حذرت الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" من من قرارات تتعلق بالعملية التعليمية، يجري إعدادها بشكل سريع لتمريرها في ظل انشغال الرأي العام بلقمة العيش والأزمة الاقتصادية.
ورأت حملة "ذبحتونا" أن وزارة التربية تقوم بإطلاق بالونات اختبار لجس نبض الشارع ومدى تقبله لقرارات خطيرة تسهم بشكل أو بآخر في تدمير العملية التعليمية.
وكان أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون الفنية والتربوية، الدكتور محمد العكور، قد صرح صباح أمس لأحد المواقع الإلكترونية، أن الوزارة ستتوقف اعتبارا من العام الدراسي القادم عن استخدام كلمتي ناجح وراسب في شهادات وكشوفات علامات طلبة الثانوية العامة".
حيث سيتم الاكتفاء "بوضع مجموع علامات الطالب وارسالها إلى وحدة القبول الموحد لتتمكن من تحديد تخصص ونوع دراسة الطالب ضمن المجموع العام"، مشيرا إلى أن هنالك نظام جديد سيتم العمل عليه لتحديد التخصصات التي سيدرسها الطالب.
ولاحقاً وبعد ساعات من تصريحات العكور، أصدرت وزارة التربية بياناً عبر مدير إدارة الامتحانات والاختبارات المدرسية في وزارة التربية والتعليم زيدان العبادي، أكد فيه أن مجلس التربية والتعليم وافق في اجتماعه الاخير على الخطوط العريضة لتطوير امتحان التوجيهي ، ومنها مبدأ اعتماد مجموع العلامات الكلي للمواد بدلا من ناجح راسب، وبين العبادي أن هذا القرار ما زال بحاجة للمزيد من الدراسة والعمل لإقراره بشكله القانوني، علما ان هذا المبدأ متبع في كثير من دول العالم.
فيما خرج وزير التربية عمر الرزاز صباح اليوم بتصريحات لإحدى الإذاعات المحلية أكد فيها على أن القرار سيتم تطبيقه اعتباراً من العام الدراسي القادم، وأن الحديث الآن مقتصر على آليات تطبيقه.
واعتبرت حملة ذبحتونا أن الحديث الحكومي عن قرارات "مجتزأة" لإصلاح العملية التعليمية، دون وضع خطة استراتيجية شاملة و"عابرة للحكومات" لن يؤدي إلا إلى المزيد من التخبط وتدمير العملية التعليمية. وملف التوجيهي أكبر بكثير من أن يتم علاجه بقرار مجتزأ هنا أو قرار "مبتور" هناك.
وسجلت الحملة الملاحظات التالية على تصريحات وزارة التربية تاليا نصها كما وردت في بيان الحملة:
1_ إن إصلاح التوجيهي، وخاصة ما يتعلق بالكارثة الأكبر وهي رسوب ما يزيد على الثمانين ألف طالب وطالبة سنوياً، يتم من خلال منظومة وخطة عمل تبدأ من الصفوف الأساسية، مروراً بالبنية التحتية والمناهج المدرسية والمعلمين وانتهاءً بالتوجيهي.
أما أن يقوم وزير لم يمض على استلامه الحقيبة الوزارية أكثر من أربعة أشهر، باتخاذ قرارات بهذا الحجم ودون دراسات مسبقة أو خطة شمولية أو حتى طرح هذه القضية للنقاش على مستوى الخبراء التربويين والمختصين. هكذا آلية في اتخاذ القرار، تدلل على أننا لا نزال في الأردن نخضع لسياسة و"مزاجية" الوزير وليس سياسة الوزارة، وأننا أبعد ما نكون عن الخطط والاستراتيجيات الناظمة للعمل المؤسسي.
