يواجه الأطفال ذوي الإعاقات خطر الإقصاء والنسيان بغياب نهاية قريبة للحرب في سوريا.
استمر النزاع في سوريا بلا هوادة خلال عام 2017 مما أسفر عن مقتل عدد من الأطفال هو الأعلى على الإطلاق – وبنسبة تزيد 50 في المئة عن عام 2016. فقط في الشهرين الأولين من عام 2018، تم الإبلاغ عن مقتل أو إصابة 1,000 طفل نتيجة العنف المكثّف. أصبح النزاع الآن هو أوّل سبب للوفاة بين اليافعين في البلاد.
سامي، ويبلغ من العمر 14 عاماً، أصله من درعا في جنوب سوريا وهو الآن لاجئ في الأردن. يقول سامي: "خرجت للعب في الثلج مع أبناء عمي. أصابتنا قنبلة. رأيت يديّ ابن عمي تتطاير أمام عينيّ. لقد فقدت ساقيّ الاثنتين. توفي اثنان من أبناء عمي وفقد آخر ساقيه".
ويقول خِيرْت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا: "في حالات النزاع ، يكون الأطفال ذوو الإعاقة من أكثر الفئات هشاشة".وأضاف: "غالباً ما يحتاج هؤلاء الأطفال إلى علاج وخدمات متخصصة. تختلف احتياجاتهم كأطفال عن احتياجات الكبار. إذا لم يحصلوا على الخدمات والمدارس ووسائل المساعدة مثل الكراسي المتحركة، فإن العديد من الأطفال ذوي الإعاقة يواجهون خطرًا حقيقيًا بالإقصاء والإهمال والوصم مع استمرار هذا النزاع الذي لا ينتهي".
اقرأ أيضاً : اليونسيف: طفل من كلّ خمسة بالشرق الأوسط يحتاج مساعدة انسانية فورية
أدى استخدام الأسلحة المتفجرة والهجمات العشوائية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية إلى مقتل عدد متزايد من الأطفال والذي بات الآن يمثّل ربع عدد الوفيات من بين المدنيين. تعرّض أكثر من 360 طفلاً للإصابة في عام 2017، ما تسبب في إعاقة العديد منهم. هذه أرقام هي ما تمكّنت الأمم المتحدة من التحقق منه فقط، ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
• يتعرّض ما يقدر عدده بـ3.3 مليون طفل داخل سوريا لمخاطر المتفجرات بما في ذلك الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والأجهزة المصنعة بشكل مُرتجل.
• يعيش أكثر من 1.5 مليون شخص الآن مع إعاقات دائمة نتيجة الحرب، بما في ذلك 86,000 شخص فقدوا أطرافهم.
• ما نسبته 80٪ من إصابات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن، هي نتيجة مباشرة للحرب.
• أدى عدم الحصول على الرعاية الطبية والنفسية المناسبة إلى إطالة أمد الإصابات وتفاقم وضعها بين الأطفال.
• الأطفال ذوو الإعاقة مُعرَّضون أكثر من غيرهم لمخاطر العنف ويواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم.
• تزداد مخاطر تعرُّض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف والاستغلال وسوء المعاملة والإهمال عند وفاة أولياء الأمر أو تفرُّق الشمل.
• في حالات الأزمة أو النزاع، فإن عائلات الأطفال ذوي الإعاقة غالباً ما تفتقر إلى الوسائل أو القدرة على تزويد أطفالها بالأدوات أو المُعدات المساعدة التي يحتاجون إليها.
• تستضيف البلدان المجاورة، والتي تعاني بحد ذاتها من عدم الاستقرار والركود الاقتصادي، أكثر من 90 في المئة من مجموع اللاجئين القادمين من سوريا. أدى تدفق اللاجئين إلى وضع ضغط كبير أُضيف على ما تقوم الدول عادة بتوفيرها من خدمات، مما وضع المجتمعات المضيفة كما اللاجئين السوريين في تحدّ للحصول على الخدمات الأساسية. هذا التحدي يصبح مضاعفاً بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة.
• بالنسبة لملايين الأطفال الذين اضطروا للفرار من بيوتهم داخل سوريا أو إلى البلدان المجاورة ، فقد أدى النزوح إلى وضع ذوي الإعاقات في أماكن أقرب إلى المخاطر مثل حوادث المرور والأنهار والقرب من مخلفات الحرب غير المنفجرة.
