عام 2008، بقيت ميشيل اوباما بعيدة طوال فترة الحملة الانتخابية بهدف تجنب اي هفوة يمكن ان تؤثر على محاولة زوجها التاريخية لكي يصبح اول رئيس اسود للولايات المتحدة.
لكن بعد ثماني سنوات ألهبت الثقة بالسيدة الاولى الحشود ولم تتردد في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب قبل انتخابه، منددة بموقفه "المخيف" تجاه النساء.
وقالت في تشرين الاول/اكتوبر في خطاب خلال تجمع انتخابي لهيلاري كلينتون ان تصريحات الملياردير "صعقتني اكثر مما كنت اتصور". واضافت اوباما التي تبلغ الثلاثاء 53 عاما، حينها، "هذا ليس طبيعيا. ليست هذه امورا اعتيادية"، متابعة "انه امر مشين ولا يطاق".
وكرس هذا الخطاب تحول أول سيدة اولى سوداء للولايات المتحدة الى صوت مميز مدافع عن قضايا المرأة وطاقة سياسية كبيرة مثلتها خريجة هارفرد.
وعلى مدى الولايتين الرئاسيتين لزوجها، اصبحت ميشيل اوباما المتحدرة من حي في ساوث سايد حيث تسجل اعلى معدلات الجريمة في شيكاغو، رمزا للموضة والهاما للعالم.
ويقول الاستاذ في كلية الصحافة في جامعة نورث ويسترن بيتر سليفن، مؤلف كتاب عن ميشيل اوباما، لوكالة فرانس برس "من الامور التي تثير الدهشة في ما يتعلق بميشيل اوباما أنها تمثل الكثير من الامور للكثير من الاشخاص المختلفين". ويضيف "لقد اختارت نضالاتها وبقيت وفية لقيمها كما اضفت طابعا شخصيا على دورها".
"غير متصنعة"
ولدت ميشيل لافون روبنسون في 17 كانون الثاني/يناير 1964. كانت والدتها ربة منزل ولم يفوت والدها نهار عمل رغم اصابته بمرض التصلب اللويحي. ونشأت مع والديها وشقيقها الاكبر في غرفتين.
وبعد ان درست الحقوق في جامعتين اميركيتين عريقتين برينستون وهارفرد، انضمت الى مكتب المحاماة سيدلي اوستن في شيكاغو. وهناك التقت بالمتدرج الشاب باراك اوباما.
وغير هذا اللقاء حياتها. تزوجت من باراك اوباما في 1992. وشهدت مسيرة باراك اوباما السياسية صعودا سريعا. في كانون الثاني/يناير 2009، استقرت عائلة اوباما في البيت الابيض.
وركزت السيدة الاولى الجديدة في البداية اهتمامها على ابنتيها ماليا (ولدت في 1998) وساشا (2001).
ويقول المستشار السابق للرئيس ديفيد اكسلرود لشبكة "سي ان ان"، "تطلبت السنوات الاولى في البيت الابيض تغييرا فعليا بالنسبة لميشيل"، موضحا انها "اضطرت للبدء من الصفر في الكثير من المجالات، واضطرت للقيام بذلك امام انظار العالم أجمع. وشكل ذلك ضغطا كبيرا".
لكنها سرعان ما تركت بصماتها وبقيت بمنأى عن كل جدل وساندت قضايا عالمية مثل حملتها "فلنتحرك" من اجل التصدي لظاهرة بدانة الاطفال او "دعوا الفتيات يتعلمن" التي تنشط من اجل تعليم الفتيات في العالم.
ويلفت بيتر سليفن الى انها "تمكنت من خلق رابط مهم مع شريحة واسعة من الاشخاص بصفتها والدة عاملة وديموقراطية تقدمية، وكما تصف نفسها +فتاة سوداء من ساوث سايد في شيكاغو+".
واصبحت ايضا ايقونة للموضة الاميركية، وبفضلها اشتهر كثير من المصممين غير المعروفين. وجعلت مسألة ارتداء سترة بدون اكمام للقاء ملكة انكلترا، امرا مقبولا.
وشاركت ميشيل اوباما الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحب موسيقى البوب، في برامج تلفزيونية عدة ورقصت او غنت الراب.
وتقول المتخصصة في شؤون النساء في السياسة في الجامعة الاميركية جنيفر لوليس "انها غير متصنعة بكل بساطة. تشعر بالارتياح اينما كانت، تبدو حقيقية".
المرحلة المقبلة
عندما اشتدت الحملة الانتخابية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب السنة الماضية، تبنت ميشيل اوباما دورا جديدا لم يكن متوقعا وهو تحولها الى قوة سياسية.
وطوال فترة الحملة، كانت ممثلة مفعمة بالطاقة للمرشحة الديموقراطية، وشنت في تشرين الاول/اكتوبر هجوما لاذعا ضد منافس هيلاري الجمهوري.
وتقول جينفر لوليس "أمضت ثماني سنوات وهي تنسج علاقة مع الشعب الاميركي الذي تعلّم الوثوق بها".
وفي مقابلة مع شبكة "سي بي اس" التلفزيونية، أقر الرئيس المنتهية ولايته بان زوجته تتطلع للعودة الى الحياة الطبيعية.
وقال اوباما "ميشيل لم تكن تحب ابدا ان تكون تحت الاضواء، وهذا امر يتناقض مع الواقع، بالنظر الى مدى موهبتها".
وكررت ميشيل اوباما مرات عدة انها غير مهتمة بمسيرة سياسية. لكن هل يمكن ان تتبع مثال هيلاري كلينتون وتطلق حملة في مرحلة لاحقة؟
وتقول جنيفر لوليس "في غضون 12 عاما واذا كان مقعد سناتور ايلينوي لا يزال شاغرا وليس هناك مرشح للديموقراطيين، من يعلم ما سيحصل؟ الحياة تتغير وهي لا تزال شابة.".