بإمكان السيدة أم محمد اليوم أن تشتري لأسرتها الكبيرة ما تحتاجه من الخبز، لكنها لا تعرف إن كانت ستتمكن من ذلك إذا ما أقدمت الحكومة على رفع الدعم عن الخبز، واصبح سعر الكيلوغرام منه ستة وثلاثين قرشًا.
لتأكيد أو نفي رفع الدعم عن الخبز، كان لا بد أن نلجأ إلى وزارة الصناعة والتجارة، بوصفها الجهة الرسمية المعنية، لكن الوزارة، بعد أن وافقت على التوضيح، عادت وقالت أنها لا ترغب في إثارة هذا الموضوع الشائك، ما دفعنا لتناول الموضوع من دون وجهة نظر حكومية.
والسؤال الملتبس هنا الذي يتوجب علينا الإجابة عنه للتأسيس لمعرفة حقيقية عن واقع الحال، يتمثل في: أين يذهب الدعم الحكومي لرغيف الخبز؟
والسؤال الثاني الملتبس: هل في الحقيقة أن هناك هدرًا في استهلاك الدقيق والخبز، كما تقول الحكومة، ما يبرر التوجه لرفع الدعم عن هذه المادة الاستراتيجية؟ وما هي أوجه هذا الهدر إن وجد ابتداءًا؟
أمر آخر يبدو أن سيد الموقف تجاهه هو الالتباس أيضًا، فالحكومة تتحدث عن تكلفة كيلو الغرام الواحد من الخبز تزيد عن نصف دينار، فيما يرى آخرون أن التكلفة يُفترض أن لا تزيد عن نصف هذا المبلغ، فأين تكمن الحقيقة؟
المواطنون، خاصة الفقراء منهم، ليسوا في وارد الاعتراض على التوجهات الحكومية، لجهة أنهم، كما تعتقد الغالبية العظمى منهم، غير قادرين على إحداث تغيير، بيد أنهم يتمنون على الحكومة أن تجد آلية مناسبة لإيصال الدعم، فما هي الخيارات المناسبة في هذا السياق؟
فالمواطنون، وإن كانوا يفضلون إبقاء سعر رغيف الخبز كما هو، لم يعودوا يثقون بالحكومات في شأن الدعم المادي، الذي تتحدث عنه الحكومة، لتعويضهم عما سيخسرونه جراء رفع الدعم، فالتجارب السابقة أحدثت شرخًا واسعًا بينهم وبين الحكومة.
لرغيف الخبز رمزية بارزة لدى الأردنيين، وإن كان انفاق الأسر على شرائه لا يشكل نسبة مرتفعة من مداخيلها، إلا أن العبث به، والاقتراب من هذا الرمز الاجتماعي قد يُحدث ما لا يحمد عقباه، ولنا في التجارب السابقة أسوة حسنة.
"أعطنا خبزنا كفاف يومنا" لازمة الإنسان، منذ كان هناك إنسان، على مفترق طرق، فإما أن يبقى رغيف الخبز هو معين الفقراء على مواجة شظف العيش، وقلة حيلتهم، أو تعيد الحكومة النظر في خياراتها، وتبتعد عن خبزنا كفاف يومنا.