يلقي الملف الكوري الشمالي الشائك بظلاله على العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بعد ان عبر الرئيسان الاميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ عن وجهات نظر متباينة قبل لقاء مرتقب بينهما هذا الاسبوع على هامش قمة مجموعة العشرين.
واجج اطلاق كوريا الشمالية الثلاثاء صاروخا بالستيا عابرا للقارات التوتر بين البلدين، عشية قمة لمجموعة العشرين تنطلق الجمعة في هامبورغ في المانيا.
وعقب أول اجتماع بين الرجلين في نيسان/ابريل في منتجع مارالاغو، وصف ترامب نظيره الصيني بانه "رجل جيد".
الا ان النبرة تغيرت الاسبوع الماضي بعدما ندد الرئيس الاميركي بفشل بكين في لجم الطموحات النووية لبيونغ يانغ.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر في رد على اطلاق الصاروخ "ربما تتخذ الصين بادرة قوية في موضوع كوريا الشمالية وتضع حدا نهائيا لهذه العبثية".
وردت وزارة الخارجية الصينية بان بكين "قامت بجهود حثيثة" لحل المسألة النووية الكورية الشمالية. كما أخذ الرئيس الصيني الاثنين على ترامب ظهور "عوامل سلبية" في العلاقة بين البلدين.
وكانت الولايات المتحدة فرضت الاسبوع الماضي عقوبات على مصرف صيني بتهمة تبييض اموال لحساب كوريا الشمالية، كما أعطت الضوء الأخضر لبيع أسلحة بقيمة 1,1 مليار يورو الى تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين تابعة لها ولا تزال تطالب بها.
- توازن دقيق -
وتشكل الصين الداعم الرئيسي لكوريا الشمالية على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي. وهي تدرس بدقة ما تتخذه من اجراءات بحق كوريا الشمالية. فمن جهة تشددها قد يتسبب بسقوط نظام بيونغ يانغ ما سيكلف بكين تدفقا للاجئين، فيما تراخيها من جهة اخرى قد يعطي واشنطن ذريعة لضرب كوريا الشمالية.
ويقول المحلل آندرو غيلهولم من مركز "كونترول ريسكس" البريطاني "انهم يبذلون جهدا لايجاد نقطة التوازن بغية ارضاء الاميركيين وتفادي وضع ترامب (...) التدخل العسكري نصب عينيه".
ويرى غيلهولم انه وان كان الثقل الاقتصادي للصين يمنحها وسيلة ضغط على كوريا الشمالية لا يعني ذلك انها قادرة على اقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي.
الا ان امتلاك صاروخ عابر للقارات يغير المعطيات.
لقد اصبح بامكان واشنطن ان تعتبر انها مهددة وان الوقت بدأ يداهم بكين من اجل احتواء جارتها المشاغبة.
ويقول ويلي لام المتخصص في شؤون الصين في الجامعة الصينية في هونغ كونغ "إنه توازن دقيق. اذا لم تتحرك الصين بالسرعة الكافية قد يصبح التحرك بالنسبة للولايات المتحدة واردا" عبر توجيه ضربة لاهداف محددة او غير ذلك.
وكانت بكين اعلنت في شباط/فبراير الماضي تعليق استيراد الفحم من كوريا الشمالية حتى نهاية 2017.
وتراجعت قيمة ما تستورده الصين من كوريا الشمالية الى 721,5 مليون دولار بين كانون الثاني/يناير وايار/مايو، بعدما بلغت قيمة وارداتها من بيونغ يانغ 773,6 مليون دولار للفترة نفسها في 2016.
- طريق مسدود -
وتدعم واشنطن فرض عقوبات من اجل اخضاع كوريا الشمالية، فيما تدعو بكين الى اعادة احياء المفاوضات مع الدول الست (الكوريتان، روسيا، الولايات المتحدة، الصين، واليابان) المتوقفة منذ 2009.
وحصل الرئيس الصيني الذي زار الثلاثاء موسكو على تأييد نظيره الروسي فلاديمير بوتين للاقتراح الصيني باعتماد خيار مزدوج: وقف اجراء الاختبارات الصاروخية الكورية الشمالية مقابل وقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لمناوراتهما العسكرية المشتركة الواسعة النطاق، والتي ترى فيها بيونغ يانغ تهديدا مباشرا.
إقرأ أيضاً: رئيس كوريا الشمالية: المواجهة مع أميركا دخلت المرحلة النهائية
ويرى محللون ان بامكان الصين تشديد عقوباتها ضد بيونغ يانغ بشكل كبير: باستهداف مصارف صينية وشركات ومطارات مرتبطة بالنظام الكوري الشمالي، وايضا عبر تقليص امداداتها الغذائية والنفطية.
ويعتبر غيلهولم ان ما يصنع الفارق ليس اجراءات الامم المتحدة وانما الى اي مدى تسمح الصين بتنفيذها، في اشارة الى العقوبات التي تفرضها المنظمة الاممية ضد بيونغ يانغ.
وبحسب ويلي لام فان الرئيس الصيني قد يميل لفرض عقوبات وانما ليس بشكل علني، كي لا يبدو انه ينقصه الحزم تجاه الاميركيين وبخاصة بعد انتقادات واشنطن في الاسبوع الماضي.
ويعتبر مايكل كول الخبير في الشؤون الصينية في جامعة نوتنغهام ان تحقيق تقدم خلال لقاء ترامب وشي في قمة مجموعة العشرين يبدو غير مرجح، قائلا "نحن في طريق مسدود".