تسارع تدهور الليرة التركية مقابل الدولار الأربعاء، في أسوأ توقيت للرئيس رجب طيب إردوغان وسط الحملة لانتخابات حزيران/يونيو التي قد يشكل فيها تراجع الاقتصاد عاملا حاسما في خيار الناخبين.
وتراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد الأربعاء فتم التداول بها بسعر 4,9 ليرات للدولار الواحد، بعدما خسرت أكثر من 3,5% من قيمتها خلال بضع ساعات.
غير أنها عادت وارتفعت عصرا بنسبة 2,1% إلى 4,6 ليرات للدولار بعد تدخل عاجل من البنك المركزي، رغم أن نسبة تراجعها أمام الدولار وصلت إلى حوالى 30% خلال عام.
وشكلت إنجازات إردوغان الاقتصادية منذ وصوله إلى السلطة عام 2003 إحدى ركائز شعبيته، غير أنه يقبل على الانتخابات المبكرة في 24 حزيران/يونيو وسط تضخم يفوق 10%، فيما خسرت العملة الوطنية أكثر من 36% من قيمتها مقابل الدولار في عام.
إزاء هذا التدهور، دعا البنك المركزي إلى اجتماع طارئ لإعادة تقييم معدلات الفائدة، فرفع معدل فائدة الاقراض لنافذة السيولة المتأخرة ليوم من 13,5% الى 16,5% .
وكان خبراء الاقتصاد يدعون منذ أشهر إلى تصحيح معدلات الفائدة، بالرغم من معارضة إردوغان هذه الفكرة بشدة، وقد لمح الأسبوع الماضي إلى أنه يعتزم التدخل أكثر في السياسة النقدية في حال انتخابه لولاية جديدة.
وعلق مركز "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث في مذكرة أن "قرار (البنك المركزي التركي) سيهدئ مخاوف المستثمرين الذين يعتبرون أن البنك المركزي لا يرغب أو ليس قادرا على تشديد السياسة النقدية قبل الانتخابات المقررة في حزيران/يونيو".
وتابعت المذكرة أنه إن كان هذا القرار "وفر قدرا من الدعم للعملة الوطنية، فإن المستثمرين سينتظرون على الأرجح مؤشرات تظهر أن هذا يمثل تغييرا جوهريا في السياسة".
وإلى هبوط الليرة، يحذر الخبراء الاقتصاديون منذ أشهر من مخاطر حصول فورة اقتصادية بسبب التضخم المتسارع والعجز الكبير في الحسابات الجارية رغم نمو اقتصادي متين.
ويرى العديد من المحللين أن الخوف من أزمة اقتصادية خلال الأشهر المقبلة هو ما دفع إردوغان للدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة بعدما كانت مقررة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019. غير أن الأزمة باتت تلوح قبل موعد الانتخابات وقد تنعكس على خيار الناخبين.
- "شبح هزيمة" -
وكشف استطلاعان للرأي أجراهما مؤخرا معهدا "ماك" و"غيزيجي" أن أكثر من 40% من الأتراك يعتبرون أن الاقتصاد هو المشكلة الأساسية التي تواجهها بلادهم.
وأوضح الاختصاصي في شؤون تركيا في مركز "غلوبال سورس بارتنرز" في اسطنبول أتيلا يسيلدا لوكالة فرانس برس أن "عملة ضعيفة تعني برأي الأتراك اقتصادا ضعيفا".
ولفت إلى أنه "إذا ما انعكست صدمة أسعار الصرف إداء اقتصاديا أضعف (...) فإن شبح هزيمة لحزب العدالة والتنمية قد يصبح واقعا" وذلك رغم أن القاعدة الناخبة لإردوغان والحزب الحاكم تبقى "وفية بصورة إجمالية".
وفي محاولة لتخفيف الضغط عن الليرة التركية، أعلنت بورصة اسطنبول صباح الأربعاء أنها حولت مجموع احتياطيها من العملات إلى الليرة، باستثناء المبالغ الضرورية لتغطية حاجاتها على المدى القريب.
- مؤامرة -
وازاء عجزهم عن وقف تدهور الليرة، يندد المسؤولون بـ"مؤامرة" تستهدف الاقتصاد التركي.
وقال المتحدث باسم الحكومة بكر بوزداغ الأربعاء "إن كان هناك من يعتقد أن بوسعه التأثير على نتائج الانتخابات من خلال التلاعب بالدولار، فهو مخطئ".
وبعيد اعلان الاجتماع الطارئ للبنك المركزي، كتب نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك الذي يعتبر المرجع للمسائل الاقتصادية في الحكومة على تويتر "أقدم دعمي الكامل لحاكم البنك المركزي وأعضاء لجنة السياسة النقدية من أجل أن يتخذوا الخطوات الضرورية لوقف تراجع الليرة ويحققوا استقرار الأسعار".
وأضاف "لا يمكن اعتبار أي من مشكلات تركيا على صعيد الاقتصاد الكلي عصية على الحل".