كعادتها كل يوم تتجه "حفصة شيخ" وزميلاتها إلى ضواحي العاصمة الصومالية مقديشو، بغية مساعدة النازحين الفارين من كارثة الجفاف والمجاعة التي حلت بجنوب البلاد بسبب ندرة المياه مع تأخر موسم هطول الأمطار لعامين.
تقول حفصة للأناضول، وهي تحكي عن هول المأساة التي عاينتها بأم عينيها، إن أوضاع النازحين تتفاقم دون أن تبدأ الهيئات الإغاثية المحلية والدولية بإعانة النازحين الذين يصلون تباعاً إلى مخيمات مقديشو التي تستقبلهم هي الأخرى بـ"جيوب فارغة".
وعلى مد البصر تتوسع رقعة المخيمات خارج العاصمة الصومالية بسبب تدفق أعداد هائلة من النازحين، حيث تشير إحصائيات غير رسمية أن ما لا يقل عن خمسين أسرة وصلوا مقديشو مؤخرا بحثاً عن عيش كريم، بعد أن ضربت المجاعة ديارهم وقراهم.
وفي مخيم جديد تم إقامته في منطقة "كحدا" بالعاصمة، حيث لا يزال النازحون يتفقدون إليه، تحاول الطالبات من جامعة "جزيرة" تقديم الإغاثة لهم، فتيات يعملن كخلية النحل لمساعدة أشقائهن اللواتي يتضورن جوعاً ومرضاً، كما فقد بعضهن أبناءهن لهذا السبب.
وتتمثل المساعدات التي توزعها الصوماليات على المتضررين من كارثة المجاعة، بملابس وأغطية إلى جانب أكياس من الأرز والدقيق ولترات من الزيت.
ومن بين هؤلاء الجامعيات، أطباء يعملن معهن جنباً إلى جنب، حيث يخصصن بعض الوقت لمعاينة الأوضاع الصحية للنازحين، من خلال إجراء الكشف الطبي عليهم وتقديم الأدوية بالمجان.
إقرأ أيضاً: الجوع يودي بحياة 110 أشخاص في 48 ساعة بالصومال
عائشة عبدالله، طالبة في جامعة "جزيرة"، تقول للأناضول، إن مشروعهن يشمل نحو 200 نازح صومالي يوفرن لهم الدواء والفحص إلى جانب بعض التبرعات العينية التي جمعوها من أقرانهن في الدراسة بالجامعات المحلية.
جهد يسير لكن بنظر هؤلاء عمل فريد من نوعه رغم قلة الإمكانات المادية وكثرة المحتاجين إلى الإغاثة الإنسانية، فحجم المشردين في ضواحي مقديشو في تزايد مستمر، بينما تتضاءل حجم المعونات اليومية التي يوزعها هؤلاء على الفقراء والمرضى في مخيمات العاصمة.
وتواجه الصومال ثالث أزمة مجاعة منذ 25 عاماً، وتقول بعض المصادر الرسمية إنها قد تكون الأسوأ من نوعها منذ استقلال البلاد عام 1960.
وشهدت الصومال اليوم الأربعاء، مناسبات عدة احتفاءً باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس/ آذار من كل عام، في وقت تعاني الكثيرات من الصوماليات أزمات اجتماعية واقتصادية، في ظل عدم وجود استجابة رسمية لتوفير الدعم للمتضررين من أزمة المجاعة.
وقدرت الأمم المتحدة أعداد الصوماليين المهددين بالمجاعة والجفاف نحو 6 مليون شخص أي أكثر من 40% من السكان، فيما بلغ أعداد الأطفال الذين يتهددهم خطر أزمة سوء التغذية نحو 300 ألف.
وأعلن الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فرماجو، في وقت سابق من مارس الجاري، أن البلاد تعاني من كارثة وطنية، داعيا المجتمع الدولي إلى بذل جهوده لإنقاذ حياة الملايين من كارثة المجاعة.
والسبت الماضي، أعلن رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري، إن نحو 110 أشخاص لقوا حتفهم خلال يومين جنوبي البلاد بسبب المجاعة والجفاف، الأمر الذي أثار صدمة في نفوس الكثير من المواطنين، حيث دعت هيئة علماء الصومال إلى صلاة استسقاء وصيام غدا الخميس.
يشار إلى أن جفافاً شديداً ضرب جيوبا من الصومال في عام 2011، أودى بحياة 260 ألف شخص، وتسبب فيه الصراع وحظر المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة "الشباب".
وتعد الصومال واحدة من أربع دول مصنفة على أنها على وشك مواجهة مخاطر مجاعة حادة، إلى جانب نيجيريا، وجنوب السودان، واليمن.