قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي السبت إن اقتصادات الدول العربية، كما أمنها واستقرارها، مترابطةٌ يعتمدُ بعضها على بعض ومسيراتها التنموية تتعززُ وتنمو عبر مأسسةِ آليات التعاون الاقتصادي، في إطارِ رؤيةٍ عمليةٍ شمولية، تعي فوائد تحقيق التكامل الاقتصادي في تعظيم المنجزات، وفي إنجاح الخطط الاقتصادية، وتحصن العلاقات الاقتصادية والتجارية من تذبذبات السياسة وتقلباتها.
وأكد في كلمة المملكة التي ألقاها في الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية التنموية في بيروت أن "طاقاتنا وإمكاناتنا كبيرة. لكن الغائب هو أُطر التعاون الإقليمية الفاعلة التي تزيد التبادل التجاري وتربط البنى التحتية وتشجع الاستثمار، فتجعل من عالمنا العربي كتلة اقتصادية كبيرة بكبر امكاناتنا البشرية والمادية."
وأمل وزير الخارجية أن توفر "هذه القمةُ وقفةً لتقويم حال علاقاتنا الإقتصادية، تمهيداً لتحديد عوائق تطورها والتوافق على خريطة طريق تتيح التدرج نحو تحقيق تكامليتها وتطوير التشريعات الناظمة لها واستقرارها ، لأن في ذلك منافع مشتركة، وتشجيعاً للقطاع الخاص على أن يعزز من استثماراته وتبادلاته التجارية. "
وقال الصفدي "واضحة هي التبعات السلبية لغياب الاستقرار السياسي على مسيراتنا التنموية. استنفذت الحروب والأزمات مواردنا، وأحبطت شبابنا، وحرمت منطقتنا الأمن والاستقرار اللازمين شرطا لتحقيق النمو الاقتصادي القادر على تلبية احتياجات مجتمعاتنا إلى مستويات عالية من التعليم والخدمات وإلى فرص العمل."
وزاد "لذلك لا بد من وقفة صريحة أيضا لتقويم نجاعة نهجنا في معالجة أزماتنا. نحتاج تنسيقا أعمق يضمن دورا عربيا أكبر في تجاوز التحديات التي تواجهنا، ويعظم قدرتنا على التأثير في السياسات الدولية إزاء بلادنا وقضايانا."
وشدد الصفدي على أن الاحتلال يبقى الخطر الأكبر على الأمن الإقليمي، والسبب الرئيس للتوتر وحال اللاستقرار اللذين يعيقان النهضة الاقتصادية التنموية الشاملة.
ودعا وزير الخارجية إلى تحرك عربي يعيد الحياة إلى الجهود السياسية الدولية المستهدفة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، التي انطلقت من هنا، من بيروت، خيارا عربيا استراتيجيا لسلام شامل، سبيله الوحيد استعادة كل الأراضي العربية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن "القدس، كما يؤكد الوصي على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، هي مفتاح السلام، ويجب تكاتف الجهود لحمايتها والحفاظ على هويتها العربية الاسلامية والمسيحية."
وقال الصفدي إن "لا سلام شاملا من دون تلبية جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وحل جميع قضايا الوضع النهائي، وفِي مقدمها فضية اللاجئين، بما يضمن حق العودة والتعويض، وفق قرارات الشرعية الدولية وخصوصا القرار 194. "
ولفت إلى أن حمايةُ وكالةُ الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) ضرورةٌ لحماية هذا الحق. وشكر جميع الدول الشقيقة والصديقة التي أسهمت في سد عجز الوكالة العام الماضي، وشدد على ضرورة ضمان استمرار الوكالة تقديم خدماتها للاجئين ليس فقط لأهمية ما تقدمه من خدمات. ولكن لأن في ذلك تأكيدا أن المجتمع الدولي مايزال ملتزما تلبية حق اللاجئين.
وقال الصفدي إن الأزمةُ السورية جرح ما يزال ينزف موتا وخرابا وتشريدا وتهجيرا وشدد أنه يجب وقف معاناة الأشقاء وأن يكون هناك "دور عربي إيجابي فاعل في جهود التوصل لحل سياسي للأزمة، وفق القرار 2254 يقبله السوريون، يحفظ وحدة سوريا، يحقق المصالحة الوطنية ويعيد لسوريا الشقيقة أمنها واستقرارها ودورها في المنطقة ومنظومة العمل العربي المشترك، ويتيح العودة الطوعية للاجئين." .
وزاد "فِي الأردن كما تعلمون مليون وثلاثمائة ألف شقيق سوري هم أهلنا وهم ضيوف أعزاء تستمر المملكة في تقديم كل ما تستطيع لتلبية احتياجاتهم وضمان العيش الكريم لهم، إلى حين نضوج ظروف عودتهم الطوعية إلى وطنهم، ليسهموا في إعادة إعماره."
وقال الصفدي "ظروفنا الاقتصادية صعبة. والدعم الدولي للاجئين شحيح يتراجع يجب زيادته. لكن التزامنا نحوالأشقاء ثابت. هذا هو إرث المملكة الأردنية الهاشمية. وهذه هي نخوة الأردنيين."
ودعا وزير الخارجية إلى دعم الجهود المستهدفة حل الأزمة في اليمن. وقال "في اليمن مأساة يجب أن تنتهي أيضا. ثمة جهود يجب أن ندعمها لحل الأزمة وفق القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، وبدءاً بتنفيذ اتفاق ستوكهولم. "
وأضاف الصفدي أنه في فِي حل الأزمة الليبية بِمَا يضمن وحدة ليبيا وأمنها ويخلصها من الإرهاب أيضا عامل استقرار أساسي لعالمنا العربي ومسيرة تنميته.
وأكد على أن "تجاوز أزمات المنطقة شرط أساس لدحر المسخ الإرهابي، الذي يعتاش على الفوضى وتفكك الدول والمجتمعات، وتتسلل ظلاميته عبر اليأس والقهر وغياب العدالة والفرص. "
وأشار وزير الخارجية إلى أن الدمار الذي سببته الأزمات كبير، وثمة ضرورة لمشروع إعادة إعمار عربي شامل يعيد البناء ويؤكد أن العرب، لا اﻵخرين، هم من يتحملون مسؤولية عالمهم.
وقال وزير الخارجية "نأمل أن تحمل قمة بيروت الإقتصادية وعد بيروت التاريخي في الاستنارة والتعددية والأمل بعالم عربي منفتح منجز متكامل متضامن، قادر على خدمة مصالحنا المشتركة وعلى تحقيق التنمية الشاملة التي تفتح الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية رحبة أمام شبابنا."
وشكر الصفدي الجمهورية اللبنانية الشقيقة على استضافة القمة والجامعة العربية على حسن تنظيمها. وشكر الصفدي المملكة العربية السعودية الشقيقة على ما بذلته من جهود طيبة وما حققته من نتائج خيرة خلال ترؤسها القمة السابقة.))