2_ إن هكذا قرار لا يمكن أن يخدم عملية إصلاح التوجيهي، وما تحدث به الوزير والمسؤولون في الوزارة حول أن إلغاء الرسوب متبع في معظم دول العالم، هو كلام غير دقيق. فكل أنظمة التوجيهي في العالم تخضع طلبتها للنجاح والرسوب، وما يختلف هو آلية القبول في الجامعات في تلك الدول. ولكن الأهم هو أنه لا يوجد نظام يعطي طالباً راسباً شهادة ثانوية عامة أو "دبلوما".
3_ إذا كان الوزير يرى أن بعض المواد التي يدرسها الطالب في الثانوية العامة، ليست مرتبطة بتخصصه في الجامعة. فيمكن تجاوز هذه النقطة من خلال إعادة النظر في المواد التي يتم تدريسها ومحتوى هذه المواد، وهو الأمر المتبع في كثير من دول العالم. لا أن يتم إلغاء الرسوب في هذه المواد!!
4_ هل يعلم معالي وزير التربية حجم تداعيات هكذا قرار على تحصيل الطلبة الأكاديمي؟ هكذا قرار هو تحفيز للطلبة لعدم دراسة بعض المواد بشكل جدي بحكم أن الرسوب في هذه المواد لن يحرمه من الالتحاق بالجامعات.
5_ إن إلغاء الرسوب سيضاعف من إشكالية مخرجات التعليم الجامعي. وسنجد أنفسنا أمام المزيد والمزيد من التراجع في مستوى جامعاتنا بدلاً من الارتقاء بها. وهنا نتساءل: كيف يمكن لوزير التعليم العالي أن يسمح بقبول طالب في الجامعات الأردنية وهو راسب في اللغة الإنجليزية أو اللغة العربية؟!
6_ إن هذا القرار سيعزز من الطبقية في التعليم الجامعي. فالطالب الأقدر مالياً ستكون فرصه أكبر في القبول الجامعي سواء في الجامعات الرسمية (عبر الموازي والدولي) أو في الجامعات الخاصة (عبر القبول المباشر). لتصبح جامعاتنا للأقدر مالياً وليس الأكفأ دراسياً.
7_ المستفيد الأكبر من قرار إلغاء الرسوب هو الجامعات الخاصة التي لحقها ضرر كبير نتيجة حجم الرسوب في التوجيهي في السنوات الأخيرة. وجاء هذا القرار لينعش "سوق" هذه الجامعات وليفتح باب القبول فيها على مصراعيه، دون أدنى حد من الأسس الأكاديمية والعلمية للقبول الجامعي.
8_ لقد صدمنا وزير التربية في تصريحاته، عندما أكد في حديثه لإحدى الإذاعات المحلية أن فكرة إلغاء الرسوم جاءت بعد قراءة الوزير لمقال تم نشره قبل شهر في إحدى الصحف المحلية لدكتور مختص في التقييم يطرح فيه كاتب المقال فكرة إلغاء الرسوب، فأُعجب الوزير بالفكرة، والتقى بكاتب المقال. وفي أقل من شهر تم إقرار إلغاء الرسوب.
إن قراراً بهذا الحجم من الخطورة يتم اتخاذه في أقل من شهر، وبما يتناقض مع حديث الوزير وحكومته الرشيدة عن الخطط والاستراتيجيات في العمل، يضع علامة استفهام كبيرة حول كيفية إدارة ملف بحجم ملف التوجيهي.
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" نؤكد على خشيتنا من أن يكون هذا القرار جزءً من الخطوات العملية لإلغاء التوجيهي واعتماد القبول المباشر في الجامعات.
إننا نعرب عن خشيتنا من أن يكون هذا القرار تمهيداً لخصخصة التعليم في ظل رفع وزارة التربية يدها عن ملف المناهج وملف التدريب، والحديث المتداول حول فصل ملف إدارة الامتحانات عن الوزارة.
إننا نطالب وزير التربية الدكتور عمر الرزاز بالتراجع عن هذا القرار الذي لن يؤدي إلا إلى المزيد من التدمير للعملية التعليمية، وندعو لعقد مؤتمر وطني يضم النخب الأكاديمية والتربوية لوضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها إنقاذ العملية التعليمية وتحقيق قفزة نوعية فيها.