ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش

الأردن
نشر: 2017-06-10 07:56 آخر تحديث: 2017-12-26 13:45
ارشيفية
ارشيفية

إعداد مديرية التوجيه المعنوي- نحتفل في هذه الايام بعيد جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على عرش المملكة الأردنية الهاشمية ويوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى، ويأتي الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية الغالية تأكيداً لتعزيز المنجزات ومواصلة بناء الدولة حيث يستذكر الأردنيون وأحرار الأمة البطولات والتضحيات الجسام التي قدمها الجيش العربي المصطفوي وقد قاد الهاشميون أبناء هذه الأمة في أعظم ثورة شهدتها الأمة العربية في تاريخها الحديث، حيث كانت هذه الثورة البداية الأولى لنهضة الأمة ووحدتها والخطوة الأولى على طريق تحررها.

وحين نتحدث في مثل هذه المناسبات فإننا نتحدث عن تاريخنا القومي الحديث الذي كانت فيه الثورة العربية منطلق مسيرتنا الخيرة والمرجع الذي يجمعنا والرسالة التي نحملها ، لقد كانت فكرا قوميا توحد على يد قائد هاشمي فامتد عبر السنين والأجيال يوجه مسيرة امة ويرسم لها معالم آمالها وأحلامها وتطلعاتها.

القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي هيبة الوطن وعنوان أمنه واستقراره الجيش العربي الأردني وارث رسالة الثورة العربية الكبرى, وهو الامتداد الطبيعي لجيشها وفيلق من فيالقها ارتبط تاريخه بتاريخها ارتباطاً عضوياً وتشكلت نواته من النخبة التي اتحدت تحت راية سمو الأمير عبدالله بن الحسين في الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1920 في معان بعد أن كان لها الدور الكبير في عمليات الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من بطحاء مكة على يد الشريف الهاشمي الحسين بن علي عام 1916.

شكل الجيش العربي ركناً أساسياً من أركان الدولة الأردنية وكانت له مساهمة كبيرة في تطور الدولة وتحديثها على المستويات كافة، وكان ينمو مع نمو الدولة ويتطور بفضل الرعاية الهاشمية المتواصلة منذ عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين الذي أراد له أن يكون جيشاً عربياً مقداماً يحمل راية الثورة العربية التي استمدت ألوانها من رايات الأمويين والعباسيين والفاطميين, ومن ثم أكمل بنو هاشم مسيرة بناء هذا الجيش منذ عهد جلالة المغفور له الملك طلال بن عبدالله وجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال وصولاً إلى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه الذي أكمل المسيرة ووصل بالأردن وجيشه المغوار إلى مراتب التميز.

بدأ تأسيس الجيش العربي في معان في الفترة الأولى من تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، وبعد تشكيل أول حكومة أردنية في إمارة شرق الأردن تم تأسيس أول قوة عسكرية بلغ قوامها 750 رجلاً من الدرك والمشاة النظامية والهجانة سميت بالقوة السيارة وتولى قيادتها الكابتن البريطاني فريدرك بيك، وكانت أولى مهامها توطيد الأمن والاستقرار في البلاد، وتولى سمو الأمير عبدالله منصب القائد العام للجيش وعمل عندها على تنميته وتزويده بالأسلحة وفق الإمكانيات التي كانت متاحة آنذاك.

في عام 1923 ضُمت القوتان تحت اسم (الجيش العربي) الذي أراد له الأمير عبدالله هذا الاسم وعمل على القضاء على حركات التمرد والعصيان وصد الغزوات, وفي الثاني من شباط عام 1927 صدر قانون للجيش أطلق عليه قانون الجيش العربي لعام 1927، وفي عام 1930 وهو العام الذي عين فيه الميجر جون باجت كلوب مساعداً لقائد الجيش العربي، تألفت قوة عسكرية صغيرة تحت اسم قوة البادية التي تسلم قيادتها الرائد جون كلوب وكانت مهمتها المحافظة على الأمن والاستقرار، واتخذت من القلاع مراكز لها ونعمت البلاد بفضل هذه القوة بالأمن والاستقرار الذي لم تشهده من قبل.

وفي ربيع عام 1939 وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب العالمية الثانية كان كلوب باشا قد تولى قيادة الجيش العربي حيث وصل عدد أفراد الجيش إلى 1600 رجل، وأخذ الأمير عبدالله يعزز تنظيم الجيش العربي على أسس حديثة وبدأ التوسع فيه حيث بدأت قوة البادية بكتيبة ثم أصبحت ثلاث كتائب، وفي عام 1940 كان الضباط في الجيش كلهم عرباً باستثناء كلوب باشا وعدد قليل من بعض القيادات وفي ذلك دلالة على التفكير الواعي للقيادة الهاشمية التي أرادت لهذا الجيش منذ البداية أن يكون جيشاً عربياً هاشمياً مصطفوياً، وفي هذه الفترة كان الأمير عبدالله حريصاً على استمرار بناء الجيش على أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار عبء المسؤولية الملقاة على عاتقه، وتم تشكيل كتائب المشاة الأولى والثانية والثالثة، وفي عام 1943 وصل تعداد الجيش إلى حوالي 6000 رجل شاركوا في الحرب العالمية الثانية في العراق وسوريا، وأعيد تنظيم الجيش وانضوت قواته تحت ثلاثة ألوية بالإضافة إلى الكتيبة الرابعة وحاميتين، واستمر الجيش بالتطور إلى أن وصل تعداده عام 1945 نحو 8000 جندي وضابط وكان منظماً في 16 سرية مستقلة وقوة شرطة مؤلفة من ألفي رجل.