لقد أدى الدمار الواسع والهجمات على المرافق الطبية والتعليمية إلى تدمير أجهزة الصحة والتعليم في البلاد. تحققت الأمم المتحدة من وقوع 175 هجوماً على المرافق التعليمية والطبية وعلى العاملين فيها في العام 2017. أكثر من تضرر نتيجة ذلك هم الأطفال ذوي الإعاقة، مما زاد من حرمانهم من الرعاية المتخصصة ومن المرافق التي يحتاجون إليها لكي تتحول طموحاتهم إلى واقع ملموس.
ويقول د. غسان أبو ستّة، جرّاح تجميل وترميم في الجامعة الأميركية في بيروت: "مع تقدم مراحل العمليات الجراحية التي تُجرى لأطفال أصيبوا بالإعاقة أو التشويه بسبب الحرب، نلاحظ أنهم يصبحون أكثر ثقة بأنفسهم، ويشعرون أنهم أخيراً أصبحوا جزءا لا يتجزأ من هذا العالم".
وبالرغم من ذلك، فلم تَكسِر الأضرار المدمرة التي خلفتها سبع سنوات من الحرب عزيمة وإصرار أطفال سوريا.
ويضيف كابالاري: "على الرغم من الإصابات والنزوح، فإن طموح أطفال سوريا لا يعرف الحدود. عندما يتم توفير ما يحتاجه هؤلاء الأطفال وعائلاتهم من دعمٍ وخدمات، فإننا نجدهم قد تغلبوا على التحديات التي يواجهونها وأنجزوا أعمالاً استثنائية لاستعادة بعضٍ من طفولتهم وكرامتهم وأحلامهم".
الأزمة في سوريا غير مسبوقة من حيث تعقيدها وحدّتها وطول أمدها، ولا يمكن الاستمرار في معالجتها كما يحدث حتى الآن. بالنيابة عن الأطفال ذوي الإعاقة وجميع الأطفال المتأثرين بالنزاع في سوريا، فإن اليونيسف تطالب اطراف القتال ومن كل أولئك الذين لديهم نفوذ عليهم وكذلك من المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات التالية من أجل الأطفال داخل سوريا وفي البلدان المضيفة للاجئين:
• الاستثمار في توفير الدعم المنقذ للحياة وخدمات إعادة التأهيل طويلة الأمد، بما في ذلك الدعم النفسي-الاجتماعي والرعاية الصحية النفسية للأطفال،
• تحسين الحصول على الخدمات الأساسية الشاملة، بما في ذلك الصحة والتغذية والتعليم وحماية الطفل، وكذلك المياه،
• تصميم برامج لأجل وبمشاركة الأطفال ذوي الإعاقة. تخصيص موارد لجعل الخدمات العامة شاملة بشكل فعّال.
• زيادة المساعدات المالية للعائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقات لإعانتها في الحصول على الأدوات المساعدة مثل الكراسي المتحركة والعكازات والأطراف الصناعية،
• العمل مع المجتمعات لتشمل الأطفال ذوي الإعاقة ولمعالجة موضوع الوصم بالعار،
• توفیر تمویل مرن وغیر مقید ولعدة سنوات لتلبیة احتیاجات الأطفال، بمن فيهم ذوي الإعاقة وعائلاتهم حتى تزداد إمکانیة حصولھم علی الخدمات المتخصصة. من أجل دعم الأطفال المتضررين من الحرب داخل سوريا والبلدان المجاورة، تحتاج اليونيسف إلى مبلغ مقداره 1.3 مليار دولار أمريكي لتنفيذ برامجها للعام 2018،
• دعم جهود إعادة الإعمار والتعافي من خلال إعطاء الأولویة لاحتیاجات الأطفال، بمن فيهم الأطفال ذوي الإعاقة. هناك ما هو أبعد من البناء والحجر، إذ أن التعافي والسلام طويل الأمد يتمثلان في إعادة بناء النسيج الاجتماعي الممزق واستعادة ثقافة التسامح والتنوع لكي تتماسك المجتمعات معاً.
• وضع حد للانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك القتل والتشويه والتجنيد والهجمات على المدارس والمستشفيات.
• إنهاء الحرب من خلال حلّ سياسي ورفع كافة القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية.