سلط إعلان المتحدث باسم مجلس خبراء القيادة الإيرانية، أحمد خاتمي، عن تعيين لجنة سرية لاختيار مرشحين لخلافة المرشد_الأعلى_علي_خامنئي، الضوء على أبرز المرشحين المحتملين للمرشد المصاب بسرطان البروستاتا، في حال موته المفاجئ.
وبينما كشف خاتمي أن هناك مرشحين بالفعل اختارتهم اللجنة، ولم يطلع عليهم سوى المرشد خامنئي نفسه، تتداول الأوساط السياسية في إيران أسماء عدد من الشخصيات السياسية والدينية البارزة في البلاد، على رأسهم رجل الدين المتنفذ إبراهيم رئيسي، الذي رشحه مؤخراً التيار الأصولي المتشدد لانتخابات الرئاسة الإيرانية المزمع إجراؤها في مايو/أيار المقبل.
وبعد وفاة رئيس مجلس_تشخيص_مصلحة_النظام الإيراني أكبر هاشمي رفسنجاني، أبرز ساسة البلاد، في 8 يناير الماضي، هناك عدة مرشحين آخرين للمرشد خامنئي ينقسمون بين الإصلاحيين والمحافظين وتحالفاتهم داخل النظام نفسه، بدءاً من مجتبى خامنئي، نجل المرشد الحالي رجل المال والاقتصاد، وصولاً إلى نائب رئيس مجلس خبراء القيادة آية الله هاشمي شاهرودي وهو الرئيس السابق للسلطة القضائية، وكذلك صادق لاريجاني، الرئيس الحالي للسلطة القضائية، بالإضافة إلى رئيس الحالي حسن روحاني.
وهناك رجال دين أقل حظاً لتولي منصب الولي_الفقيه بعد خامنئي، وهم كل من آية الله جوادي آملي، وآية الله محمد تقي مصباح يزدي، المقرب من المرشد وعضو مجلس الخبراء، إضافة إلى رجل الدين المتشدد أحمد جنتي الذي تولى ويتولى مناصب رفيعة في الدولة الإيرانية منذ الثورة عام 1979.
وفيما يلي سيرة مختصرة عن أبرز المرشحين المحتملين لخلافة خامنئي:
1- إبراهيم رئيسي (56) عاماً
سطع نجمه مؤخراً ليكون أحد أبرز المرشحين لخلافة آية الله علي خامنئي، نظراً للدعم الذي يحظى به من قبل قادة الحرس_الثوري ورجال دين متشددين مقربين من المرشد. ويتولى حالياً ثلاثة مناصب بأمر مباشر من خامنئي، وهي عضويته في مجلس الخبراء، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، ومسؤول العتبات في مدينة مشهد.
اشتهر بعضويته في "لجنة الموت" التي شكلت صيف عام 1988 بأمر من مرشد النظام الأول روح الله الخميني والتي قامت بإعدام عشرات الآلاف من السجناء السياسيين من أعضاء ومناصري منظمة مجاهدي_خلق والمنظمات اليسارية وناشطي القوميات بتصفيات جماعية في السجون.
تم ترشيح إبراهيم رئيسي خلال مؤتمر "الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإيرانية" وهي من كبرى التيارات الأصولية، في فبراير الماضي، وحضره 3 آلاف شخصية قيادية من مختلف الأحزاب الأصولية المتشددة.
قبل أشهر قام قادة الحرس الثوري وعلى رأسهم قائد هذه الميليشيات، محمد علي جعفري، وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وقائد الباسيج السابق اللواء، محمد رضا نقدي، بزيارة إبراهيم رئيسي في مشهد، حيث اعتبرت قوى إصلاحية أن هذه الزيارة كانت بمثابة مبايعة لرئيسي بمباركة المرشد خامنئي.
وبرز دور رئيسي منذ أن قام المرشد الإيراني في مارس/آذار 2016، بتعيينه مشرفاً على مؤسسة "آستان قدس رضوي"، وهي التي تشرف على إدارة ضريح الإمام الرضا الشهير في مدينة مشهد، والمؤسسات المالية الضخمة التابعة لها، وذلك عقب وفاة رجل الدين عباس واعظ طبسي، الذي تولى المهمة لـ 37 عاماً. ويمثل "آستان قدس رضوي" أحد المؤسسات الكبرى التابعة للصناديق الخيرية الضخمة التابعة بدورها لمؤسسة "بنياد"، وهي من المؤسسات الاقتصادية الضخمة التابعة لبيت المرشد، والمعفاة من الضرائب وتشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد غير النفطي الإيراني تصل أموالها إلى 20% من إجمالي الدخل الوطني. وتبلغ قيمة عقارات "بنياد" اليوم نحو 20 مليار دولار شاملة حوالي نصف الأراضي في مدينة مشهد، كما أن الشركات التي تمتلكها تشمل شركات كبيرة مثل رضوي للنفط والغاز، شركة رضوي للتعدين، ماهاب قدس، ومجموعة مابنا وشهاب خودرو.
