حذرت الحكومة الاسبانية الجمعة ان الازمة في كاتالونيا قد تدفعها الى خفض توقعاتها للنمو للعام 2018، ما يشكل مزيدا من الضغوط على القيادي الانفصالي كارليس بوتشيمون الذي يطالبه اصلا المتشددون داخل معسكره باعلان استقلال الاقليم.
وقالت نائبة رئيس الحكومة الاسبانية سورايا ساينز دي سانتاماريا اثر اجتماع لمجلس الوزراء ان "الاحداث في كاتالونيا تعرض الانتعاش الاقتصادي للخطر".
وكانت مدريد تتوقع نموا بنسبة 2,6 في المئة العام 2018.
واضافت سانتاماريا "اذا لم يتم التوصل الى حل سريع لهذه القضية فسنكون مضطرين الى خفض توقعاتنا" للنمو.
وتابعت "حين يسود عدم الاستقرار، غالبا ما يدفع مواطنو كاتالونيا الثمن" داعية الانفصاليين الى العودة "للوضع الطبيعي المؤسساتي".
واعلن القيادي الانفصالي كارليس بوتشيمون الثلاثاء استقلال كاتالونيا من جانب واحد قبل ان يعلقه بعدها لافساح المجال امام "الحوار" مع مدريد.
إقرأ أيضاً: أوجه التشابه بين كاتالونيا اليوم ومقاطعة كيبيك الكندية عام 1976
لكن الحكومة الاسبانية رفضت اي وساطة وأمهلته حتى الخميس المقبل للتراجع. واذا لم يحصل ذلك فان مدريد ستعلن الاجراءات الضرورية لتعليق الحكم الذاتي للمنطقة التي تعد 7,5 ملايين نسمة، في تدبير غير مسبوق منذ عودة الديموقراطية الى اسبانيا، يؤذن بتصعيد جديد.
ومنذ انذار مدريد، يجد القيادي الانفصالي نفسه عالقا بين اوساط الاعمال التي تتوقع "كارثة" في حال حصول الطلاق مع مدريد وبدأت تهجر المنطقة، والجناح الاكثر تشددا في صفوف الانفصاليين والذي يطالب باعلان الاستقلال منذ الان مستندا الى نتائج استفتاء تقرير المصير الذي حظرته مدريد في الاول من تشرين الاول/اكتوبر.
- المضي قدما -
الجمعة، حذر اليسار المتطرف المتحالف مع الحكومة الكاتالونية في رسالة مفتوحة "اننا لن نكون قادرين على احترام ما عبرت عنه الغالبية في صناديق الاقتراع الا عبر اعلان الجمهورية"، وخصوصا ان بعض اعضائه خاب أملهم من الخطاب الملتبس الذي القاه بوتشيمون الثلاثاء.
يؤكد الانفصاليون انهم حصدوا في الاستفتاء تاييد تسعين في المئة من المقترعين لاعلان الاستقلال مع نسبة مشاركة بلغت 43 في المئة. لكن هذه الارقام يتعذر التحقق منها مع عدم وجود لجنة انتخابية مستقلة.
بدورها، حضت الجمعية الوطنية الكاتالونية بوتشيمون على المضي قدما.
وقالت الجمعية التي تنظم منذ اعوام عدة تظاهرات انفصالية حاشدة "حيال رفض الدولة الاسبانية اي اقتراح للحوار، فان الاستمرار في تعليق اعلان الاستقلال بات بلا معنى".
لكن بوتشيمون لم يعلق على هذه المواقف منذ الثلاثاء باستثناء بعض التغريدات. وفي ما يتصل بالوضع الاقتصادي، قال الثلاثاء امام البرلمان الاقليمي ان اعلان عشرات الشركات نقل مقارها الى خارج كاتالونيا "ليس له تأثير فعلي على اقتصادنا".
لكن الاجواء لدى رجال الاعمال مختلفة تماما. اذ يخشى كثير من هؤلاء تحركا لا عودة عنه وتكرارا للسيناريو الذي شهدته مقاطعة كيبيك الكندية العام 1976، حين عمدت اكثر من مئتي شركة الى نقل مقارها في شكل نهائي خلال بضعة أشهر ردا على تولي الانفصاليين الحكم.
وكتب خان اينياسيو سانز المتخصص في الشؤون المصرفية في مدرسة التجارة في برشلونة في صحيفة ال باييس "انها كارثة بالنسبة الى كاتالونيا واقتصادها. أشك في ان تعمد شركة واحدة الى العودة قبل ثلاثة الى خمسة اعوام على الاقل من الاستقرار التام".
والخميس، حذرت وكالة ستاندر اند بورز للتصنيف الائتماني من خطر انكماش في حال استمرار الازمة في هذه المنطقة التي شكلت 19 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الاسباني في 2016. والمفارقة انها من الاغنى من اسبانيا وفي الوقت نفسه من الاكثر مديونية (35,4 في المئة من اجمالي ناتجها المحلي).
- الثمن السياحي -
وبدأت السياحة تدفع الضريبة في كاتالونيا التي تستقطب 25 في المئة من الزوار في اسبانيا. ففي بعض فنادق برشلونة تراجعت أسعار الغرف بمعدل النصف. وتحدثت نائبة رئيس الحكومة الجمعة عن "تراجع كبير للحجوزات في برشلونة يراوح بين عشرين وثلاثين في المئة".
ورجحت صحيفة ال كونفيدنسيال الاقتصادية الالكترونية ان يتاخر افتتاح المؤتمر العالمي للاتصالات النقالة الذي كان مقررا في برشلونة نهاية شباط/فبراير، وهو الاكبر من نوعه في العالم ويشكل مصدرا رئيسيا للعائدات بالنسبة الى هذه المدينة.
وقالت متحدثة باسم المؤتمر لفرانس برس "نحن مستمرون في رصد الاحداث في اسبانيا وكاتالونيا وتقييم اي تاثير محتمل" من دون ان تنفي معلومات ال كونفيدنسيال.