تبدو العلاقة فاترة بين الأردن والاحتلال، مع مرور 23 عاما على ذكرى توقيع معاهدة السلام "وادي عربة"، فسفارة الاحتلال في العاصمة عمان مغلقة، منذ الحادثة التي قتل فيها مواطنين أردنيين برصاص أحد حراس السفارة، آب الماضي، وعدم استجابة حكومة الاحتلال للشروط الأردنية، بتقديم المتهم ومحاكمته، وتقديم الاعتذار، إضافة إلى تعويض أهالي الضحايا الأردنيين.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني، أكد على ضرورة أن تتحمل حكومة الاحتلال مسؤوليتها بإجراء تحقيق ذي مصداقية، وصولا إلى تحقيق العدالة، بما في ذلك موضوع قضية الشهيد رائد زعيتر .
ومعاهدة "وادي عربة" وقعت بين الأردن والاحتلال على الحدود الفاصلة بين الدولتين والمارة بوادي عربة في 26 تشرين الأول 1994، وطبعت العلاقات بين الجانبين وتناولت النزاعات الحدودية بينهما، وفي توقيع المعاهدة أصبحت الأردن ثاني دولة عربية بعد مصر وثالث جهة عربية بعد مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية تطبع علاقاتها مع الاحتلال
إقرأ أيضاً: الاحتلال يعلن بدء إجراءات التحقيق بحادثة السفارة في عمّان
وقال الكاتب الصحفي داود كتاب "منذ توقيع اتفاقية (معاهدة وادي عربة)، وفتح السفارات لم يمر فترة صعبة بين الأردن والاحتلال، كما تمر بها الآن، اذ هي المرة الأولى التي تغلق بها سفارة الاحتلال في العاصمة الاردنية ابوابها منذ عام 1994 أي منذ توقيع المعاهدة" .
وعلق كتاب على ذلك خلال حديثه مع"رؤيا" بأن الموقف الأردني حازم تجاه حادثة السفارة، في مواجهة تعنت سلطات الاحتلال، من قبول الشروط الثالثة، أّزم الموقف بين الطرفين.
واضاف أن مشروع ناقل البحرين الذي اتفق عليه بشكل علني في كانون أول 2015 "معرض لخطر" حيث طلب الأردن من الشركة التي تقوم بتحضير الدراسة الخاصة بالقناة تغير مسارها وأهدافها بحيث يصبح مشروع أردني صرف، حسب وصفه.
واتفق عضو اللجنة الخارجية في مجلس النواب النائب قيس زيادين مع كتاب، بوجود فتور حقيقي في العلاقة بين الأردن والكيان المحتل، مشيرا إلى انه يجب على الحكومة أن تبقى على موقفها من حادثة السفارة، وعدم عودة طاقم السفارة والسفيرالى الاردن الا بعد تنفيذ الشروط الاردنية .
واعتبر زيادين عدم اقامة احتفال لسفارة الاحتلال هذا العام بذكرى معاهدة وادي عربة هو فخرا وانتصارا للأردنيين ، فلن يتمكن أحدا ممن اعتادوا في السنوات السابقة على المشاركة باحتفالاتها، ومن التسلل إلى مقر السفارة في الرابية.
وربط النائب سبب فتور العلاقة بين الجانبين، بغطرسة وتعنت اليمين الصهيوني المتطرف، وتعامله مع الأردن وفق ما يراه مناسبا، لا ما هو مطلوب، ضمن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، مؤكدا على وجوب تحقيق العدالة في حادثة السفارة في اسرع وقت.
وفي تصريحات سابقه لوزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، قال فيها "إن الحكومة مصممة على إنفاذ العدالة" في حادثة السفارة الإسرائيلية بعمّان.
وأضاف أن الحكومة على علم رسمي، ببدء هذه الخطوات عبر القضاء بدولة الاحتلال، موضحا أن السفارة الأردنية "تتابع الأمر".
وأشار إلى أن ذلك يتم وفق إجراءات قانونية وواضحة ومعلنة في مثل هذه الحالات، لافتاً إلى أن المملكة التزمت في حادثة السفارة، بالقوانين والمواثيق الدولية الدبلوماسية
إقرأ أيضاً: بالفيديو: جوده يتحدث عن آخر مستجدات قضية الشهيد رائد زعيتر
من جهته، بين الكاتب الصحفي ماجد توبة أن أزمة السلام الموهوم مع الكيان كانت وما تزال في أن المعاهدات التي وقّعت معه حاولت القفز عن جوهر الصراع مع الاحتلال، باعتباره صراع وجود لا حدود، وهو جوهر يؤمن به "الإسرائيليون"، حق الإيمان قبل العرب.
ونوه توبة لـ"رؤيا" إلى أن أزمة هذا "السلام" جاء ضمن استراتيجية إسرائيلية وبدعم أمريكي غير محدود، اعتمدت تفتيت الموقف العربي، والانفراد باتفاقيات ثنائية في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، بحثا عن التطبيع المباشر مع العالم العربي بعيدا عن الاشتباك مع استحقاقات الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.
وقال إن "ربع قرن تقريبا على معاهدة وادي عربة، التي وقعت في خيمة بصحراء الجنوب، لم تكن ولن تكون قادرة على جلب السلام مع عدو يرفض الإقرار بالحقوق الوطنية وبالشرعية الدولية، وسيبقى سلاما موهوما يحسبه الظمآن ماء تماما كما هو غبار الصحراء التي وُقّعت فيها الاتفاقية عام 1994".
وتعطلت حركة الصادرات الأردنية إلى تركيا وأوروبا من خلال ميناء حيفا المحتل من قبل سلطات الاحتلال بشكل نهائي منذ حادثة السفارة.
من جهته، علّل وزير الاعلام الأسبق سميح المعايطة سبب الفتور ناتج عن سياسة الحكومات الإسرائيلية، وتعنتها في التعامل مع الملفات المشتركة بين الطرفين، فالاحتلال يفشل كل عملية سلام.
وتابع المعايطة خلال حديثه لـ"رؤيا" "أن الاحتلال يستفز الأردن من خلال عدة ملفات، ابرزها حادثة السفارة، وقضية القاضي رائد زعيتر، والاقتحامات المستمرة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة