في قصة يتندر بها زميل لي عن صناعة النجوم في مجتمعنا ، يروي لي كيف أن احد المواقع الألكترونية استعانت بأحد مراقبي الكاميرات في ذات المبنى ، ليقدم تحليلاً سياسياً عما يجري في المنطقة من كوارث ونوازل ، وأن هذه الاستعانة كانت على سبيل التندر ، ولكن الأيام شاءت بأن يصبح اللهو جدٌ ، فيبدو أننا في زمان اللهو في كثير من المجالات والتشعبات التي أتعبتنا.
فمراقب الكاميرات مع الأيام أصبح محللاً في أحد أكبر المحطات الفضائية العربية ، وبات " محلل" له صولجانٌ وحضورٌ ولم يبقى لزميلي وصحبه سوى التندر حول ما جرى وما كان.
ترى ، كم هي ذات القصص التي تتشابه في مجتمعنا ؟ ، وكم هو حجم النجوم الذين صنعهم الإعلام بكافة وسائله ، واكتشفنا كأناسِ عاديين أنهم لم يكونوا سوى نجوماً بلا وميض ، خصوصاً وما شهدناه في السنوات الأخيرة من ثورة في الاعلام الرقمي ،والتي باتت أمواجها تحمل لنا كثر من الأسماء التي خف وزنها وسهل حملها فجاءت لشواطئنا كنخبة ، في حين ابتلعت ذات الأمواج كثيراً من الملئى فكرياً وأصحاب الرؤى ، بما يعبر عن مدى الاختلالات التي أصابت مجتمعاً يحمل مفاهيم الاحترام للعلم والثقافة ، وغيرها من المعايير التي يصح أن يبقى بعضها ، ولكننا في هذا الزمان نعيش حالة مغايرة عن كثير من أزمانٍ يعبر عنها قول عربي قديم ، بأن أنزلوا الناس منازلها ، ولكننا أنزلنا من يستحق ورفعنا بعضاً من " نجوم" أو " نخبة " لا تملتك شيئاً سوى الكليشهات أو الثرثرة ، وهل يا ترى هذه حالة طبيعية وبداية أي تغيرٍ محدث ، كما هو الحال والثورة الرقمية ، وستهدأ وسيعود المجتمع ينتقي نخبته باتقان ، ومن رحم الفكر والعقل والهم الذي يصاحبه .
انها حاجة ، فالمثل الأعلى ، أو النخبة ، أو الانتلجنسيا ، ليست ترفاً في المجتمعات بل هي إلهام ، ورموز تحدد معايير التوجهات الاجتماعية ، وحتى لا نصنع من هم عبء علينا ، علينا أن نصنع من نحن وهمومنا وأحلامنا عبءٌ عليهم.