ما أن شاهد المسؤولَ في دائرة الضريبة، وقد وضع توقيعه على الشيك، حتى اختطفه وأسرع لا يلوي على شيء، ومع أننا لا حقناه لمعرفة وجهة نظره فيما نحن بصدده، إلا أنه كان فرحًا لدرجة أنه رفض الالتفات إلينا، أما من كانوا في الانتظار، فقالوا: نتحدث بعد القبض، بيد أنهم حذو حذوه، بعد أن قبضوا، فما هي حكاية الرديات؟ ولماذ يفرح من قبض، ويحزن من ما زال في الانتظار؟.
رديات ضريبتي المبيعات والدخل تُقدر بعشرات الملايين كل عام، كانت كذلك في السنوات السابقة، وستبقى كذلك. ظل الناس، حينما كانت الحكومة تعيدها لمستحقيها بسهولة، يشتكون من الروتين، غير أن تأخر الحكومة في الدفع، خاصة العام الماضي، زاد في طين حالهم بلة.
لماذا تتأخر الحكومة في دفع الرديات إلى مستحقيها؟ سؤال حملناه إلى دائرة الضريبة نفسها، وإلى خبراء، فكانت الإجابات متباينة.
الأنكى من تأخر الحكومة في دفع ما يستحق عليها للمواطنين من رديات، أن الحكومة تمتلك من الأدوات ما يجعلها تُحصِّل الضرائب من المواطنين بسهولة، فما الذي يمتلكه المواطن من قوة لتحصيل ردياته؟
في السياق ذاته يدفع المواطن غرامات وفوائد تصل أحيانًا إلى أكثر من قيمة ما يستحق عليه من ضرائب، إذا ما تأخر في الدفع، لكن هل تدفع الحكومة فوائد على الرديات التي تتأخر في دفعها؟
في ظلال موضوعة الفوائد يستغرب خبراء ومتابعون من ذهاب الحكومة أحيانًا إلى خيار دفع غرامات بنسبة تسعة في المئة لتعويض من يستحق لهم رديات، في حين بإمكانها الاقتراض بنسبة أربعة في المئة.
علاقة القطاع التجاري بالرديات محددة برديات ضريبة المبيعات فقط، وغالبًا ما يعاني المكلفون من تأخير في دفع ما يستحق من رديات لمنتسبيه، بينما هم يدفعون ما يستحق عليهم من ضريبة دخل مقدمًا، فلماذا لا يجري التقاص في منافذ الاستيراد أو في نهاية خطوط الإنتاج؟
على الرغم من أن خبراء يعتقدون أن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات تستقوِي على المواطنين ولا تدفع للناس ردياتهم في الأوقات المحددة، إلا أن خبراء آخرين يرون أن الدائرة لا تتحمل مسؤولية التسويف والتأخر.
رديات ضريبتي الدخل والمبيعات قصة أخرى من قصص المالية العامة، تحتاج إلى إدارة حصيفة، ليتسنى للمواطنين استرداد ما يستحق لهم لدى دائرة الضريبة من دون تأخير أو تلكؤ، فهلا بادرت الحكومة ووفرت المبالغ المستحقة، وبادرت الدائرة في إجراءاتها ودفعت للناس بالسرعة عينها التي تقبض فيها ما يستحق لها من ضرائب.