في الخامس والعشرين من أيار 1946 حقق الأمير عبدالله بن الحسين طموحات الشعب الأردني باستقلال البلاد وبويع ملكاً دستورياً عليها وظل جلالته يواصل مساعيه في تنمية الجيش وتعزيز الروح العسكرية فيه رغم الصعوبات التي كانت تواجهه آنذاك.

شعار الجيش العربي يعتز رجال الجيش العربي بالشعار الذي يزين جباههم بلونه الذهبي ومعانيه السامية والذي منه يستمد العزم والعمل، أما الاحتراف والتميز فهما عنوانان آخران لهذا الشعار، ففيه يحتضن التاج الملكي بسيفين متقاطعين يرمزان للقوة والمنعة، كما يحتضن التاج الملكي والسيفان المتقاطعان إكليل الغار الذي يرمز إلى البطولة ويدل على الخير والسلام، ويوسط الشعار عبارة (الجيش العربي) التي تتضمن معانٍ قومية ووطنية سامية، ومن يقرأ بتأن مضامين وأبعاد هذا الشعار فإنه سيصل في النهاية إلى حقيقة راسخة مضمونها أن هذا الجيش ورجاله منذور ومنذ تأسيسه للدفاع عن قضايا الوطن والأمة العربية الكبيرة.

مرحلة ما بعد الاستقلال ظل الملك المؤسس يرعى الجيش العربي ويعمل على تنميته وتطويره حتى بلغت قوة الجيش العربي في أيار عام 1948 تتألف من أربع كتائب آلية وبطاريتي مدفعية وسبع سرايا مشاة، وكان للجيش العربي مشاركته المشرفة في حرب فلسطين عام 1948 وسطر صفحات مشرقة وقدم قوافل الشهداء التي لا زالت أرض فلسطين تنعم بنجيعها في بوابات القدس واللطرون وباب الواد وجنين وغيرها، وعندما وجد الملك عبدالله بن الحسين أن جبهة المواجهة مع إسرائيل أخذت تزداد وأصبحت أكثر اتساعاً دفعه ذلك إلى إعادة تنظيم سرايا المشاة وتشكلت الكتيبتان الخامسة والسادسة وتواصلت عملية النمو والتوسع في الجيش العربي، ففي عام 1951 ضم فرقة تتألف من ثلاثة ألوية، وأنشئت قبل ذلك بعام مدرسة للمرشحين لتخريج الضباط بما يتلاءم وحاجة الجيش المتزايدة، إضافة إلى عدد من المدارس الفنية ومدارس الأسلحة لتدريب الضباط، كما بدأت في تلك الفترة نواة سلاح الدروع والمدفعية والهندسة وبلغ تعداد الجيش عام 1951 ما يقارب 12 ألف رجل.

في تموز من عام 1951 انتقل جلالة الملك المؤسس إلى الرفيق الأعلى ليكتب عند الله شهيداً على بوابة الأقصى ضارباً المثل الأعلى في التفاني والتضحية من أجل الوطن والأمة، وتنتقل الراية في أيلول عام 1951 إلى الملك طلال بن عبدالله حيث كان الأردن واقعاً تحت ضغوط الاعتداءات الإسرائيلية، وفي ذلك الوقت شكل الحرس الوطني وكان قوة احتياطية مهمة تقوم بمساعدة الجيش العربي في الدفاع عن ثرى فلسطين، إلا أن الأقدار كانت محتمة حيث ساءت صحة جلالته ونودي بجلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ملكاً على البلاد في الحادي عشر من آب عام 1952 لمتابعة المسيرة الخيرة.

ورغم ما كان يمر به الأردن من فترة عصيبة من حياته السياسية حيث استمرت حوادث خرق الهدنة وتبادل إطلاق النار وصّعدت إسرائيل من عمليات الإغارة عبر الحدود الأردنية ورغم ذلك فقد شهدت القوات المسلحة التطورات المتسارعة، فكان تاريخ الأول من آذار عام 1956 يوماً مميزاً في تاريخ الأردن المعاصر ويوماً يسجل بأحرف من نور في ذاكرة الوطن الخالد، وفي الأول من آذار لعام 1956 اتخذ جلالته قراره القومي والتاريخي بتعريب قيادة الجيش العربي لتكون القيادة عربية أردنية وتم الاستغناء عن خدمات كلوب باشا والضباط الانجليز.

ويستمر التطور على مستوى القوات المسلحة لنحط عند محطة مهمة وهي إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957 للتخلص من بقايا النفوذ والسيطرة الاستعمارية والتدخل في الشؤون الداخلية للأردن.

واستمر الاهتمام بالجيش درع الوطن وحصنه المنيع وانطلقت يد الحسين بإعادة بناء الجيش حيث أصدر جلالته عام 1956 أوامره بفصل الدرك عن الجيش وإلحاقه بوزارة الداخلية وعمل على الارتقاء بالجيش وقيادته تسليحاً وتنظيما،ً وتابع الحسين رحمه الله عملية بناء الجيش بدءاً بالتأهيل والتدريب واكتمالاً بالتسليح والتجهيز إلى أن وصل الجيش مصاف الجيوش الكبرى.

أخبار ذات صلة

newsletter