صبري الربيحات يكتب لرؤيا: الشغالة سافرت

الأردن
نشر: 2017-01-08 06:01 آخر تحديث: 2017-12-26 13:45
تعبيرية
تعبيرية


العبارة التي تسمعها كثيرا في اوساط الاسر التي اصبحت مفردة الشغالة جزء من مفردات الحديث بين افرادها اليومي بعد ان باتت اكثر من 60الف اسرة اردنية تعتمد اعتمادا شبه كامل على عاملات المنازل في اداء كافة الادوار المتعلقة بالتظافة وغالبية ادوار العناية بالصغار واعداد الطعام والكثير من متعلقات خدمة الضيوف والتعزيل وادارة المنزل.
اشارة ربات البيوت الى سفر الشغالات ياتي في سياق الشكوى من تراكم المسؤوليات وتبرير الانشغال وربما الغياب والتغير في الروتين الاعتيادي لنشاط الاسرة اضافة الى الطلب الضمني من الاخرين ان يلتمسوا للسيدة الجليلة واسرتها العذر عن التقصير في الواجبات الاجتماعية التي تاخروا او قد يتاخروا عن القيام بها.


إقرأ أيضاً: صبري الربيحات يكتب لرؤيا: سنة جديدة,,, وهموم مزمنة



استخدام العاملات في المنازل ظاهرة قديمة جديدة فقد اعتادت بعض الاسر الاقطاعية ان تستعين بالعمالة النسوية في اداء بعض المهام المنزلية كاعداد الطعام والتنظيف والمهام التي تحتاج الى ايادي اضافية. وقد كانت القليل من العاملات يقمن في البيوت التي يعملن بها مما جعل من الاستخدام اقرب ما يكون الى العمل الجزئي المؤقت.
في سبعينيات القرن الماضي وبعد حدوث الطفرة الاولى في اسعار النفط في الخليج العربي تزايدت اعداد المهاجرين الاسيويين من الرجال والنساء لبلدان الشرق الاوسط طلبا للعمل في العديد من الادوار والوظائف الاقل جاذبية للاهالي والعرب مما اسهم في ولادة مهنة العمل المنزلي في كل من الكويت والامارات العربية والبحرين والسعودية وقطر وامتدت الظاهرة لبعض البلدان العربية غير المنتجة للنفط فيما بعد لتظهر في كل من لبنان والاردن.
لسنوات طويلة جاءت غالبية النساء العاملات في المنازل من البلدان الاسيوية المصدرة لها حيث تفوقت الفلبين وسيرلانكا واندونيسيا وبنغلادس الى ان دخلت بعض الدول الافريقية على سوق التصدير لها بعد ان انضمت اثيوبيا وكينيا وغينيا الى قائمة الدول المصدرة لها.
خلال التسعينيات من القرن الماضي وفي اعقاب انعقاد مؤتمر بكين والبحث في مفردات البرنامج العالمي لالغاء كافة اشكال التمييز نحو المرأة ظهرت عمالة المرأة واوضاع النساء العاملات في المنازل كاحد اهم الظواهر التي بات على المنظمات النسوية والمدافعين عن حقوق الانسان تناولها.
وكنتيجة لذلك قادت منظمة اليونيفم المعنتية بقضايا المرأة بعقد حوار بين الدول الاسيوية المصدرة للعمالة المنزلية ودول غرب اسيا المستقبلة لها في مسعى يهدف لتحسين بيئة وشروط عمل النساء وتشكيل شبكة من الدعم والاسناد اللازم لتوعية الاسر المستقبلة للعاملات باحتياجات وحقوق العاملات وقد كان لي شرف المشاركة في الحوار كخبير الى جانب رئيسة فرع المنظمة الاممية الراعية لهذه الجهود في غرب اسيا الدكتورة هيفاء ابوغزالة.
في اللقاء الاول بين خبراء هذا النوع من العمالة الذي انعقد في كاتمندو عاصمة نيبال بعد ان تعذر انعقاد الاجتماع في عاصمة سيرلانكا ابدت الدول المصدرة لعاملات وعمال المنازل العديد من القضايا التي تقع تحت باب الاساءة والاستغلال وانتهاك الحقوق والكرامة لهولاء الاشخاص الذين تدفعهم الظروف للمغامرة والتوجه الى بلدان يجهلون ثقافتها ونمط حياة اسرها دون توفر مضلة تشريعية ورقابة دقيقة لحصولهم على حقوقهم كعاملين وكاعضاء في المجتمع الانساني
فغالبية العاملات يأتين من بيئة زراعية ذات مناخ مختلف نسبيا وجهل كبير بالثقافة و نوعية الاطعمة والعادات وجهل باستخدام وتشغيل الكثير من الوسائل والادوات في بيوت الاسر ودون تهيئة او تدريب او سابق معرفة باللغة والطباع والمزاج. بالمقابل تتوقع الاسرة المستخدمة للعاملة الجديدة ان تباشر مهامها حال الوصول وان تعمل على تلبية رغباتهم وتستوعب عاداتهم وتتفهم احتياجاتهم باقل قدر من التوجيه والايضاح كما تتوقع منها ان تتكيف لتلائم عاداتها مع عادات الاسرة في اللباس والاكل حيث تتعرض لوابل من المطالبات من كافة الافراد في الاسرة دون اي اعتبار لحاجتها للنوم والراحة والخصوصية وقد تتعرض للصرب والاهانة والاهمال ونقص الرعاية الغذائية والصحية والاستعلال باشكال مختلفة.
في العديد من الاسر كانت العاملة اخر من يخلد للنوم واول من يصحو ليقوم بكل ما يحتاج له افراد الاسرة قبل انطلاقهم للعمل ولا يوجد للعاملات حقوق واضحة في الاجور والاجازات والطعام والعلاج واللباس والخصوصية الامر الذي ادى الى هروب العشرات من العاملات سنويا وانتحار ومحاولة انتحار البعض في ظروف غير معروفة تماما.
اليوم تحسنت اوضاع العمالة المنزلية نسبيا بفضل نمو خبرة الاسر المضيفة وتبني بعض الدول المصدرة لبرامج تهيئة للعاملات قبل المغادرة واتباع مكاتب الاستخدام لسياسة استمزاج الاسر حول مواصفات العاملة وتعريفهم عليها قبل الاستقدام . لكن هناك مشاكل وتحديات تترك اثارها على الاسرة والاطفال والعلاقات الاجتماعية والثقافة, فقد اصبحت العاملات تقوم بكافة ادوار الامهات بما في ذلك تقديم الحب والاهتمام بالاطفال والاشراف على غذائهم وتربيتهم والاطلاع على علاقاتهم وتعديل سلوكهم. بعض الاطفال في اسرنا يتعلمون الصبر والمثابرة من العاملات وتتاح لهم فرص المقارنة بين الصبر والصفاء الذي يعتبر سمة اسيوية مع الضجر وحدة المزاح والميل للملل الذي يعتبر خاصية شرق اوسطية.

أخبار ذات صلة

newsletter