وصل وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو مساء الاربعاء الى القاهرة بعد أن قام بزيارة خاطفة للعراق لطمأنة حلفاء واشنطن إزاء الدعم في الحرب ضد عصابة داعش الارهابية رغم اعلان انسحاب القوات الاميركية من سوريا.
وتوقف بومبيو الاربعاء في بغداد في زيارة لم تكن مبرمجة، قبل ان يتوجه ايضا الى اربيل في كردستان العراق.
ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قبيل عيد الميلاد، بشكل مفاجئ، انسحاب قوات بلاده البالغة ألفي جندي من سوريا تكثر التساؤلات حول مصير وحدات حماية الشعب الكردية، التي تدعمها الولايات المتحدة لمحاربة داعش.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية تنظيماً إرهابياً على غرار داعش، وتتوعد منذ عدة أسابيع بشن هجوم على مناطق سيطرتها في شرقي الفرات.
وقال بومبيو، الذي أكد الانسحاب الأميركي أنه "من المهم بذل كل ما في وسعنا للتأكد من سلامة أولئك الذين قاتلوا معنا" .
ومن أربيل، عاصمة أقليم كردستان العراق، أكد كذلك أن الرئيس التركي رجب طيب "إردوغان قد قدم التزامات، وهو يعرف (...) بأننا نريد التأكد منها".
وأضاف "سنحقق تقدما حقيقيا في الايام المقبلة"، في حين كانت أنقرة نفت الثلاثاء بشكل قاطع أن تكون قدمت التزاما لترمب بضمان أمن وحدات حماية الشعب.
وتأتي هذه الزيارة بعد نحو أسبوعين من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الى العراق لتفقد القوات الأميركية من غير أن يلتقي أي مسؤولين عراقيين، ما أثار انتقادات في العراق.
والقاهرة هي المحطة الثالثة من جولة إقليمية يقوم بها بومبيو وبدأها الثلاثاء في العاصمة عمان.
والتقى بومبيو في بغداد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ووزير الخارجية محمد علي الحكيم .
وأكد لكل منهم "دعم الولايات المتحدة لجهود الحكومة الجديدة لضمان الاستقرار والامن والازدهار لكل العراقيين".
من جانب آخر بحث "مواصلة التعاون" بين الجيشين "لضمان أن هزيمة داعش ستكون دائمة في كل المنطقة".
ثم استقبله الرئيس العراقي برهم صالح الذي اعتبر أن العراق "بحاجة إلى الدعم الأميركي" معبرا عن امتنانه "للدعم الأميركي منذ سنوات" لمواجهة داعش على وجه الخصوص.
وأضاف أن "داعش هزم عسكريا لكن المهمة لم تنته".
وغادر صالح بعدها الى قطر.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي أجرى محادثات الثلاثاء في تركيا، قال إن الولايات المتحدة ستتحقق من أن داعش قد هُزم بالفعل قبل مغادرة سوريا.
ورفض بومبيو كشف أي جدول زمني للانسحاب.
- بين واشنطن وطهران-
تعد مسألة وجود داعش في سوريا التي تشترك مع العراق بحدود تمتد مئات الكيلومترات أغلبها مناطق صحرواية تنتشر فيها خلايا نائمة، أمراً شديد الأهمية بالنسبة لبغداد.
ورغم إعلان السلطات العراقية "النصر" على داعش في كانون الاول/ديسمبر 2017، ما زال التنظيم يحتفظ بخلايا وجيوب صغيرة في مناطق جبلية وصحراوية وخصوصا قرب الحدود مع سوريا المجاورة، ويظل قادرا على شن هجمات.
بالاضافة الى الاردن والعراق ومصر، يزور وزير الخارجية الاميركي في سياق جولته البحرين والامارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان والكويت، وفقا لوزارة الخارجية الاميركية.
وفي كل محطة من جولته، يرتقب ان يعمد بومبيو الى طمأنة محاوريه بعد اعلان ترمب الذي اعتبر ان "الولايات المتحدة لا يمكنها أن تبقى شرطي العالم".
لكن ترمب أكد أنه لا ينوي "إطلاقا" سحب القوات الأميركية من العراق بل يرى "على العكس" إمكانية لاستخدام هذا البلد "قاعدة في حال اضطررنا للتدخّل في سوريا".
لكن الوجود الاميركي لا يزال موضع نقاش في العراق خصوصا بسبب العلاقة الوطيدة بين تنظيمات عراقية رئيسية وايران، وهو الامر الذي دفع الى تصاعد الاصوات من جديد للمطالبة بجدولة خروج القوات الاميركية في أعقاب زيارة الرئيس الاميركي الأخيرة.
-"ضغوط على ايران"-
وفقا لمسؤول عراقي رفيع، تقوم بغداد بدور الوسيط في إعادة العلاقات بين سوريا و قطر، التي يزورها صالح وحكيم.
وأستطاع العراق تحسين علاقاته مع دول الجوار والاعتماد على الدعم الأميركي وعلى مساندة مستمرة من إيران منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لمواصلة الحرب ضد داعش.
لكن في ظل أولوية واشنطن المتمثلة بالحد من نفوذ إيران والذي تعتبره "مزعزعا للاستقرار"، فإن بغداد ستطالب بوضع خاص. وبالفعل حصل العراق على إعفاءات واشنطن من العقوبات الأميركية الجديدة على إيران، عبر تعهده تقليل اعتماده او وضع نهاية لاعتماده على استيراد الطاقة من أيران.
وتخطط بغداد لتمديد هذه المهلة الزمنية، فيما وعد بومبيو خلال محادثاته في عمان بأنه "في الأيام والأسابيع المقبلة سترون أننا نضاعف جهودنا الدبلوماسية والتجارية لتشكيل ضغط حقيقي على إيران".
وشدد في بغداد على "اهمية التقدم نحو استقلال الطاقة في العراق".