على مدى سنوات، اعتاد مصطفى محمود تعاطي المخدرات، حيث كان ينفق الكثير من دخله الضئيل على الحشيش، لكنه تحول منذ بضعة شهور إلى مخدر أرخص ثمناً، يقول إنه يقوده إلى وفاته.
ومحمود، البالغ من العمر 27 عاماً، واحد من بين عدد متزايد من المصريين الذين يتعاطون «الاستروكس»، وهو مخدر قوي يتم مزجه بالتبغ وتدخينه، ويعتبره المسؤولون المصريون أحد أكبر التهديدات التي تواجه الشباب في مصر.
ولطالما كان إدمان المخدرات مشكلة في مصر، التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة تقريباً، لكن وتيرة انتشار تعاطي «الاستروكس» تشكل تحدياً كبيراً للبلاد.
يصنع في ورش محلية
يقول خبراء إن هذا المخدر يتم تصنيعه في ورش محلية، عن طريق إضافة مواد كيميائية يستخدمها عادة البيطريون، إلى أعشاب طبيعية مثل البردقوش. ويضيف البعض مبيدات حشرية من أجل زيادة التأثير، غير أن هذا يجعل المخدر فعلياً أشد فتكاً.
ويتحدث متعاطون لهذا المخدر عن أنه يسبب تشنجات مؤلمة، تؤدي إلى الهلوسة وفقدان الوعي. وتقول السلطات إن «الاستروكس» أدى إلى مقتل العشرات، وتسبَّب في ارتفاع معدلات الجريمة.
ويقول محمود، الذي فقد عمله بمتجر للفاكهة بسبب الإدمان: «الاستروكس أحسن من الحشيش لأنه رخيص، بس لما بتشربه تحس إن روحك هتطلع، وحاجة مش طبيعية، بتغيب عن الحياة، وبيحصل لي تشنجات».
وأضاف: «السيجارتان من الاستروكس ثمنهما 30 جنيهاً، إنما الحشيش السيجارة ثمنها 50 جنيهاً (2.80 دولار)».
وهذا المخدر ينتشر في المناطق الفقيرة، حيث تدهورت مستويات المعيشة منذ خفض قيمة العملة والدعم الحكومي، بسبب إصلاحات دعمها صندوق النقد الدولي في 2016. ويقول عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي إن كثيراً من الضحايا تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاماً.
وفي حين أن الإحصاءات نادرة، يقول مسؤولون إن نحو 104 آلاف مدمن للمخدرات يتلقون العلاج مجاناً في مركز يتبع وزارة التضامن الاجتماعي.
وقال عثمان إن متعاطي «الاستروكس» باتوا يشكلون نحو 25% من إجمالي المتقدمين للعلاج هذا العام، مقارنة مع 4.5% في عام 2017.
مخدر تخليقي
وارتفعت أيضاً الاعتقالات المرتبطة بالاستروكس. وذكر مصدر أمني أنه في آخر ستة أشهر ارتفعت أعداد المضبوطين بتهمة تعاطي «الاستروكس» بنسبة 300%، كما زادت نسبة متعاطي الاستروكس في مصر إلى 40% من إجمالي مدمني المخدرات، بعد أن كانت 9% من الإجمالي في أوائل العام الجاري.
ويقول خبراء إن «الاستروكس» نوع من المخدرات التخليقية، مثل تلك التي انتشرت في البلدان الغربية قبل أكثر من عقد من الزمن.
وقال جاستس تيتي، مدير قسم المعامل والعلوم بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في مصر «بعضها أقوى بمائة مرة من البعض الآخر».
وأضاف: «الأمر المخيف ليس أنها أكثر قوة من الحشيش، ولكن أن معظم المتعاطين ليست لديهم فكرة عما يتعاطونه. المرة الأولى أو التالية قد تكون الأخيرة لك».
ويقول محمود إنه لا يعرف سبب تعاطيه للاستروكس «بقالي تسعة شهور بشربه ولازم أشرب كل يوم مقدرش أبطله». وذكر أنه في إحدى جلسات التعاطي استيقظ ليجد صديقاً له قد توفي بجواره بسبب جرعة زائدة. واحتجزت السلطات محمود وأصدقاءه بضعة أشهر قبل أن تفرج عنهم دون اتهام.
وفي اعتراف بحجم الخطر، حظرت السلطات، في سبتمبر/أيلول، البيع غير المرخص للمواد الكيماوية التي تستخدم في صنع «الاستروكس».
وقال عثمان عن القرار «هي خطوة مهمة جداً تمت من خلال إجراءات اللجنة الثلاثية التي تضم وزارة الصحة ووزارة العدل ووزارة الداخلية».
وحتى وزارة الأوقاف تدخَّلت، عبر منابر المساجد، للحث على البعد عن إدمان المخدرات.
وورد في نص خطبة جمعة موحدة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي «كما أننا في مواجهة شاملة وحاسمة مع الإرهاب فإننا في حاجة ماسة وعاجلة إلى مواجهة شاملة وحاسمة مع الإدمان والمخدرات، فهو إرهاب من نوع آخر».