تجتمع قوى المعارضة السورية في الرياض بدءاً من الأربعاء لتشكيل هيئة مفاوضات ينبثق عنها وفد جديد إلى محادثات جنيف، في وقت يتحدث محللون ومعارضون عن ضغوط تمارس للقبول بتسوية تستثني مصير الرئيس بشار الأسد.
ويأتي عقد هذا الاجتماع بعد زيارة مفاجئة للأسد الى روسيا حيث التقى نظيره فلاديمير بوتين، وناقشا "التسوية السياسية" بعد هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية، وذلك عشية قمة روسية إيرانية تركية مرتقبة في سوتشي، تعتبرها المعارضة مقدمة "لإعادة تأهيل" الأسد.
ويقول عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض، أبرز تشكيلات المعارضة في الخارج، هادي البحرة لوكالة فرانس برس "تبذل جهود اليوم للتوصل الى توافقات بين كافة قوى الثورة والمعارضة والقوى المدنية وباقي التنظيمات السياسية والمستقلين للتوصل إلى تشكيل وفد مفاوض واحد وموحد وبمرجعية واحدة".
ويستمر اجتماع الرياض لثلاثة أيام. وتولت وزارة الخارجية السعودية توجيه الدعوات، على أن تختار المكونات المشاركة فيه ممثليها في الهيئة العليا للمفاوضات التي تنتخب لاحقاً منسقاً عاماً جديداً وتختار أعضاء وفدها المفاوض الى جنيف.
ويشارك في الاجتماع وهو الثاني من نوعه بعد اجتماع مماثل في كانون/الأول ديسمبر 2015، نحو 140 شخصية يمثلون مكونات المعارضة الرئيسية بالاضافة إلى ممثلين عن منصتي موسكو، القريبة من روسيا وتضم في صفوفها نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق قدري جميل، ومنصة القاهرة التي تضم مجموعة معارضين مستقلين.
وشاركت هاتان المجموعتان بشكل مستقل في الجولات السابقة من محادثات جنيف في العامين الأخيرين.
وبحسب البحرة، فإن الهدف من توسيع عضوية الهيئة العليا للمفاوضات اليوم "تفعيل المسار السياسي المتعثر في جنيف" قبل نحو أسبوع من انطلاق جولة محادثات ثامنة برعاية الأمم المتحدة.
وحدّد الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا جدول أعمال الجولة المقبلة بنقاش مسألتي الدستور والانتخابات.
ويأتي عقد الجولة المقبلة في وقت حقق النظام انتصارات ميدانية بارزة على حساب الفصائل المعارضة وكذلك تنظيم الدولة الاسلامية الذي مني بسلسلة هزائم متلاحقة في سوريا.
- إبعاد واستقالات -
واستبقت شخصيات معارضة بارزة انطلاق مؤتمر الرياض باعلان استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات، في مقدمها منسقها العام رياض حجاب، الذي لم يحدد الأسباب المباشرة لاستقالته لكنه قال إنه بذل جهده "أمام محاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد نظام بشار الأسد".
كما سارعت شخصيات أخرى بينها المتحدث الرسمي باسم الهيئة رياض نعسان آغا والمتحدث الرسمي باسم الوفد سالم المسلط بالاضافة الى عضو الوفد المفاوض سهير الأتاسي الى اعلان استقالاتهم تباعاً.
ويقول قيادي سوري معارض لفرانس برس "عملياً لا معنى لهذه الاستقالات" كونها تستبق التئام مؤتمر الرياض المخصص لتشكيل هيئة عليا للمفاوضات وبالتالي انتخاب منسق جديد لها.
وباستثناء حجاب الذي تلقى وفق مصادر معارضة دعوة للمشاركة في المؤتمر، لم يدع بقية الأعضاء الذين أعلنوا استقالاتهم أساساً للمشاركة، إذ لم تتم تسميتهم من قبل الكتل المنضوين في صفوفها.
ورحب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء بالاستقالات، وقال "آمل أن يسمح رحيل المعارضين المتطرفين بتوحيد المعارضة في سوريا".
ويقول قيادي في الهيئة العليا للمفاوضات من المستثنيين من الدعوة لفرانس برس، مفضلاً عدم ذكر اسمه "تم استبعاد شخصيات عدة تعارض كلياً بقاء الأسد في مستقبل سوريا".
ويضيف "موافقة السعودية على استبعاد هذه الشخصيات يؤشر على خضوعها للضغوط الروسية"، مضيفاً "رغم دعمها للثورة السورية لكن لديها اليوم مصالحها مع روسيا والولايات المتحدة (...) وتريد حلاً سريعاً للقضية السورية".
- "شرعنة" الأسد -
ويشير القيادي المعارض يحيى العريضي في تصريحات لفرانس برس إلى "مجموعات تتبنى هذا النمط لكنها ليست ثوابت مقرة من المعارضة مجتمعة"، مسمياً منصة موسكو التي لا تشترط رحيل الأسد عن السلطة.
ويشدد العريضي على أن "أي جهة تريد أن تخضع لضغوطات للقبول بالأسد لا تمثل خيارات الثورة ولا الشعب السوري".
وتزامنت الاستقالات مع توقيع معارضين بارزين وناشطين وممثلي فصائل على عريضة موجهة الى المجتمعين في الرياض، تذكرهم "بثوابت أساسية" في مقدمها "رحيل الأسد وزمرته".
ومن بين الموقعين، عضو الوفد المفاوض السابق جورج صبرة، الذي اعتذر الاثنين عن حضور مؤتمر الرياض، وهو الذي يُعد من المتشددين في ما يتعلق بمصير الأسد.
وتتوقع الباحثة في معهد الشرق الأوسط رندة سليم "أن يخرج اجتماع الرياض بتشكيل مجموعة والاتفاق على رؤية المعارضة للدستور والانتخابات النيابية" محور المباحثات المقبلة.
وتضيف لفرانس برس "أي نقاش حول الانتقال السياسي أو الأسد لم يعد وارداً"، موضحة "المسألة تتعلق راهناً بإيجاد معارضة مناسبة ستوافق على الصفقة" بعدما "تعهدت السعودية بإيصال هذه المجموعة الى جنيف".
وتقول "القطار ترك المحطة ويسير بهذا الاتجاه".
ولطالما شكل مصير الأسد العقبة الرئيسية التي اصطدمت بها جولات المفاوضات كافة، مع رفض دمشق المطلق نقاش الموضوع أساساً فيما تمسكت به المعارضة كمقدمة للانتقال السياسي.
ويجد النظام السوري نفسه اليوم بدعم مباشر من روسيا في موقع قوة ميدانياً وعلى طاولة المفاوضات.
لكن قياديين في المعارضة يؤكدون أن القبول بالأسد ليس وارداً.
ويقول عضو الائتلاف المعارض هشام مروة لفرانس برس "الائتلاف هو الكتلة الأكبر المدعوة الى الرياض ومواقفها من الأسد لم تتغير".
ويجزم "من يراهن على مؤتمر الرياض ليشرعن وجود الأسد واهم".