تكون ضارة للزواج في بعض النواحي ولكنها مفيدة في حالات أخرى".
ويشير إلى أن الآلية الدقيقة غير واضحة، لكن من المتوقع أن تكون مفيدة على الأقل في تقليل أو تعتيم مساحة تبادل المشاعر العدائية أثناء حدوث خلافات أو جدل بين الأزواج.
ويلفت بروفيسور ماتسون إلى أنه ربما تسلط الأبحاث المستقبلية الضوء على كيفية تقديم الدعم الاجتماعي بطرق يمكن أن تفيد هؤلاء الأفراد.
ويختتم قائلاً إنه تم التوصل أيضاً إلى أن هناك العديد من المواقع الأخرى ذات الصلة المحتملة في جين OXTR، بالإضافة إلى جينات أخرى ربما تكون ذات صلة بالعلاقات الزوجية، موضحاً أن الدراسات تهدف في نهاية المطاف إلى تصميم نموذجا للاقتران من خلال دراسة علم الوراثة الزوجية.