قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني: إن 80% من التعليقات السلبية في بعض الأزمات، تأتي من خارج المملكة بهدف إثارة الرأي العام، وتصدير الفوضى، والحكومة تتعامل مع تلك الرسائل الخارجية بحكمة، مشيراً إلى أن هناك أخباراً كاذبة تنشر في بعض الصحف الخارجية، "نعلم هدفها ونعرف مصادرها، ومن يقف وراءها".
وأضاف المومني خلال محاضرة ألقاها في معهد الإعلام الأردني بعنوان "دور الإعلام في تشكيل الرأي العام حيال السياسات العامة"، ان تحصين الجبهة الوطنية الإعلامية يحسب للدولة وقادة الرأي، مشيراً إلى أن "إعلامنا الوطني قوي وقادر على نقد الحكومات وسياساتها، وكان على أعلى درجات الوعي والوطنية، وأن وعي المجتمع الإعلامي أصبح أفضل مما كان عليه قبل خمس سنوات، فهامش الحرية في الأردن متقدم، ويعتبر عاملاً من عوامل قوة الدولة وأمنها الوطني".
وبيّن أن الأمن الإعلامي أصبح مهماً في تحصين الجبهة الداخلية، وهو ما يرتب عبئاً مضاعفاً على الحكومة" مشيراً إلى أنه رغم الظروف الإقتصادية التي تواجهها المملكة وإنخفاض الإنفاق الحكومي على قطاع الإعلام، لكن الاستثمار في الكوادر البشرية هي "ثروتنا الحقيقية في الإعلام، وذلك لا يعني أن تصبح مهنة من لا مهنة له".
اقرأ أيضاً : جلسة نقاشية حول واقع الاعلام ودوره الوطني مع الدكتور محمد المومني
وفي ظل بعض الأزمات الداخلية وكذلك الظروف الراهنة الصعبة التي تمر بها المنطقة، قال المومني "إننا نسعى دائماً للتعاون والاتصال مع الإعلام الداخلي أو الخارجي، والتصريح بدقة حول أي موضوع بلغة سياسية تراعي المصالح العليا للدولة وقياس التصريح بشكل متزنٍ"، كما "نعمل على تكرار الموقف والتأكيد عليه حتى يبقى واضحاً لا لبس فيه، وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً".
وحول التفاعل مع وسائل الإعلام، أشار المومني إلى أن هناك ثلاثة مستويات من التفاعل، أولها المستوى السياسي المهني، ويأتي من خلال الإستجابة للإعلام وتوفير المعلومات بشكل مستمر ويتم ذلك من خلال قادة الرأي العام، ويتم التعامل مع الصحفي على قدر الجودة التي يقدمها والمصداقية والمهنية التي يتبعها، فيكون الانفتاح أكثر مع أولئك الصحفيين.
وتحدث المومني عن المستوى القانوني كمستو ثانٍ للتفاعل مع وسائل الإعلام، حيث أشار إلى أن البعض يعتبر أن قوانين الإعلام "المطبوعات والمرئي والمسموع ونقابة الصحفيين" قاصرة، لكنها متقدمة لدرجة كبيرة، وفيها المساحة الكافية للنقد والمساهمة في تشكيل الرأي العام، فلا يوجد "عائق قانوني لممارسة الحرية الإعلامية المهنية، فالنقد مطلوب لكن من دون تجريح أو شخصنة، فالجميع تحت مظلة القانون سواء كان صحفياً أو مسؤولاً".
"فالقوانين هي حماية للمجتمع مثل منع وجود خطاب كراهية وطائفية، ومن يستخدم ذلك يُجرم قانونياً حفاظاً على السلم المجتمعي، ويجب أن تكون وسائل الإعلام محافظة على قيم المجتمع، وهذا بالطبع ليس ضد حرية التعبير بأي شكل"، حسب المومني.
وأضاف المومني أن المستوى الأمني يعتبر المستوى الثالث في التفاعل وأساسه التدريب المستمر في التعامل مع الأخبار التي تمس الأمن الوطني والمجتمعي، وعلى الصحفي أن يدرك خطورة ما ينشره إذا كان الخبر يتعلق بالأمن المجتمعي والوطني.
اقرأ أيضاً : الأردن يرفض التعليق على "صفقة القرن" قبل اكتمال تفاصيلها
وحول وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح في المعلومات وتداولها حالياً، أوضح المومني أن تلك الوسائل يجب أن تكون معاول بناء وليس هدم، والحصانة الفعلية ليست بإغلاق مثل تلك الوسائل وإنما بوعي المجتمع وقدرته على جعلها أداة خيّرة في بيد المجتمع وليس أداة كراهية".
ودار نقاش موسع بين الوزير المومني وطلبة معهد الإعلام والحضور، حيث أشار المومني إلى أن التأخير في إصدار بيان حكومي في الأزمات يأتي في إطار "الدقة قبل السرعة"، لكنه أشار إلى أن هناك تطوير مستمر في التعامل مع أساليب مختلفة لتوضيح الصورة للرأي العام بطرق غير مباشرة، "مثل إصدار معلومات على لسان مصدر مطلع، وإذا لم يكن هناك معلومات دقيقة يمكن نشر خبر من الجهة المختصة بشكل مباشر".
كما أوضح المومني أن تباين الآراء في إدارة الأزمات يحتاج لتوافق للتعامل مع الحدث، و"كل أزمة لديها ما يحكمها من تداعيات أمنية وسياسية".
وفيما يتعلق بترخيص قناة اليرموك، قال المومني بأن الملف لا يعتبر سياسياً والمحطة كانت تبث بشكل غير قانوني، والقانون لا يسمح بذلك، وتم تحويل الملف للقضاء ولم نغلق القناة "لأننا دولة قانون وليس هناك ما يمنع بترخيصها إذا إستوفت الشروط المطلوبة".
وأشار المومني إلى ضرورة تفعيل دور الناطق الإعلامي في أي وزارة أو دائرة، وهناك قناعة تامة لتفعيل دورهم و"سنصل إلى مرحلة أن كل قرار سيكون معه إستشارة إعلامية، وأن السياسي الناجح يجب أن يكون دائماً بجانب مستشاره الإعلامي".
كما دار نقاش مع الحضور حول قانون الحق في الحصول على المعلومات، حيث أوضح المومني أن التحدي أمام القانون عدم معرفة بعض الصحفيين للقانون، فهناك أسئلة من الإستحالة الإجابة عليها وفيها مثلاً معلومات عسكرية سرية، كما أن المفوض يخشى أحيانا الإجابة على أسئلة الصحفيين، لكن رغم ذلك تصل نسبة الإجابة إلى نحو 95%".
وحول أزمة الثقة المستمرة مع الحكومة، بين المومني بأنها مسألة موجودة في كل دول العالم، لكن لا يعني أن عدم الرضى على الإجراءات الحكومية التصفيق للجريمة كما حدث مع جرائم السطو التي حدثت مؤخراً، مشيراً إلى أن "الشعبوية ظاهرة خطيرة جداً، وعلى المسؤول أن لا يكون شعبوياً بقدر ما يتخذ القرار الذي يرى فيه الصالح العام للدولة".
وتأتي المحاضرة التي أدارها عميد المعهد الدكتور باسم الطويسي في إطار "برنامج الضيوف المحاضرين" الذين يستضيفهم المعهد من المسؤولين وقادة الرأي والفكر والصحافيين، لتقديم تجاربهم العملية والعلمية لطلبة الماجستير في المعهد.