عزيزي المسافر جوا صاحبتك السلامة.. لا تقلق كثيرا بشأن الاضطرابات الجوية والمطبات الهوائية، لكن إذا كنت ممن تتكرر سفرياتهم، فلك أن تفكر مليا بشأن "السحب المشعة".
فقد اكتشف الباحثون أن التعرض لفترة طويلة لتلك الغيوم الغامضة، يمكن أن يضر بصحة الركاب، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
فالمسافرون عبر المناطق ذات النشاط الإشعاعي العالي، يتعرضون لما يصل إلى 7.4 ميكرو جراي (وحدة قياس الجرعة الإشعاعية) من الإشعاع – و هي كمية تعادل ضعف معدلات الجرعة التي يمتصها الجسم في الأحوال العادية.
وتؤدي زيادة حالات التعرض للإشعاع المؤين إلى مجموعة من المشاكل الصحية، تشمل السرطان والمشاكل المتعلقة بالصحة الإنجابية.
لا داعي للذعر
ويقول الباحثون إنه في حين أن علينا أن نتجنب هذه السحب كلما أمكن، فإنه ليست هناك ثمة حاجة للذعر، وذلك لأنه بالنسبة لمنتظمي السفر، فإن المخاطر الكلية للإشعاع عند الارتفاعات الشاهقة تعتبر منخفضة.
جرعة مضاعفة
ولعل من الطريف أن الدراسة تظهر أن رحلة جوية عبر الولايات المتحدة تعادل تعرض المسافر لمرة واحدة لأشعة سينية على الصدر. إلا أن الطيران عبر سحابة مشعة يسفر عن جرعة مضاعفة من التعرض للأشعة ولكن فقط لفترة قصيرة من الوقت.
وتقدر نسب الخطر من التعرض للأشعة السينية على الصدر، فيما يتعلق بزيادة خطر الإصابة بالسرطان القاتل بما لا يزيد عن واحد في المليون.
شمال المحيطات
وفي هذا السياق، يقول كينت توبيسكا، المؤلف الرئيسي للدراسة ورئيس" سبيس إنفايرونمينت تكنولوجيز"، في تصريح لـ "ميل أون لاين": "تبين أن الظروف الجوية الفضائية، التي تتسبب في تكوين السحب المشعة، شائعة نسبيا حتى أن صافي التأثير على طاقم الطائرة أو المسافرين الدائمين هو أنهم من المرجح أن يتعرضوا للمزيد من الإشعاع عبر مسارات مثل شمال المحيط الهادئ وشمال الأطلسي أكثر مما يمكن توقعه من مجرد التعرض إلى خلفية أشعة المجرة الكونية."
وتم اكتشاف السحب الغريبة من قبل الباحثين من البرنامج الذي تدعمه ناسا، وهو برنامج "القياسات الآلية للإشعاع لسلامة الطيران والفضاء" (أرماس) ARMAS، والذي يتخذ لوس انجليس مقرا له. وتعد مبررا جديدا لما كان العلماء يعرفونه منذ وقت طويل بشأن امتصاص أجسام المسافرين جوا للأشعة أثناء الرحلات.
اختراق الطائرات
ويسفر اصطدام الأشعة الكونية بالغلاف الجوي للأرض عن تكوين مجموعة من الجزيئات، تشتمل على البروتونات والإلكترونات والأشعة السينية وأشعة غاما وهي التي يمكن أن تخترق الطائرات.
ويمكن لجسم الشخص الذي يسافر لنحو 1000 ميل مرات متعددة أن يمتص قدرا من الإشعاع كما لو أنه أجرى الأشعة السينية على الصدر عشرين مرة.
وتوقع باحثو برنامج "أرماس" أن يشهدوا معدلات جرعة إشعاع متفاوتة تدريجيا وفقا لخطوط الطول والعرض التي تمر عبرها رحلات الطيران وارتفاع الطائرة عن الأرض.
لكن على النقيض من هذا، وجد الباحثون أن معدلات الجرعة ارتفعت بشدة مع زيادة ارتفاع الطائرات عن الأرض.
طفرات إشعاعية
وسجل الباحثون قراءات في مجموعة من المواقع في جميع أنحاء العالم، واكتشفوا حدوث طفرات في الإشعاع وقعت في مناطق خطوط العرض العليا - أكثر من 50 درجة في كل من نصفي الكرة الأرضية.
ففي رحلة جوية عام 2015 من جنوب شيلي إلى القارة القطبية الجنوبية، سجلت وحدة طيران "أرماس" زيادة بضعفين في الإشعاع المؤين لمدة 30 دقيقة، في حين حلقت الطائرة على ارتفاع 11 كم (36,000 قدم) فوق شبه الجزيرة القطبية الجنوبية.
ولم تكن هناك عواصف شمسية آنذاك، ولم تقم الطائرة بأي تحركات مفاجئة فيما يتعلق بالاتجاهات، وعلى الرغم من هذا، كان هناك تغيرا كبيرا في الإشعاع المحيط. تم تسجيل نتائج مماثلة خلال رحلات جوية قبالة ساحل ولاية واشنطن.
ولم يتوصل الباحثون بعد إلى السبب وراء هذه العواصف، ولكن أرجحوا أن يكون بسبب حصار "السحب المشعة" لأشعة كونية.
إلى ذلك، يأمل الباحثون الآن في إجراء مزيد من الرحلات الجوية لاختبار مستويات الاشعاع.