كان من قبيل المصادفة عثور المُحررَين الشقيقين طارق وأكرم جبريل، على كاميرات غاية في الصّغر والدّقة زرعها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدخلي منزليهما في بلدة تقوع إلى الجنوب الشرقي لمدينة بيت لحم جنوب الضّفة الغربية المحتلة.
فبعد وقت قصير من خروج الجنود من منزل المحرر طارق عقب اقتحامه، لاحظ جسمًا صغيرًا أسود مثبتًا في أعلى باب منزله، وبعد الفحص والتدقيق، تبين له أنها كاميرات صغيرة دقيقة زرعها الجنود أثناء اقتحام المنزل، الذي قارب على الساعتين.
وصعّد الاحتلال مؤخرًا من حملات الاستهداف لسكان بلدة تقوع، من خلال عمليات الاقتحام والاستفزاز المتواصل للسّكان، وهو ما أدى لتكرار اندلاع مواجهات على مداخل البلدة، لكن أهل البلدة باتوا يتخوفون من احتمالية أن يكون الجنود زرعوا أجهزة تجسس في منازلهم.
إقرأ أيضاً: الأسرى الإداريون يهددون بالدخول في اضراب تضامن
كاميرات سرية
ويقول صبري جبريل شقيق المحررَين إنّ قوّة عسكرية من جيش الاحتلال اقتحمت عددًا كبيرًا من منازل البلدة قبل أيام، وشنّت حملة اعتقالات وتفتيش للمنازل، لكن ما لم يكن بحسبان العائلة هو اكتشاف شقيقه المحرر طارق، والذي قضى نحو ستة أعوام في سجون الاحتلال، كاميرا صغيرة على مدخل منزله.
ويوضح، لوكالة "صفا"، أنّه عندما جرى فحص منزل شقيقه الآخر المحرر أكرم، جرى العثور على كاميرا صغيرة في مدخل منزله أيضًا، لافتًا إلى أنّ هدف الكاميرا تمثل في تصوير الداخلين والخارجين من وإلى المنزل.
ويلفت، جبريل النّاشط الصحفي، الانتباه إلى أنّ الكاميرات دقيقة جدّا وصغيرة، وتحوي شريحة إلكترونية، وجرى تثبيتها خلسة، بعد أن داهم جنود الاحتلال منازل العائلة، واحتجزوا كافة الأفراد في غرفة صغيرة، ومنعوهم من التحرّك.
ويتوقّع جبريل أن يكون الاحتلال يحصل على تسجيلات من بثّ هذه الكاميرات، للحصول على معلومات عن زوار العائلة ومرتادي منزلها، وأوقات دخول وخروج أفرادها، وخاصّة الأسرى المحررين.
ويعتبر الناشط أن هذا الفعل الإسرائيلي "خطوة خطيرة تمسّ المجتمع واستقراره، باعتباره مساسًا بالخصوصية، وتحمل المزيد من التخوّفات على استقرار العائلات الفلسطينية".
ويحث العائلات الفلسطينية على مزيد من الانتباه لمثل هذه القضايا، والتواجد في مرافق المنزل، تزامنا مع عمليات الاقتحام والتفيش التي ينفّذها الاحتلال، لإفشال مخططات زرع كاميرات تجسس بمنازلهم.
معلومات وابتزاز
لكنّ الخبير العسكري يوسف الشرقاوي يرى أنّ الاحتلال يستهدف من خلال هذه الكاميرات محاولة الحصول على معلومات أكيدة وموثّقة عن تفصيلات تحركات العديد من النّشطاء الفلسطينيين من ناحية، ومواجهتهم في التحقيق في حال اعتقالهم من النّاحية الأخرى.
ويقول، إن "الاحتلال قد يلجأ في أحيان أخرى للحصول على صور خاصّة بالعائلات، وابتزازهم، لأغراض أمنية مختلفة، إضافة إلى محاولاته في بعض الأوقات تنفيذ عمليات تجريب وتدريب على مخططات مختلفة".
ويشير الشرقاوي إلى أنّه بمقدور الاحتلال زرع مثل هذه الأجهزة ومثيلاتها في المنازل الفلسطينية، وأنه لا يراعي أيّ نوع من الخصوصية للفلسطينيين.
ولكن ما يثير المخاوف لدى الشرقاوي، عدم امتلاك الفلسطينيين الثقافة اللازمة لمواجهة ذلك، في إطار الوعي الأمني، مضيفًا أنه "من السّهل اختراقهم من خلال إجراءات الاحتلال المختلفة".
وعلى صعيد استهداف الأسرى المحررين، يتوقع أن يكون الاحتلال يستهدف هذه الفئة، كجزء من أنواع الرّقابة والمتابعة لشريحة يتخوف الاحتلال من ضلوعها في أنشطة مقاومة.
ويرى الشرقاوي أنّ بلدة تقوع مجتمع صغير محصور، ومن المحتمل أن يكون زرع كاميرات التجسس نوع من التجربة قبل توسيعها، وقد يكون أيضًا بهدف الحصول على معلومات، باعتبار أنّ البلدة تُشكّل عبر الشهور الماضية بؤرة توتّر ملتهبة ما بين السّكان وسلطات الاحتلال.