أراد رامي النابلسي أن يحمي المحل الذي ورثه عن أبيه في القدس العتيقة من المستوطنين، وأن يملأ زاويةً فارغةً فيه، فوجد نفسه بعد سنواتٍ يملك ما يمكن القول إنه متحف يحتوي أدلة على الوجود الفلسطيني القوي قبل قيام الكيان الإسرائيلي، بل وقبل الهجرات اليهودية برعاية بريطانية إلى فلسطين.
في المحل الذي يملكه رامي تستطيع أن تجد مقتنياتٍ أثريةٍ عديدةٍ تتنوع بين عملاتٍ وجرائد وغيرها، فالشاب الذي ولد عام 1977، ويسكن في عقبة السرايا بالقدس العتيقة، يهوى صياغة الفضة وتشكيلها بطرق فنيةٍ مختلفة، وكذلك تجميع كل ما هو نادرٌ وقديمٌ خاصة ما يتعلق بفلسطين والقضية الفلسطينية.
يقول النابلسي إن المحلات التي تهتم بالأشياء القديمة الآن لم يعد لها وجودٌ تقريبًا في القدس، وما يعرض في المحلات حاليًا هي بضائع صينية وليست أصلية أو أثرية، مضيفًا، أن هذا كان أحد دوافع اهتمامه بهذا الجانب، وتطويره في محل والده.
إقرأ أيضاً: الاحتلال يهدم قرية العراقيب بالنقب للمرة 109 على التوالي
ولسنواتٍ طويلةٍ ظل محل والد رامي النابلسي محددة يعمل بها 15 شخصًا، وبقي كذلك حتى بداية الألفية الثالثة، إذ توفي والده وأخذت أقدام المستوطنين تكثر من حوله، ما أوحى لرامي بأن محاولاتٍ تجري للاستيلاء على المحل كما حدث في حالاتٍ كثيرة، فقرر تطويره والتواجد فيه بشكل دائمٍ بهدف الحفاظ عليه.
ويروي النابلسي أنه منذ كان عمره 10 أعوامٍ بدأ جمع أغراضِ فلسطينيةٍ قديمة، والاحتفاظ بها ورعايتها بشكل خاص، وقد بدأ الأمر بالعملات والطوابع، وعند بلوغه 12 عامًا عثر على عملةٍ كُتب عليها جنيه فلسطيني، ما يعتبره دليلاً على وجود فلسطين منذ زمنٍ قديم، فكثف بحثه وصولاً إلى الجرائد والمواد الورقية، وتحديدًا تلك القديمة ولونها أصفر.
مع الزمن أصبح لدى النابلسي مستودعًا، ونقل محتوياته إلى محله غير البعيد عن منزله، فهو يملك الآن عملات يعود تاريخها إلى 1700 عام، وألفي جريدة قديمة. يقول، "المقتنيات الثمينة ليست للبيع، أنا أحتفظ فيها للتعرف إليها، وبعضها لا أعرضه في المحل أصلاً، وما أعرضه للبيع لا أبيعه إلا لمن يقدره، فكل من اشتروا مني اهتموا بما اشتروه وأبرزوه، فأنا لا أهدف من بيعها إلى الربح فقط".
ويوضح النابلسي، أن بعض المقتنيات التي لا يمكن بيعها، خرائط لمدينة القدس في عام 1952، إذ يصفها بأنها لا تقدر بثمن، وأخرى لفلسطين قبل النكبة، وللبلدة القديمة في القدس.
ويشير إلى أن بعض المقتنيات التي يحتفظ بها الآن كان قد اشتراها من إسرائيليين، بعد استيلائهم عليها إثر احتلال الأراضي الفلسطينية، مضيفًا، أنه دفع في بعضها مبالغ كبيرة لاسترجاعها.