2- محمود هاشمي شاهرودي (68 عاماً)
نائب رئيس مجلس الخبراء وأحد مراجع الشيعة في إيران والعراق، والذي شغل منصب رئيس القضاء الإيراني السابق بين عامي 1999 و2009 ويعتبر من المقربين من المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بمنصب الولي الفقيه من الناحية الدينية، رغم معارضة بعض التيارات حول جنسيته العراقية.
وكان بعض النواب اعتبروا أن جنسية شاهرودي تعد إشكالية أمام دخوله في مجلس الخبراء، خاصة أنه تزعم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي كان أقوى المنظمات الشيعية المعارضة العراقية في إيران، حتى سقوط النظام العراقي عام 2003. لكن أنصار شاهرودي يقولون إن العراق لم يسقط الجنسية الإيرانية عنه رغم ولادته بمدينة النجف، حيث كان والده مدرسا في الحوزة هناك.
3- مجتبى خامنئي (48 عاماً)
النجل الثاني للمرشد خامنئي والأكثر نشاطاً في السياسة في عائلته، والذي لديه نفوذ كبير في الحرس الثوري ومقرب من الأصوليين المتشددين وأقطاب اليمين.
كشفت وثيقة لـ"ويكيليكس" مسربة أن المرشد الأعلى علي خامنئي يحضِّر ابنه مجتبى الذي تلقى تعليماً دينيّاً ليخلفه في منصب المرشد، حيث تعاظم دوره ونفوذه خلال السنوات الأخيرة في مختلف المؤسسات القوية في إيران.
أدى مجتبى خامنئي دوراً كبيراً في انتخاب أحمدي نجاد عام 2005، وقد اتهمه مهدي كروبي صراحة بالتدخل في الانتخابات بصورة غير قانونية، وكذلك الحال في الانتخابات الرئاسية العاشرة، وإعادة انتخاب أحمدي نجاد 2009.
ويتهم الإصلاحيون مجتبى بالمشاركة مع قوات الحرس الثوري في القمع الدموي للاحتجاجات، التي أعقبت انتخاب أحمدي_نجاد، ضد ما قيل إنه تزوير بنتائجها، حيث خرج حوالي 3 ملايين في شوارع طهران فيما سميت بالانتفاضة الخضراء، التي قادها مير حسين موسوي (رئيس الوزراء الأسبق) ومهدي كروبي (رئيس البرلمان الأسبق) الخاضعان تحت الإقامة الجبرية منذ ست سنوات.
وبالرغم من انخرط مجتبى في الدروس الدينية سعياً للوصول إلى مرتبة مجتهد، لكنه لا يحظى بدعم المراجع الشيعية الكبار في قم. كما أن هناك معارضة من بعض المراجع لتحول ولاية الفقيه من منصب منتخب من قبل مجلس الخبراء إلى عملية التوريث.
4- صادق لاريجاني (58 عاماً)
يترأس السلطة القضائية منذ عام 2009 بعد شاهرودي وقد اختاره خامنئي لهذا المنصب، بعد أن كان عضواً في مجلس صيانة الدستور لـ9 أعوام (2001-2009).
عائلة لاريجاني تمسك بمفاصل القضاء والبرلمان (مجلس الشورى) في إيران، وبينما يجلس صادق آملي لاريجاني على رأس السلطة القضائية، يتولى معاونه وشقيقه الأصغر محمد جواد أردشير لاريجاني، ما تسمى لجنة حقوق الإنسان في السلطة تمثيل إيران، بينما يرأس أخوه الأكبر علي لاريجاني البرلمان منذ 2008. أما شقيقه الرابع الدكتور باقر لاريجاني، فيعمل مستشار جامعة طهران للعلوم الطبية، وشقيقه الخامس فاضل لاريجاني يعمل دبلوماسياً بالخارجية الإيرانية والمتهم بملفات فساد مع شقيقه آية الله صادق لاريجاني.
5- حسن روحاني (68 عاماً)
الرئيس الإيراني الحالي الذي يوصف بالمعتدل، الشخصية الأكثر شعبية، والذي أعلن ترشحه مجدداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع إجراؤها في مايو/أيار المقبل.
يحسب روحاني على التيار المعتدل المقرب من الإصلاحيين، لكن عدم تمتعه بالمرجعية أو برتبة دينية رفيعة رغم أنه رجل دين بدرجة "حجة الإسلام والمسلمين"، يقلل من حظوظه إلى حد كبير في نيل منصب المرشد. كما أن هناك عدة عوامل تقلص من فرص كسبه تأييداً واسعاً داخل أجنحة النظام المتنفذة، على رأسها فقدانه لأقوى حليف وهو الرئيس الأسبق الراحل هاشمي رفسنجاني، وكذلك صراعه المتصاعد مع المتشددين، بالإضافة إلى علاقاته المتوترة مع الحرس الثوري.
وبكل الأحوال سيكون لمجلس الخبراء المنقسم بين المتشددين والإصلاحيين والمكون من 89 رجل دين، دور كبير في اختيار المرشد الأعلى الجديد بعد خامنئي، لكن المتحدث باسم مجلس_الخبراء أعلن أن كلمة الفصل ستكون لخامنئي نفسه، حيث إنه سيوصي بخليفته للجنة السرية التي تم تشكيلها بأمر منه.